الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 23rd February,2004 العدد : 47

الأثنين 3 ,محرم 1425

«الثقافية» تحاور الشاهد الذي عاش (حكاية الحداثة) في المملكة:
ردود الفعل تنبئ عن المخبوء والمخاوف والمضمر ..!

* الثقافية علي سعد القحطاني:
تأتي حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية من شاهد عاش الحكاية بكل تفاصيلها وكان محوراً أساسياً في صراعاتها ،وكان كتابه (الخطيئة والتكفير) علامة عليها ف (حرّك) هذا الكتاب ما (سكن) في ثقافتنا المعاصرة التي تدأب دائماً في (تسكين المتحرك) وتتوجس خيفة من (المشاريع الثقافية الجديدة) التي تهدّد ذاتها وتقلق مضاجعها فمن أجل ذلك ظلت تنافح هذا (الطارئ) وتكيل له الاتهامات الجاهزة.. وتعمل على مصادرة (أفكاره) وتتهمه ب(المؤامرة) و(التخوين) و(اللافكرية) وتأتي هذه الشهادة من الدكتورعبدالله بن محمد الغذامي الذي عاش الحكاية منذ أكثر من عشرين عاماً فقرأ (ردود الفعل) التي أحدثتها تلك (الموجة الجديدة) والذي ظل المجتمع في نسقيته يرفضها بحجة أنها تقود إلى (عالم مجهول) و(المجلة الثقافية) تسعد باستضافة الدكتور عبدالله الغذامي لتثير معه (الأسئلة) التي ان ينشدها في كتابه بدءاً ب(الحكاية الملحمية) وقراءة في (ذهنية المجتمع المحافظ) و(المحاور المثالي) في شخصية (الشيباني) وتخلّى النقاد عن دراسة (الحداثة) و(الاتهامات) التي تساق ضد (الحداثيين) مروراً بالحديث حول كتابه (الخطيئة والتكفير) الذي استقطب أشد أنواع الهجوم و(أزمة المصطلحات) كما نعت الضيف الكريم خصوم هذا الكتاب ب(الأنماط الحداثية الهشة) التي لاتنبئ عن (حداثة حقيقية) وتحدث عن (حمزة شماتة) و(الأكاديمية) و(القارئة) كما أشار الغذامي إلى أن مرحلة (مابعد الحداثة) بحاجة إلى كتاب آخر كما تحدث عن مشروع بحثه القادم حول (ثقافة الصورة).
حكاية ملحمية
* ما الذي يجعل حكاية الحداثة في المملكة، حكاية ملحمية غير عادية..؟
الذي يجعل حكاية الحداثة في المملكة حكاية ملحمية هو أننا في المملكة وطبعا في العالم العربي عموماً، لكن في المملكة على وجه أخص، نحن مجتمع محافظ ، فالحداثة حينما تأتي إلى مجتمع محافظ يصبح الوضع غير طبيعي، وبالتالي فمن المهم أن نتعرف على الطريقة التي يتعامل بها المجتمع المحافظ مع طارئ ثقافي هو (الحداثة) وذكرت في الكتاب أن (المحافظة) في المملكة، ليست فقط صفة لمجتمعنا، ولكن صفة مطلوبة أيضاً من مجتمعنا حتى في العالم العربي مثلا يتصورون أن المملكة العربية السعودية مجتمع وبلد محافظ، وقد يقبلون (الحداثة) في المغرب، ومصر وسوريا لكن لايريدون أن تكون الحداثة في المجتمع السعودي، يرون أنه المخزن والمستودع للب الثقافة العربية، فصيغة المحافظة صفة من جهة وهي مطلوبة من جهة أخرى فإذن أن تحدث موجة (الحداثة) في هذا المجتمع (المحافظ) تصبح المسألة غير عادية، مسألة تحتاج إلى وقوف للقراءة من جهة، وللتعرف على معالمها من جهة أخرى.
عام وخاص
* هل الكتاب يتحدث بشكل عام عن حكاية الحداثة أم يتحدث عن حكايتك الشخصية معها؟
هي تشمل القطبين، جزء من الكتاب يتحدث بشكل عام وجزء منها خاص وقسمت المرحلة إلى ثلاث مراحل، الموجة الأولى، الموجة الثانية، الموجة الثالثة، ونجد أنه في الموجتين الأولى والثانية كانت هذه عامة حركة المجتمع كله، يعني سواء ببعدها الإداري أو الاقتصادي أو الاجتماعي ومظاهر اجتماعية مثل مظهر (الطفرة)، مظهر ظهور (المثقفة) هجرة الأرياف، بناء الهجر بالنسبة للبادية، تأسيس (الوحدة) وظهور أفكار جديدة في المجتمع، تعامل المجتمع مع اقتصادياته الجديدة ما قبل الطفرة وفي مرحلة الطفرة وهذه كلها أمور جرى الوقوف عليها لأنها تنبئ عن حالة من الاحتكاك مع (المتغيرات)، ثم الموجة الثالثة، وهي تمثل ظهور (النظرية النقدية) والذي كان (الخطيئة والتكفير) علامة عليها، فهذا تغيّر نوعي، أنه بدأ يصير عندنا نظرية نقدية، وحدث ردود عليها ضخمة جداً، بدراسات بلغت أكثر من مائتي دراسة من كتب وخطب جمعة..الخ، فهذه كلها علامة على أن هناك نوعاً من الرفض لكن يعبر عن نفسه بطرق متنوعة، فكان من الضروري الوقوف على هذه الاحتكاكات، وجرى التعبير عنها عبر القصص التي أرى انها قصص ذات دلالة رمزية وليست مجرد أحداث.
الأضواء
* هل تريد ان تعود (وهج الأضواء) بعد اختفائها عنك من خلال هذا الكتاب؟
هذه ليست قضية مسألة الأضواء هل ظهرت أم اختفت، هل هي اختفت أم لم تختفِ اعتقد أنه لايمس السؤال الثقافي، ونجد أن الأسئلة الثقافية عادة تكون أسئلة جوهرية وما وراءها يصبح تابعاً لها وليست أساسية.
رياح التغيير
* كيف يمكن التعرف على الذهنية الاجتماعية والثقافية لمجتمع محافظ تواجه مع أصعب أسئلة الحداثة؟
يبدو أن أهم طرق التعرف هو قراءة ردود الفعل، ردود الفعل تنبئ عن المخبوء، تنبئ عن المضمر، تنبئ عن نوعية المخاوف التي يخافها المجتمع المحافظ ويظن أن هذا (الطارئ) يمثل هذه المخاوف، ففيه تحصينات ذاتية لبقاء المجتمع على سلامته، على هدوئه، على ماهو متعارف عليه في السابق وتحريك هذه الأشياء تدخل المجتمع إلى عالم من المجهول، وهو يتخوّف من هذا المجهول لأنه تعود على نمط من الحياة، على مدى قرون، وسكن هذا النمط وتغلغل في خلاياه وفي طرق تفكيره فإذا جرى التغيير فالسؤال حينئذ يكون ما الذي وراء التغيير، سيدفعنا التغيير إلى ماذا؟ وإلى أي منطقة، الأبعاد التي سيدفعنا إليها، فردود الفعل تنبئ عن هذه المخاوف، تأخذ ردود الفعل صيغاً متعددة، بعضها يرفض بغطاء ديني، بعضها يرفض بغطاء أكاديمي، بعضها يرفض بغطاء شخصاني، بعضها يرفض بغطاء وطني، إذن المهم أنها تتسمى بمسميات لكن هذه المسميات هي وجوه متعددة على نسق واحد الذي هو النسق المحافظ الذي لابد أن يحارب الطارئ ويحارب رياح التغيير ويتشكك بهذه الرياح.
الإلغاء
* أشرت في كتابك إلى أنه اثناء الإعداد لمهرجان الجنادرية 1989م كانت هناك فكرة للمشاركة في ندوة حول الحداثة مع الأستاذ أحمد الشيباني رحمه الله، هل تم الغاء هذه الندوة من طرف ثالث بناء على حساسية المجتمع آنذاك؟
الذي ألغى الندوة هو الأستاذ أحمد الشيباني نفسه واتصل بي شخصياً على الهاتف ، وقال: إنه لايريد هذه الندوة ويرى أنها قد تلحق ضرراً بي أنا شخصياً ولايريد أن يضعني في خطر المواجهة، هذا ما كان يراه هو ولم يكن تلك الرؤية مقبولة بالنسبة لي وحاولت أن اثنيه عن هذا الرأي إلا أنه أصر على عدم إقامة هذه الندوة وكذلك تبنى الدكتور عبدالرحمن السبيت رأي الأستاذ الشيباني، وبالتالي ألغيت هذه الندوة.
المحاور
* ما الذي كنت تنشده في (الشيباني) ك(محاور مثالي)؟
الشيباني أستاذ فلسفة والرجل ثقافة قوية جداً، ويعرف الأبعاد الفكرية والنظرية والمصطلحية وعنده ثقافة قوية وثرية في هذا المجال، من ناحية أخرى أنه كان خصماً لدوداً للحداثة، أضف إلى ذلك كونه متدرباً على الحوارات والنقاشات وقوي الشكيمة وعنده من الحجج واللغة ما يجعله محاوراًَ جيداً جداً فكان بالنسبة لي، مثالاً راقياً للمحاور من حيث علمه ومن حيث موقفه المناوئ ومن حيث قدراته الشخصية وكانت هذه مواصفات جيدة للمحاور ويندر أن تتوفر في كثير من الناس وكان فرصة ثمينة جداً أنه عبر هذا النوع من الحوار أنك توصل الحقيقة وراء هذا المشروع الحداثي، ويصل إلى الجمهور الذي يتطلع إلى المناطحات الفكرية وبالتالي تكون سبباً لحضور هذا الجمهور واستماعه وعبر الحضور والاجتماع تستطيع أن تشرح وجهة النظر، وهذا الذي كنت اتوخاه، لكن للأسف.
الابتعاد
* لماذا تجنب الدارسون وتخلى النقاد عن دراسة الحداثة كالدكتور مرزوق بن تنباك؟
بالنسبة لي ما أعتقد أن المجتمع عندنا من المفيد أن نتعامل معه بشروط الحساسيات، العلم والمعرفة يجب أن يتجاوزا سؤال الحساسية، والمفروض أنه يكون عندنا من الشجاعة والحكمة والإخلاص للفكرة مايكفي لتجاوز الحساسيات، لكنّ هناك أناساً يصنعون حسابات أخرى يرون أنه حساسية المجتمع ويرون أن فيه شروطاً للتوقيت، ويرون أن فيه شروطاً للجرعات التي تقدم، ونِسَب الكلام الذي يُقال، وأنا لم أكن أرى هذا الرأي ومازلت لا أرى هذا الرأي، وأرى ان الإنسان لديه من الشجاعة والحكمة قدر يكفيه أن يوصل رسالته وأن يدخل في الحوار وان يدرب المجتمع على الحوار، وأخطر شيء أن نظن ان المجتمع ليس جاهزاً للحوار فبالتالي لا ندربه على الحوار ونظل نظن هذا الرأي وبالتالي لايتدرب المجتمع أبداً ونحن بحاجة إلى تدريبه.
الاتهامات
* الاتهامات التي تساق ضد الحداثيين معتمدة على التشويه المتعمد والتهويل الغوغائي، كأشرطة الكاسيت وكتاب عاطفي.. يفتقد إلى المنهجية العلمية.. هل هذا ناتج عن غياب الفعل المضاد في التيار (الحداثي).
هو ناتج عن فكرة الصراع مابين النسق المحافظ وأفكار التغيير، فالنسق المحافظ من طبيعته أن يقاوم ، والصيغ التي استخدمت للمقاومة ليست خيارات فردية وان بدت خيارات فردية، لكن لو لم يتكلم صاحب الشريط، ولو لم يتكلم صاحب كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) لجاءا غيرهما، والواقع أنهما أصلا جاءا بعد الأستاذ المليباري الذي يعتبر الأب الروحي للمعارضة، والشريط والكتاب يكرران ما كان يقول المليباري أصلا، فالمليباري هو الرائد للخطاب المحافظ وتكلم باسم المحافظة، وظل يتكلم باسم المحافظة ثم أخذوا منه وأخذوا عنه هذا البعد، ونجد أن الخلل عند صاحب الكتاب وصاحب الشريط أنهما بعيدان جداً عن التخصص، بعيدان جداً عن المفاهيم النظرية والمفاهيم الاصطلاحية والحقل المعرفي فبالتالي وقعا في أخطاء ضخمة جداً على المستوى المعرفي والمنهجي، ولم يكونا مؤهلين لأن يصبحا محاورين جيدين، لأن نجد أن شروط الحوار ليست متوفرة فيهما بينما هي متوفرة عند الأستاذ أحمد الشيباني طبعاً، لكن هما(صاحب الكتاب والشريط) ليست لديهما الخلفية العلمية والمعرفية التي تسمح لهما بأن يحاورا بعلمية وموضوعية حول هذه المسألة ولذا وقعا في أخطاء كبيرة في الشريط والكتاب.
* ماذا عن الاتهامات التي طالتكم.. لماذا لم يتم حسمها بالمرافعات القضائية؟
أنا لا أؤمن بالمرافعات القضائية أو غيرها، والمسألة ليست شخصية أولاً، وليست فئوية أو قبلية ثانياً، المسألة هي هذا النمط المحافظ، لابد أن يتكلم بهذه الطريقة والذي يحاول ان يقدم قضية معرفية في مجتمع محافظ، عليه أن يعمل في حسابه أن هذه الأمور سوف تحدث، وهي لاتحدث لأنك أنت فلان ابن فلان، ولكن تحدث لأنك قلت كذا وكذا، والاشكال مع الأفكار وليس مع الأشخاص، هذه الأفكار التي تأتي تزعج أي مجتمع محافظ والمجتمع المحافظ حينئذ سيندب له ممثلين يعبرون عن رفضه لهذه الأشياء، فأنا ليست عندي هذه الحساسية التي عند أي إنسان، لا أتقدم بشكوى لا إدارية مع وزارة الإعلام ولا قضائية لأن المسائل المعرفية لاتنتهي عند شخص, لأنه إذا اتهمك شخص اليوم وفرغت منه، سوف يأتي ثالث ورابع وعشرون ومائة فستكون حياتك كلها مشغولاً بقضايا في المحاكم..
المضايقة
* لكن ضايقوكم بالاتهامات؟
طبعا ضايقونا بالاتهامات الجائرة والظالمة، أنا شخصياً أشفق عليهم من هذه الاتهامات لأنه يورطون أنفسهم في آثام كبيرة جداً، يقولون أقوالاً غير صحيحة مثل ما هو جارٍ في الانترنت.. حول عبارة (رسول الحداثة) وهو كلام غير صحيح على الإطلاق وابتدأ الكلام عند الأخ سعيد الغامدي وهو يتحمل آثام هذا الكلام ولايعنيني ان أدخل في مرافعات قضائية، لأن المسألة عندي ليست مسألة شخص بعينه ولكنها هي نسق ثقافي يعبر عن نفسه بهذه الصيغ فلابد ان كل واحد عنده قضية معرفية أن يضع في حسبانه أن هذه الأمور ستقوم بالضرورة ثم يجب أن نعرف ان هذه الأمور هي طبيعية، ثانياً لها فائدة لأنها فعلاً تساعد الإعلان على الأفكار وبثها وإدخال المجتمع في حوار عمومي حول بعض المسائل ومن الممكن استغلال هذه الفرص لايضاح القضايا وشرحها بشرح مفيد مثل هذه الحوار الذي بيننا الآن لاشك أنه سيوجه رسائل عديدة لأناس كثيرين وسيتفاهمون المواقف أكثر وأكثر..
الخطيئة والتكفير
* كتاب (الخطيئة والتكفير) استقطب أشد أنواع الهجوم.. ألا ترى ان هذا الكتاب صدر مبكراً، وماذا لو صدر في نهاية التسعينات هل سوف تحدث له تلك الردود التي أحدثها من قبل؟
أعتقد أن التوقيت كان جيداً والكتاب طرح نقد مابعد البنيوية، التشريحية، التشريحية طرحت في الكتاب لأول مرة على مستوى العالم العربي لو تأخر سنوات ستكون هذه النظرية قد تطرح وفيه احتمال كبير أنها تطرح عربياً في مواقع أخرى، فالتوقيت جيد لأنها صارت هي الفاتحة لسؤال نقدي على مستوى العالم العربي حول مشروع نقد ما بعد البنيوية وهو النقد التشريحي فكان التوقيت جيداً في هذا لكن ما يأتي بعد ذلك هو السؤال، أن بالنسبة لي أن هذا الكتاب صدر في القاهرة أو دمشق أو في المغرب سيواجه معارضة مماثلة لأنه طرح سؤالاً مازال في ذلك الوقت جديداً، سؤال التشريح، سؤال التمركز المنطقي، سؤال النحوية، هذه في وقتها سنة 1985م كانت أول مرة تطرح عربياً ولذلك لابد أن تحدث ردود فعل، بل إن هذه المقولات نفسها في الغرب في فرنسا وفي أمريكا وفي بريطانيا جرت مواجهتها بالرفض الكبير، وهي ليست أفكاراً عادية، حتى في المجتمعات الأمريكية والأوروبية، فما بالك عندنا فشيء مسلم به، إنما مسألة التوقيت أنا أعتقد أنه توقيت صدور الكتاب هو الأسلم ولو تأخر عن هذا التوقيت، لأضر أضراراً كبيرة بالنظرية نفسها وتكون النظرية طرحت في مواقع أخرى.
الدمج
* أليس من الأجدى تهيئة المجتمع إلى فهم تلك المصطلحات الثقافية قبل طرحها؟
الكتاب (الخطيئة والتكفير) في داخله في الفصلين الأول والثاني كان يتضمن التوضيح وكان المجهود منصباً في هذين الفصلين على إيضاح هذه المصطلحات وعلى إبعادها ثم دخل الكتاب في التطبيق تماماً مثلما جرى مع كتاب (النقد الثقافي) الفصلين الأول والثاني كان نظرياً وبقية الفصول كانت تطبيقية، وأنا أؤمن بالدمج مابين النظرية والتطبيق في كتاب واحد كي يكون القارئ على بينة من الأمر وكي يتحول القارئ نفسه إلى ناقد للعمل لأنه زُود بالمقولات النقدية والمعرفية الذي يتساوى فيه مع المؤلف فيكون على بصيرة بمسارات التطبيق وأسبابها.
أزمة المصطلحات
* ماذا عن أزمة المصطلحات..؟
أزمة المصطلحات عديدة، تأخذ بوجه من الوجوه أن عدداً من النقاد اصلاً يعني خلفيتهم النقدية ضئيلة أو قد تكون معدودة فهناك أناس يتصدون لأعمال نقدية لكن ليس لديهم خلفية نظرية أو منهجية تكفي لأن يكون مشروعهم واضحاً في مسألة النظرية النقدية، الجانب الآخر ان هناك اناساً يسيئون فهم هذه المصطلحات عن قصد، يريدون تشويهها أصلا، ويريدون أن يسوقوها مشوّهة فيدّعوا على الذين يشتغلون في النظرية أنهم يشوّهون هذه المصطلحات، يقصدون بهذا انهم يحدثون إرباكاً ثقافياً ومعرفياً وهذه عملية إفساد ثقافي معروفة، والمجتمع المحافظ عادة يستعني بهؤلاء، يشوّهون الجديد، يشوّهون الطارئ ويظهرونه بمظهر الخطاب المشوّه، وغير المفيد، وهذه جارية عند بعض الأكاديميين حتى في أقسام اللغة الإنجليزية وغيرها، فعلا تشعر أن هدفهم إحداث تشويش ذهني يحاول تشويه الخطاب أصلاً هذا جانب، الجانب الثالث إنك تجد أناساً بسبب انتمائهم الفكري أو الثقافي يشعرون ان هذه المصطلحات فعلاً تحمل خوفاً ثقافياً وأمنياً ووطنياً فبالتالي هم من ناحية صادقون بما أنهم مخلصون فعلا في الدفاع عن المجتمع والأمة وهذه مسألة لانشك في إخلاصهم أبداً لكن الأشكال يبقى في فهمهم كان خاطئاً فبالتالي لم يصوبوا أسلحتهم إلى العدو الحقيقي ولم يتفهموا أين هو الخطر الحقيقي.. هل الخطر في أن يكون هناك معرفة وثقافة جديدة تنمي الفكر وتنمي الإنسان، وتنمي الحضارة وتنمي البعد المعرفي للإنسان، وهذا لايمكن أن يكون خطراً أم ان الخطر في الركون إلى السكون والجهالة، والبقاء على النسق القديم الذي لم يعد صالحاً لكي يكون متحركاً، فيخلطون أحياناً في هذه المسألة بين الثوابت الأساسية للدين والأمة، وجوانب اجتهادية ليست من الثوابت، فهذه مجموعة أشياء تحدث للمصطلح الجانب الرابع ان الجمهور الذي يستهلك الثقافة أحياناً يأخذ المصطلح بسرعة مثل عناوين الصحف أو المانشيتات التي في الصحافة لكن لايعرف من البنيوية غير اسمها ولايعرف من التشريحية إلا كلمة تشريح ولايعرف من النقد الثقافي إلا مفردتي النقد والثقافة، لكن لايعرف الأبعاد الاصطلاحية والنظرية لهذه الأشياء وهذا طبعاً يضربالمعرفة، لأنها تأتي المعرفة حينئذ مشوّهة وغير مكتملة لكن هذه كلها أمور لابد أن نمر بها وليست غريبة أصلاً، ومن الضروري أن تقع ولابد أن نعرف أنها واقعة بالضرورة، ونحاول اتقان التعامل معها.
الثائرون
* سقت قصصا تحمل دلالات رمزية ولاشك ان أبطالها قد ثاروا عليك من خلال الردود والمقابلات الصحفية التي أجريت معهم؟
الردود التي رأيتها، رأيت ردين اثنين على وجه التحديد، يكشف مرة أخرى أنهما يحيلان نفسيهما إلى الثقافة النسقية مرة أخرى لأنهما يتكلمان بصفة شخصية وليست بصفة موضوعية، بدليل أنهما لم يقرأ الكتاب كل واحد منهما قرأ جملاً متفرقة عنه، ولايعرف أطروحة الكتاب أصلاً فبالتالي أنت تتعامل هنا على المستوى الشخصي، ثم طبعاً تتضح الأبعاد النسقية إما بالإحالة إلى القبيلة والبدوية، عند أحدهما أو بالإحالة على أن الثاني يعتز بأنه محافظ ، فهذه كلها غلطة وفي حالة غفلة نسقية أو في حالات غفلات نسقية، تكشف عن أن هناك أنماطاً من الحداثة الهشة التي ليست حداثة حقيقية، ليست حداثة ذهنية ولافكرية لأن الخطابات تنبئ أن أصحابها ليسوا فعلاً على وعي معرفي يمنحهم قدرة على التعبير عن وجهات نظرهم بأسلوب أكثر رقياً وأكثر وعياً ولاشك ان الردود كشفت عن إمعان في النسقية وعن عيوب نسقية كانت تخفي نفسها في السابق لكن عندما جرى التصادم وملامسة الذات انكشف ماهو تحت هذه الذات وزالت الأقنعة.
حمزة شحاتة
* ترى أن في محاضرة حمزة شحاتة (الرجولة عماد الخلق الفاصل) التي ألقاها في نادي الاسعاف في مكة المكرمة بياناً عملياً في الإصلاح فقد أثار فيه قضايا النهضة وقضايا المجتمع.. كما أن كتاب العواد (خواطر مصرحة) يسير على هذا النسق.. ما الذي شدك إلى نص حمزة شحاتة؟
أولا مهمة من حيث الأفكار التي فيها، ثانياً مهمة من حيث ردود الفعل ضدّها والتي جرى بعدها إيقاف المحاضرات في نادي الاسعاف وتوقف النادي عن أداء أي محاضرة ثم هي ذات بعد رمزي بما أنها انعكست على صاحبها، وجعلته ينسحب اجتماعياً وثقافياً ويعيش حياة عزلة، في حياته كلها، فهي انتكست عليه كخطاب قوي، انتكست على صاحبها لأنه صار هو المسؤول عن عدم نضج المجتمع وهو المسؤول عن أخطاء بشرية فبالتالي صار يدفع ثمن هذه المسؤولية التي يعتقدها هو فالمحاضرة لها بعد رمزي إضافة إلى كتاب (خواطر مصرحة) فبعدها الرمزي قوي جداً من حيث انه خطاب في الاصلاح من جهة ومن حيث ان ردود الفعل عليه كانت كبيرة وأصلاً أنا وضعت قاعدة أساسية أنه باستمرار لابد ان تكون القصة ذات دلالة رمزية من جهة وأن تكون واجهت ردود فعل من المجتمع تكشف حينئذ ان هذه الحادثة تستفز السكون النسقي.
الأكاديمية
* لماذا لم يتفاعل الأكاديميون مع المجتمع في أثناء عودتهم من البعثات.. وقد أشرت إلى هذا في أحد فصول الكتاب تحت مسمى (قلعة التقاليد: الجامعة أو الأميرة النائمة).
ظهور الجامعة في مجتمعنا لم يحدث أي رد فعل كأن المجتمع محايد أو غير مبالٍ بنشوء الجامعة وظلت الجامعة على هامش الأحداث بعيدة عمّا يجري ومرت ثلاثة عقود والجامعة مؤسسة علمية أكاديمية تنتج الجانب الأكاديمي والعلمي ودورها عظيم في هذه المسألة، لكن الدور في التغيير الاجتماعي كان معدوماً سواء عند الأشخاص أنفسهم الأكاديميين السعوديين أو المؤسسة نفسها ويبدو أن الجامعة تفضل هذا الجو وقد يكون مفيداً لبقاء الجامعة والاستمرار ولو دخلت الجامعة في المواجهة في وقت مبكر كان ربما أدى إلى هذا توقف مشروع الجامعة، لكن كان مهادنة المجتمع ربما سبب في ترسيخ الجامعة في المجتمع ولعل الذين أسسوا الجامعة كان في وعيهم هذا وأحياناً نسمع على ألسنتهم فيما مضى من عقود أنهم يرون أنه الاحتكاك بالمجتمع ليس محبباً، حتى أنا عندما تخرجت وتعينت في مدينة جدة، كان عدد من الزملاء ينصحني ألا أقتحم الصحافة، لأنه سوف أعرّض نفسي لابتذال كبير وظللت فترة يعني دون أن أدخل للصحافة لولا تدخل الأستاذ حمد القاضي من جهة والأستاذ سباعي عثمان من جهة أخرى ،هذان الاثنان مسؤولان عن اقناعي أن أكتب في الصحافة وكتبت وبعدما كتبت ظللت في الصحافة إلى هذا عن اقناعي أن أكتب في الصحافة وكتبت وبعدما كتبت ظللت في الصحافة إلى هذا اليوم وأشير بالفضل إلى الأستاذين حمد القاضي وسباعي عثمان.
أبوتراب الظاهري
* لاشك ان في قراءتنا لشخصية الشيخ أبي تراب الظاهري عندما قلت إنه كان يحاج الرقيب من أجل الحصول على فسح لطباعة كتابك (الخطيئة والتكفير) يحمل سمات العالم المستنير؟ وكان برفقتكم الأستاذ عبدالفتاح أبومدين أيضاً؟
الشيخ أبو تراب الظاهري كان علاقتي به فيها بعد شخصي وكان يثق فيّ ثقة كبيرة جداً ويقدرني تقديراً عالياً جداً فكان هذا عاملاً أساسياً، العامل الآخر وجود الأستاذ عبدالفتاح أبومدين، وبين أبي تراب وأبي مدين علاقة صداقة قوية جداً ،هذان العنصران لعبا دوراً كبيراً، الدور الثاني الشيخ ابوتراب معروف عنه أنه يحاول التفهم ويحاول ان يفهم ويحاول أن يغوص في الأشياء الجديدة قبل ان يحكم عليه، لذلك حينما اتصلت به هاتفياً عندما صارت المشكلة في الحصول على فسح الكتاب بادر على عجل في تفهم القضية وبادر في ان ينصب نفسه مدافعاً محامياً وفعل وأنا أعتقد أن له فضلاً كبيراً في إجازة الكتاب.
النموذج
* شبهت الشيخ أبي تراب الظاهري في كتابك (الخطيئة والتكفير) بأنه كالعلماء الموسوعيين في القرن الرابع.. ألا تعتقد أننا صرنا نفتقد إلى هذه النماذج؟
نموذج أبوتراب آخر النماذج وزمن أبوتراب الظاهري هو آخر الأزمنة لذلك النوع من النماذج ،الآن الوضع الثقافي متغير تماماً، ونحن الآن بكل تأكيد أمام تغير ضخم جداً حول الثقافة الإعلامية الآن، وأنا الآن بصدد إصدار كتاب عن هذه القضية الثقافية لأنها متغير أساسي وضخم ونحن لم نعد في المسائل التي تعودنا عليها سابقاً ونحن الآن أمام متغير ثقافي ضخم جداً ولم تعد المعرفة الموسوعية لأن الأجهزة الكمبيوتر تنوب عن المعرفة الموسوعية وصرنا الآن في معرفة من نوع آخر مختلفة جداً.
ثقافة الصورة
* حدثنا قليلاً عن مشروع بحثك القادم حول (ثقافة الصورة)
مشروع البحث الذي أعمل عليه هو حول (ثقافة الصورة) وهو ينصب على الخطاب الإعلامي واعتماد هذا الخطاب على الصورة والذي يعنيني هو أنماط الاستقبال وطرائق تأويل المادة الإعلامية الآتية إلى المشاهدين عبر الصورة ويتولون استهلاكها من جهة وتأويلها من جهة ثانية حيث تتمازج الثقافة الجديدة ممثلة بالصورة مع الثقافة التقليدية، ممثلة بقوانين التأويل وهذه مسألة مهمة جداً في التعرف على الأنساق الثقافية وعلى المتغيرات الإنسانية الضخمة ومقولة (النقد الثقافي) تجد فرصة كبيرة لمشاهدة وملاحظة التحولات والتعرف على القضايا الفاعلة والمباشرة للحدث الإنساني الذي صار حدثاً لحظوياً ولم يعد طويل المدى ولم يعد يفسح مجالاً للتمعن وطول النظر، بل إن سرعة النظر وخاطفية الاستقبال صارت هي جوهر العملية كلها.
هذا هو ما يحتم طرح سؤال حول ثقافة الصورة وفي الغالب فإن الكتابة ستكون من ثمانية فصول تلاحق هذه المتغيرات كلها وأسأل الله التوفيق.
الأنثى
* كان الدال الرمزي كما تقول في مقالة خيرية السقاف 1385 1965م تحمل شواهد التحول في مجتمع ذكوري يسلب القيمة اللغوية للذات المؤنثة؟
في نسقها المحافظ كانت منزلة المرأة ضئيلة جداً ولم تحظ بأي درجة من درجات الاعتراف وحينما يظهر نموذج المثقفة وهو نموذج مبكر وكتبت خيرية السقاف المقالة في أول عدد يصدر من جريدة الرياض، فبالتالي هناك بعد رمزي أنه أول عدد للجريدة وأول زاوية لهذه البنت التي اسمها خيرية السقاف، نعم لها محاولات سابقة لكن هذه أول زاوية تصبح لها فهي خيمتها بين عالم الرجال وكان الكتّاب كلهم رجال باستثناء خيرية السقاف، وكما لاحظت في الكتاب فيه جمل رمزية في المقال نفسه، جمل تعطي معاني ودلالات ذات بعد ثقافي عميق جداً عن الخطوة الأولى عن الخباء، عن الصغيرة، لاشك انها كانت تنبئ عن هذا التحرك خاصة أنها تتزامن مع السنوات الأولى لتعليم البنات وفي ذلك الوقت كان أعلى تعليم وصل إلى سنة الثالثة الابتدائية وكان عمر التعليم ثلاث سنوات، وبالتالي فوجدت الكاتبة قبل أن توجد القارئة لايزال ما عند الكاتبة آنذاك قارئات من النساء، وخيرية السقاف ظهرت ككاتبة وطبعاً من حولها ثريا قابل كشاعرة وفوزية أبو خالد كشاعرة فالمجموع الثلاثي هذا يعطي هذه الرمزيات إلى ان جاءت القارئة بعد ذلك، لكن في مقال خيرية السقاف كان فيه ملمح ذكي جداً.
حينما تكلمت عن القارئ والقارئة، فبالتالي كانت تتطلع إلى مستقبل يكون فيه قارئات وقد حدث ذلك فهذا البعد الرمزي للمقال.
المؤامرة
* يفترض في المجتمع الأكاديمي كما يتصوره البعض انه مجتمع نخبوي مثالي لايحمل الدسائس والمؤامرات كما تحدث في بعض المجتمعات الدونية ولكن في قصة انتقالك من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة إلى جامعة الملك سعود بالرياض نلمح إلى أنه كانت نتيجة لمؤامرة قد قمت برصدها في أحد فصول الكتاب تحت مسمى (معركة الجامعة)؟
افتراض ان المجتمع الأكاديمي هو مجتمع مثالي لا.. هذا غير صحيح على الاطلاق، في أي مكان في أي بقعة في العالم حتى في أمريكا وفي بريطانيا فالأكاديميون من البشر، مثلهم مثل غيرهم، النقطة الأخرى انه ماجرى في مدينة جدة ليس شخصياً، قبل ان أطرح كتاب (الخطيئة والتكفير) كان الجميع أصدقاء معي، وكنت أنا صديقهم المفضل، وأنا الأب الروحي للقسم وأنا الأخ الأكبر للجميع، إذن المشكلة ليست معي شخصياً بما أنني عبدالله الغذامي لكن المشكلة مع الكتاب ومع مؤلف هذا الكتاب، هذا الفكر الجديد الذي لم تتسع صدورهم له، لأنهم محافظون بكل بساطة ودرجة التقليدية والمحافظة عندهم عميقة جداً بحيث إن هذا المتغير أخافهم، وقض مضاجعهم فلابد أن يقاوموا هذا الطارئ عليهم، فجرت المحاصرة داخل القسم، محاصرة حسية ومعنوية، وجرت حرب بتضافر مع أطراف أخرى من داخل القسم ومن خارج القسم وكانت الحرب شرسة جداً وكان الخيار أمامي إما فعلاً أفقد قدرتي على الحياة السوية وإما أغادر فقررت المغادرة من أجل المحافظة على تركيبتي الذهنية وحياتي السوية وأكون في موقع أستطيع أن أنتج انتاجاً معرفياً فيه، إنما الجو وصل في قسم اللغة العربية في جدة إلى حالة لايمكن الاستمرار فيها مع أنه في المقابل كانت حياتي في المجتمع في جدة كمجتمع من أرقى مايكون علاقاتي الاجتماعية مع الأدباء في جدة علاقاتي في الوسط الصحفي، علاقاتي مع النادي الأدبي وصداقات كبيرة جداً لشيوخ المجتمع ولشبابه لكن هذا شيء ومايجري في قسم اللغة العربية شيء آخر.
عبدالمقصود خوجة
* حصل اجتماع في منزل الاستاذ عبدالمقصود خوجة لثنيك عن القرار؟
حصل اجتماعات لكن ما كان بالإمكان الرجوع عما عزمت عليه، ولأن قضية الحلول الودية لاتحل المشاكل المعرفية، لأن المشكلة مع هؤلاء كانت مشكلة معرفية.
حمدوس
* شخصية المتطفل (حمدوس) تثير الضحك.. لماذا تشتاق إلى رؤيته مرة أخرى؟
طبعاً (حمدوس) أشرت إلى أنه كان عنده وظيفة معينة وأعتقد أنه أدّاها باتقان، لكن أنا أشرت لكي أبين أنه نموذج من النماذج التي كانت تواجهنا، ورأيت أن أذكر هذه القصة لكي يعرف القراء عن ماهية الأجواء المحيطة.
إيلام
* ماهي أكثر الاتهامات إيلاماً؟
الاتهامات في العقيدة أو المعتقد او الاتهامات في الوطنية ، وهذا تصرف مؤلم وقاسٍ جداً وأنا مع الألم الذي في نفسي إلا أنني أشفق على الذين يفعلون هذا لأنهم هم يرتكبون آثاماً في حق أنفسهم ويضعون أنفسهم في المحاسبة أمام الله لأن الله الذي سيحاسبهم لأنهم هم يتكلمون عن مغيبات وعن نوايا وعن أسرار لايعلمها إلا الله فهم أوقعوا أنفسهم في مخاطر حقيقية، طبعاً كانت مؤلمة حقيقة بالنسبة لي، مؤلمة لمن يحبونني ومن حواليّ، لكنني لم أضق ذرعاً بها وليس في قلبي حقد على أي خصم من خصومي مهما فعل، بل إنني أشفق عليهم وأسأل الله أن يغفر لي ولهم.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
* أشرت في كتابك إلى مجالسة تمت بينك وبين فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) استمرت حوالي ساعتين؟
طبعاً الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أستاذي ويعرفني وتم خلال الساعتين، كان يسألني عن الحداثة، عن حقيقتها ما الأمر وراءها، ثم طلب مني أن أكتب مقالاً بالكلام الذي قلته له وكتبت ونشرت في جريدة (البلاد) في فترة ثم نشر في جريدة (الندوة) بعد ذلك وان كانوا حاولوا ان يردوا عليه مباشرة ويرفضوه لكنه نشر، وهذا خلاصة اللقاء.
مابعد الحداثة
* تقول في آخر الكتاب إن مرحلة مابعد الحداثة تحتاج إلى كتاب آخر؟
هذا صحيح، فمن عام 1410هـ 1990م إلى الآن حصلت متغيرات كبيرة، الخطاب الاجتماعي كله تغيّر، الطريق الذي صار يتكلم فيه عن قضاياه كان في السابق ماعنده إلا قضية الحداثة يعلّق عليها كل المآسي والمشاكل انصرف عن هذا واتجه إلى قضايا أخرى اجتماعية وسياسية وثقافية..الخ، ثم ظهرت رواية مثلا وظهرت نظريات أخرى مثل نظرية النقد الثقافي ونظرية الحوارية، وكلها نظريات أيضا من نظريات وصيغ ما بعد الحداثة وكانت الصيغة الأدبية هي الشعر وكان الكلام كله عن الحداثة وكانت الحداثة حداثة الشعر لكن مابين 1990 وصاعداً بدأت هذه المتغيرات وتحتاج إلى وقفة لاستقرائها، لكن مازال الوقت غير ناضج لهذه لأنها ماتزال الاعتمالات والتغيرات في لحظة التكوين، ومازلنا في لحظات التموج لكنها أصبحت مادة دسمة جداً للنقد الثقافي وقراءة الأنساق وحركة الأنساق وكيف تحدث التغيرات والأفعال وكيف تحدث ردود الأفعال لكن أنا أعتقد أنها تحتاج إلى كتاب آخر.
المصطلح
* في مرحلة ما (مابعد الحداثة) ألا سوف يواجه النقاد مأزقاً في خلق ونحت مصطلحات جديدة لتلك المراحل المقبلة؟
صحيح وأنا في كتابي (النقد الثقافي) أشرت إلى مصطلح مابعد الحداثة والمشكلات المعرفية والاصطلاحية التي تعتور هذا المصطلح لأنه مصطلح عائم، غير محدد المعالم.
هو (مابعد) فهل نحن في مرحلة (مابعد) أو في مرحلة (مابين) أو مازلنا في مرحلة (الحداثة) أصلاً أو اننا في مرحلة (ماقبل الحداثة) في الواقع ولاشك ان كل هذه تتزامن مع بعضها إنك تجد معالم من مرحلة (ماقبل الحداثة) مع معالم وان كانت بسيطة للحداثة مع معالم وإن كانت أكثر بساطة أو أقل من معالم (مابعد الحداثة) لكن هذه الانجذابات لاشك هي انجذابات تستدعي من أي إنسان عنده اهتمام في النقد الثقافي والنقد الاجتماعي وقراءة الأنساق هي تتيح له فرصة كبيرة جداً.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved