الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 22nd November,2004 العدد : 84

الأثنين 9 ,شوال 1425

مع شاعر القُطرين في وداعِهِ للشباب!!
وشاعر القطرين هو (خليل مطران) شاعر يعلو بآثاره الأدبية والشعرية على كل تعريف.. قال عنه عميد الأدب الراحل : (أعجبت بشعره أول الأمر ثم فتنت بخلقه فتوناً وشغلت بالرجل عن الشاعر.. كان أديباً يعيش للأدب ولا يعيش بالأدب)..
عمد إلى التجديد في الشعر العربي وسجل مواقف مثيرة في هذا المجال.. فقد كان مؤهلاً للتجديد الشعري في فكره وفي مداركه وملكاته الشعرية والأدبية وكان الشعراء من حوله يتهيبون أن يخوضوا في هذا اليم لأنهم غير مسلحين بالسلاح الذي يتقلده (الخليل) لذلك توفرت لديه الجرأة الأدبية والنفسية لأن ينادي بالتجديد الذي يشمل في تصوره للنتائج المنتظرة : الأسلوب الشعري والأهداف المعنوية للنظم ولهذه الغاية ذهب عميد الأدب إلى تأييده في دعوته وكتب إليه يقول: (فأنت قد علمت المقلدين كيف يرتقون بتقليدهم عن إفناء النفس فيمن يقلدون.. وأنت قد علمت المجددين كيف ينزهون أنفسهم عن الغلو الذي يجعل تجديدهم عبثاً وابتكارهم هباءً)..
وفي المجال التحليلي لنماذج من آثاره يجد الدارس لشعر (الخليل) وقد بلغت سنُّه حداً سئمت معه تكايلف القريض ووحيه وإلهامه ينكر على خواطر الشعر أن تتصيده وعلى بلابله أن تحوم حول حماه وذلك لسبب في نظره ونظرته وجيه وهو أن الشعلة التي كانت تثير قرائحه وجداول شعوره وفيضه أيام كان الشباب وما يلفه من متع يحيط جوانب حياته بتلك الشعلة الوهاجة بالأمس قد خمدت اليوم وانطفأ سناها ولم يبق له ذلك الطرب الذي كان يصدح به وجدانه.. ولذا أرسل (الخليل) قطراته العاطفية منشدة هذا النشيد الكئيب:
ماذا يريد الشعرُ مني
أخْنى عليه علوُّ سنّى
خمدت بي النار التي
رفعت بعين العصر شأني
هي شعلة كانت تثير
قرائحي وتنير ذهني
أيام لي طرب وقلبي
مَوقعُ السهم المرنّ
ثم يصحو بعد هذه الغيبة الموجعة ليسأل عذاله ولائميه ممن لا يكفون عن تكاليفه المبرحة رغم مغادرته ظل الخميلة بأن يرفقوا بضعفه ورقته فقد جاوزه وصحبه ربيع العمر المخضب وتولاه المشيب بآهاته:
(يا من يحملني تكاليف الشباب ارفق بوَهْني
زمني تولى والألى عمروه من صحبي فدعني
ولّى الربيع وجفّ عودي وانقضى عهد التغني)
ويحكم (الخليل) على نفسه بعد أن تولى ربيع عمره بأنه فقد العناصر الموحية له بالشعر وعدم النبع الذي كان يستقي منه إلهامه وشعوره الناطق.. ومع هذا الجفاف فإنه لا يزال يعمل لغيره خوفاً من أن تلاحقه شماتة الشامتين فتشبهه بالرحى التي تدور وتدور ولكنها لا تطحن شيئاً ويكد عوده الجاف ويكد، ولكنه كالنحلة تسعى وتنتج ليجني غيرها ويستطعم بما يجني.. وهو مودِّع بإرادة ورضى منتدى الشعر ومحفله ليخلو لسواه من الطامحين إليه:
وعدمت لذات الرؤى وعدمت لذات التمني
فعذيره خوف التشبه بالرحى من غير طحنِ
ويكد كد النحل وهي لغيرها تسعى وتجني
أُخلى مكاني للذي يسمو إليه بغير حزنِ

عبدالله إبراهيم الجلهم

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved