الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 22nd December,2003 العدد : 40

الأثنين 28 ,شوال 1424

أثر خفيف
جذور العنف وتجلياته«2»
علي العمري

تسعى ارندت إلى طرح تصورات لاعنفية للعمل السياسي مبدية اختلافها مع التنظير الذي يعطيه الفكر الثوري باعتباره عدواً للمجتمع البرجوازي للعنف سواء كان جورج سوريل الذي حاول الخلط بين الماركسية وفلسفة برغسون الحياتية وتوصل به تنظيره إلى اقرار الاضراب العام كأقصى درجات العنف اوجان بول سارتر الذي خلط بين الماركسية والوجودية وتوصل إلى ان «العنف الذي لا يمكن قهره انما هو جوهر الانسان أو حتى فرانز فانون وكتابه «معذبو الارض» كما أنها ترفض أي محاولات تذهب بالبحث في مسألة العنف إلى الاصل البيولوجي للإنسان وقواسمه المشتركة مع الحيوان وتعتبر ذلك اسقاطاً للفكر العضوي على المسائل السياسية رغم ادراكها لحقيقة التنامي الذي يبدو ظاهريا وكأن من المستحيل التصدي له، في التقنيات والآلات، لا يكتفي الآن بان يهدد بعض الطبقات الاجتماعية بالبطالة، بل يهدد أيضاً وجود أمم بأسرها، بل والنوع الانساني كله بالتالي، فلا يكفي ان تعول ارندت على الوسائل التوعوية بحقيقة الدمار الكلي الذي يحيط بالانسان في ظل التطور الفائق لتكنولوجيا القتل الذي يمكن للاجيال الناهضة ادراكه ولا بالاحساس المقلق بالمستقبل ذلك ان كل آليات الدمار والقتل وتكنولوجيا العسف والهيمنة انما هي منتج العقل البشري الاكثر نضجا والالمع ذكاء، وبالطبع لا تكفي اعتراضات ارندت على التنظير الثوري للعنف والتي تبدو كما لو كانت اعتراضات نفسية أكثر منها فكرية حيث يبدو ان ارندت كانت واقعة تحت ضغط الحرب الباردة وخشية اندلاع حرب نووية لذا كانت متشائمة من التقدم المفرط للبحث العلمي ومعترفة ببعض إشكاليات الفكر الليبرالي الذي «يزاوج بين ولاء مطلق لفكرة التقدم، وبين رفض مطلق لتمجيد التاريخ انطلاقا من مصطلحات ماركس وهيجل مع انها المصطلحات الوحيدة التي يمكنها ان تبرر فكرة التقدم وتضمنها».
والسلطة كما توضح ارندت باعتبارها اداة للحكم سواء ليبرالياً اوماركسياً يظل العنف اداتها الابرز والاخطر فليست الدولة عند ماركس سوى اداة للقمع بيد الطبقة الحاكمة، كما ان ماكس فيبر ينظر إلى العنف باعتباره اداة الدولة المشروعة، واذا كان العنف تجلي كل سلطة فانه لابد ان يختلف باختلاف شكل الحكم على ان البيروقراطية تظل أسوأ أشكال الحكم وحتى أسوأ من الدكتاتورية كونها بتعبير ارندت حكم اللا أحد الذي تضيع عبره المسؤولية.
ان السلطة في بعدها السيكولوجي تمنح المسيطر بحسب جوفينيل ذلك الشعور باللذة في اخضاع الغير، على ان سارتر يذهب ابعد من ذلك حينما لا يخرج أي علاقة انسانية من وطأة المازوشية أو السادية مما يجعل العنف كامناً جوهرياً في العلاقات الانسانية حتى وان كانت ارندت لا تؤمن بالبعد الحيواني للعنف داخل الانسان ولا تريد اخراج العنف من الحقل السياسي.


alialamri8@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved