ويقول نزار قباني في قصيدته (وفاة العرب): |
أحاول أن أتبرأ من مفرداتي |
ومن لعنة المبتدأ والخبر.. |
وأنفض عني غباري |
وأغسل وجهي بماء المطر... |
أحاول من سلطة الرمل أن أستقيل.. |
وداعا قريش... |
وداعا كليب.. |
وداعا مضر.. |
أحاول منذ بدأت كتابة شعري |
قياس المسافة بيني وبين جدودي العرب |
رأيت جيوشا.. ولا من جيوش.... |
رأيت فتوحا... ولا من فتوح.... |
وتابعت كل الحروب على شاشة التلفزة.... |
فقتلى على شاشة التلفزة.... |
وجرحى على شاشة التلفزة. |
ونصر من الله يأتي إلينا على شاشة التلفزة... |
ويقول أحمد مطر: |
ما تهمتي... تهمتك العروبة... قلت لكم ما تهمتي... قلنا لك العروبة.. يا ناس قولوا غيرها.. أسألكم عن تهمتي ليس عن العقوبة. |
ويقول في نص آخر: |
الإعدام أخف عقاب... يتلقاه الفرد العربي... أهناك أقسى من هذا؟... طبعا.. فالأقسى من هذا.... أن يحيا في الوطن العربي!! |
أما القسم الثاني فكان الموالي للأنظمة الثورية وتحددت مهامه في عمليات تجميل وجه القومية الذي حرقته هزيمة 1967م، وبعد سقوط الأنظمة الثورية، لفّت هذه النخب حبلها على بلدان (النفط)! |
هذا التقسيم أخرج وعي الشخصية العربية بهمومها وإشكالاتها المادية والتعليمية والتنموية من دائرة اهتمام النخب الثقافية. واختلاف محتوى وعي الشخصية الشعبية الواقعي عن محتوى وعي النخب الثقافية الفوقي والمخادع، أدى إلى أزمة عدم التطابق بين حدّ التلاؤم ومقاربة الواقع ما بين الوعي الفوقي للشخصية النخبوية بشقيها السياسي والثقافي والوعي الواقعي للشخصية الشعبية. |
ومن الأزمات التي افتعلتها النخب الثقافية العربية الدكتاتورية أزمة النفط عندما قسمت وعي الشخصية العربية بدرجاتها المختلفة إلى كائن نفطي وكائن غير نفطي، مجتمع نفطي ومجتمع غير نفطي، ثقافة نفطيّة وثقافة غير نفطية، مضيفة نوعاً آخر من التشطيرات للوعي العربي (التي لم تجلب للعرب غير الفرقة) - مساءلة الهزيمة - محمد جابر الأنصاري - ص69، وأعطى هؤلاء المثقفون أنفسهم حق تقويم المجتمعات النفطية وخاصة المجتمع الخليجي، كونهم مجتمعات بدوية لا تقدّر قيمة هذه الثروة، مسفهة كل سلوك ناتج عن أصحاب المجتمعات النفطية، مبلورين قاعدة سلوكاتهم (الذين لا تحتوي رؤوسهم إلا على ما يطلبه البطن والفرج)، وإن كان ذلك جزءاً من الحقيقة لكنه لا يمثل الحقيقة كلها (واختزالها بهذا الشكل لا يزيد الصورة السريلبية العربية الشاملة إلا تشوشاً) - مساءلة الهزيمة - محمد جابر الأنصاري - ص 76 ومسطّحين كل فكر ناتج عن أصحابه، وكأنهم هم من يمثلون الفكر الأعلى والسلوك الأرقى وهم مجرد ثلة من المرتزقة، يسيرون في ذيل كل من يدفع لهم، يبيعون أوطانهم من أجل حفنة دنانير. إن الاعتبارات التي يقدمها هؤلاء المثقفون المرتزقة، في تقويم المجتمع الخليجي النفطي، بأنه تقدم شكلاني، لكن بنيته الأولى ما زالت معفرة بتراب البداوة وبروث الأغنام وبخشونة الصحراء، وبجاهلية العصبية، أنستهم في ضلال غرورهم أن المجتمع الخليجي النفطي استطاع في سنوات أن يحقق من التقدّم التنموي ما عجزت عنه المجتمعات الثورية. أما فيما يتعلق بمشكلات المجتمع الخليجي من غياب للديمقراطية والبطالة وحقوق المرأة، فهي مشكلات تشترك فيها كل المجتمعات العربية، ولعل المنطق يحاكم المجتمع الأقدم في إخفاقه في حلّ مشكلاته. |
|
seham_h_a@hotmail.com |