الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 22nd November,2004 العدد : 84

الأثنين 9 ,شوال 1425

في مكتبة (الأسكوريال) مؤسس المخطوطات الأندلسية
صفحات مضيئة من تراثنا
عبد الله بن حمد الحقيل
تزدان الكثير من المدن الإسبانية بالآثار الإسلامية، وأحرص في كل رحلة الى اسبانيا على زيارة كل ما يعبر عن تلك المعالم والأمجاد، وبعد زيارة تلك المرابع الأندلسية أذهب الى مدريد وهي مدينة حافلة بالمعالم السياحية والمشاهد الأثرية ومكتبة الأسكوريال.. والمكتبات في كل أمة عنوان تطورها ودليل رقيها.. فهي تؤدي أصدق خدمة وأجلها إذ تسهم في تكوين الحاضر والتهيئة للمستقبل وتتحف عشاق المعرفة بالعلوم والمعارف فيحرص كل فرد مهتم بالمعرفة على زيارتها.. حيث ان شهرتها تجذب الناس اليها خصوصاً أنها تمتلئ بتراث ضخم من الكتب النادرة والمخطوطات القيمة التي يعد ينبوعها ثراً للحضارة الإنسانية والثقافة العالمية. ثم أخرج نحو مدريد القديمة ومراكزها الأثرية.. كما أقوم بزيارة لبعض الأمكنة والميادين القديمة فيها، ذات القيمة التاريخية وجولة في ضواحيها وأطرافها البعيدة والقريبة والمركز الإسلامي الثقافي الذي له نشاط ثقافي ومجلة دورية تعنى بالبحوث التاريخية باللغتين الاسبانية والعربية.
وفي صباح اليوم الثالث أتوجه نحو الأسكوريال إذ قطعنا حوالي خمسين كيلا فوصلنا الى تلك المنطقة التاريخية التي يعتبرها الاسبان إحدى عجائب العالم حيث تضم القصر والمقبرة الملكية والدير والمدرسة الملحقة بها وبها أمكنة مختلفة وبعد تجوال في المنطقة، توجهنا نحو مكتبة الأسكوريال الشهيرة التي يوجد بها بقايا التراث الأندلسي الفكري وهي تقع في الجهة اليمنى من القصر وتضم بهواً واسعاً تعرض فيه مجموعة من المخطوطات التي تحتويها المكتبة التي منها مصحف كان لأحد سلاطين المغرب.
كما قابلت عدداً من الباحثين المغاربة يحققون بعض الكتب وينسخونها ورأيت باحثاً عربياً معه مجموعة من المخطوطات منها كتاب (نظم الفوائد وحصر الشرائد) للمهلب بن حسين بن بركات المهلبي المتوفى سنة 584هـ وهي منظومة في الأشباه والنظائر النحوية وغيرها من المخطوطات في مختلف أنواع العلوم، كما رأيت أحد الإخوة من جامعة الملك عبدالعزيز وقد كان مبتهجاً في العثور على مخطوطة جاء للبحث عنها وبدأ بنسخها ومقابلتها بأصلها.
ومكتبة الأسكوريال ليست غنية من الناحية الكمية فهي تحوي أكثر من سبعين ألف مجلد ولكنها غنية بما تحويه من نوادر المخطوطات العربية واللاتينية واليونانية والعبرية وغيرها، إذ تبلغ نحو عشرة آلاف مخطوط، ويبلغ ما تحتويه اليوم من المخطوطات العربية ألفي مجلد على حد تعبير أمين المكتبة.
وهذه المكتبة التي تجذب اليوم محتوياتها جمهرة الباحثين من سائر أنحاء العالم كانت في بدايتها تتكون من المكتبة الملكية الصغيرة ومما كان يشتريه سفراء الملك فيليب من المخطوطات العربية التي جمعت من غرناطة بعد سقوطها.
ومن سائر المدن الأندلسية ثم زادت هذه المجموعة العربية زيادة كبيرة في عصر فيليب الثالث حينما استولت السفن الاسبانية في مياه المغرب سنة 1612م على سفينة مغربية كانت تنقل مكتبة سلطان مراكش وقوامها ثلاثة آلاف مجلد في مختلف العلوم والآداب والفنون، وبذلك بلغت المجموعة العرلبية في الأسكوريال في أوائل القرن الرابع عشر نحو عشرة آلاف مجلد ثم في عام 1671م شب حريق في القصر قضى على جلها من الكتب فلم يبق سوى ألفي مجلد هي التي توجد اليوم في المكتبة.
بعد تمضية بضع ساعات في داخل القصر ومشاهدة المتحف واللوحات والمكتبة توجهنا بعد ذلك الى وادي الشهداء الذي لا يبعد إلا قليلاً من الأسكوريال.
ثم غادرنا المنطقة وأخذنا طريقنا نحو العاصمة مدريد بين جبال خضراء وكنت أقوم انطباعاتي عن الأندلس ماضيها وحاضرها في ضوء ما شاهدته في الأسكوريال وتذكرت ما سبق أن قرأته عن حرص الاسبان على إخفاء التراث والآثار الإسلامية عن نظر كل باحث حيث كانوا يخشون أن يتسرب الإسلام إلى تفكير وروح أبنائهم فدفنوا الكتب في هذا القصر الذي صار اليوم مزاراً للسياح ومرتاداً للباحثين عن التراث العربي الإسلامي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved