* وما دام أن شاعرنا تحدث فيما لا يعنيه، فليس بد أن نحاوره فيما ألقى به من حديث طويل، المنشور في المجلة الثقافية الصادرة عن الجزيرة بتاريخ 24-11-1426هـ شمل قضايا كثيرة منها تراجع أنصار الحداثة وقصيدة النثر بخاصة، غير أن شاعرنا ألقى بكلام غير مؤكد، أنه صدر عن جماعة الحداثة وأنصارها، وبالتالي فإنه لا يعوّل عليه، وإنما أنصار الحداثة يتطلعون إلى ما بعدها من إفرازات الثقافة الحديثة، ولم نسمع من أحد منهم أنه تراجع سوى ما جاء على لسان الدكتور الشاعر.. وأريد أن أؤكد له أنني لست ضد الشعر العمودي، شريطة أن يكون شعراً بكل هذا المعنى، فنحن ما زلنا نقرأ الشعر القديم وفي طليعتهم المتنبي ونتذوقه ونطرب به، ومن في مستوى المتنبي شاعراً ومنشداً وحكيماً. |
* ويقول الشاعر الدكتور: (وأعتقد أن الحياة كلها شعر، لأنها تقوم على شيء من الواقعية وتقوم على شيء من الخيال، ولولا وجود الخيال لما اتسعت آفاقنا، ولما كان هذا العالم قد توصل إلى مستوى غزو الفضاء).. وما قاله الدكتور الشاعر ربما كان شيئا جديدا من مبتكراته، فإذا كانت الحياة كلها شعراً، إذاً لا حجة إلى العلوم، وتصبح شعراً ينشد ويلاك حتى الاختراعات العلمية لا تنهض بدون الشعر، ولا العلوم الدينية لابد أن تصاغ شعراً، لكن من أين لنا شعراء ينهضون بهذه المهمات، وقد تتعطل الحياة، إذا لم ننتج شعراً يبني لنا كيان حياتنا، وهل التجارة والمال والأرباح إلا إفرازات شعر وشعراء!؟ أما أن يكون الشعر المتعارف عليه هو الشعر الكلاسيكي وشعر التفعيلة، على حد تعبير الشاعر الباشراحيل.. لكن رأيه هذا أحادي، فالشعر شعر على أي صفة نسج، والعواد يعتبر رائد الشعر الحديث في الجزيرة العربية، وشعراؤنا اليوم كتبوا الشعر المرسل والشعر الحر والشعر المنثور فهل هذه الأنماط من الشعر لا تسمى شعراً وبالتالي لا تعجب رائد الشعر الكلاسيكي!؟ |
* لم أر الشاعر المتحدث أجاب عن سؤال محاوره، والسؤال في العمود الثاني من صفحة الحوار، الذي بدأه السائل بقوله: (هل ترى أن ثمة رجلا - إن صحت الكلمة - من قبل النقاد السعوديين قام بقراءة تجربتك، وبشكل أو بآخر أين يضع الشاعر عبدالله باشراحيل نفسه في حركة الشعر السعودي الراهن بالنسبة لمسألة المجايلة، بالنسبة لمسألة النقد وعلاقته بالشعراء السعوديين الآخرين.. هل هناك إضافات، هل هناك نوع من المرحلية الشعرية الخاصة؟؟).. لم يجب الباشراحيل على السؤال بشيء وإنما سرح يتحدث عن الشعر حديثا نعرفه ويعرفه القارئ النابه، نجد أن المحاور ساير المتحدث - بلا مقاطعة - ليقول له: إنك لم تجب على السؤال! |
* وإنه ليسرنا أن يصبح في بلادنا منتدى - يشار إليه بالبنان - واهتمام الصحافة به شيء يسعد ويسر، وأن يرقى بالأمة على مستوى العالمية، وأن يصل إلى الفكر العالمي، وترقى بالتالي جائزته إلى مستوى أو أحسن من جائزة نوبل، إذا علمنا أن جائزة نوبل سياسية، فلماذا لا يكون لمنتدى في بلادنا جائزة غير مسيسة وغير محكومة بهوى، وإنما هي خالصة للأدب العالمي وفي طليعته الشعر الموزون المقفى.. وما عجزت عن تحقيقه الأندية الأدبية التي ضرب بها الباشراحيل المثل عن التواصل، رأي خاطئ، إذ كيف تتواصل أندية رياضية تتزاحم على الفوز، وكل فريق يطمح أن يكون هو الذي في الصدارة؟ الشاعر سرح مع خياله الذي يريد أن يبني الحياة به وحده، فضرب مثلا خاطئاً، لأنه يتحدث من فراغ في خبط عشوائي. |
* إن ما يؤخذ على شاعرنا أن خياله شطح به، فصور له كما جال فقال: (إنما كل واحد أخذ النادي وكأنه ملكية خاصة مملوكة له، وأصبح الرئيس هو المهيمن، وأصبح الرئيس هو كل شيء، وما عداه فقط هم مجموعة من الأشخاص يحضرون يوقعون على ما يريد الرئيس)، ثم تلا هذا العبث الرخيص بقوله: وهذه كارثة إذا لم نلحظها ونولها العناية والاهتمام، سوف تسعى هذه التراكمات النفسية والأدبية والهموم التي تنتاب الكثير من أدباء الوطن، سوف تؤدي إلى الإحباط واليأس، وأننا أمة تكاد تبيع تراثها). |