الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 23rd May,2005 العدد : 107

الأثنين 15 ,ربيع الثاني 1426

في شعر المقاومة العراقية:
الوقائع الصغيرة كبيرة.. وعراق الحضارة ينهض في حريق الأنهار وسطوع الرياحين
عبدالله السمطي
يعلق سعدي يوسف نجوماً من ورق ورياحين، وفي عرس الأبطال تصب ساجدة الموسوي الزيت على هامات السراق، ويرصد حميد سعيد في الوطن المقبرة البيضاء الأنهار التي تحترق.. في شعر المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني تشتعل المفردات، وتنتقي تفاصيلها من هذا الأفق الساخن المحاصر بالموت.. الشعراء هنا يبتهجون بالوطن، وبكل وقائعه الصغيرة والكبيرة الوطنية الحقة، وهذا الابتهاج نابع من أمل الألم.. حتى يتجاوز الوطن مأساته، ويعود إلى نقائه وروحه الأصيلة.
كثير من الشعراء العراقيين عبروا بصور مختلفة، وبأشكال شعرية مختلفة عن كفاح العراق صوب الاستقلال، والتخلص من الاحتلال، وهم يرون عراق الحضارة، والشعر، والفن، والإبداع يحترق.. ويدنس ترابه من قِبل الشكل الاستعماري القديم الجديد: القوى المتعددة الجنسيات.. ومن هؤلاء الشعراء العراقيين والعرب:
إيمان السعدون، سميرة الخطيب، ساجدة الموسوي، سليمان نزال، مليح صالح شكر، خالد أبو خالد، ابن العراق، وجيه عمر مطر، محمد العراقي، رنا الجندي، بسام القاسم، عمر شبلي، حميد سعيد، مريم الصيفي، شهلا الكيالي، إسلام شمس الدين، خليل الرفاعي، محمد جمال حافظ، أحمد دحبور، حسان حويش، سركون بولس، يحيى السماوي، فاروق شوشة، فاروق جويدة وغيرهم من الشعراء العراقيين والعرب. ومن موقع البصرة على الإنترنت نصطفي هذه النماذج التي تقدم صورة شعرية أصيلة متوهجة في عشق العراق ومديح المقاومة:
برقية تحدّ
شعر: ناصر ثابت
(1)
قلنا لكم
بغدادُ ليست تعرفُ الهزيمةْ
قلنا لكم
لن يصمتَ الأذانُ في المساجدِ القديمة
لن تستطيعوا أبداً
أن تسحقوا شموسَنا التي تنامُ
في عيونِ الكرخِ والرصافة
والفلوجة العظيمة
قلنا لكم
بغدادُنا مقبرة لكل غطرساتكم
لكنكم لم تسمعوا
ذوقوا إذاً عقوبةَ الجريمة
فردنا في وجهكم مسلح بالنصر والعزيمة
(2)
قد تزرعونَ الموتَ في شوارع الفلوجة
قد تزرعونَ الموتَ في مباسمِ الأطفالْ
وبالدماءِ تصبغونَ وجنةَ العراقِ أو مروجَه
قد تسكبونَ الحقدَ فوق رأسنا
وترقصون من صدى آلامنا..
كأنها أهزوجة
خذوا إذاً منا دروسَ العشقِ والقتالْ
فنحن دوما نهزم الطغاةَ
رغمَ بأسهمْ
وإنكم لن تقدروا أن تقلبوا النتيجة..
رسالة إلى بغداد
رسالة إلى كاتبها
ايا بغداد لا ترمي البنادق
وفي الاوطان مرتد منافق
ابا الزهراء قبرك صار مأوى
(لمارينز) وابطال الفنادق
عباءات تآمر لابسوها
وليلاهم تغازل كل عاشق
كبيت العنكبوت هوت جيوش
لمغتصب تصفق والمشانق
أحدُ أصدقائي
سعدي يوسف
وأحياناً يتذكرُ من خذلوه بمنعطفاتِ الدربِ
فيأسى حين يُصَنِّفُهم:
موتى
ومُرابينَ، وأعواناً للمحتلّينْ i
ويقولُ: الدربُ طويلٌ
والليلُ رتيبٌ، تسكنه الوحشةُ في قبو المبنى
رطبٌ وطويلٌ
لكني صرتُ، أخيراً، أعرفُ
كيفَ أُعَلِّقُ في الساعاتِ
(لئلاّ يخنقَني خيطُ الساعاتِ)
نجوماً من ورقٍ، ورياحينْ i
يا حوم اتبعْ *
(إلى أبطال الفلوجة إلى أبطال العراق العظيم)
للشاعرة ساجدة الموسوي
سنصب الزيت على الهاماتِ
ولا نهجعْ....
سنزلزل بالحق على الباطل
ندمغه
وننادي
«ياحوم اتبعْ» ...
***
سنطيح بكل عروش البغي
وليسمع من حطَّ أصابعهُ
في أذنيه.. لكي لا يسمع..
وليسمعَ من نام على عار الصمت سنيناً
وليعلم أن النوم على الذل
وخيمُ المرتعْ......
***
الصرخةُ دوّت من قلب الشعب المظلومِ
تهز الأرض وتسخرُ
من كل عمالقة السوءِ
تمور.... تفور.... تروّعْ...
***
ياحوم اتبعْ...
سنصب الزيتَ على هامات السراق
ولن نقنعْ
حتى لو وضعوا الشمس يميناً
والبدر شمالاً
دون زغاريد النصر الأبهى
لن نسكتَ.... لن نقبلَ
ونريهم وامعتصماه
على الثوار الأحرارِ
وما تصنعْ....
***
سنقاتلهم بالإبرةِ
إن عزّ المدفعْ
ولهم من كل فجاج الأرض
سنطلعْ....
سنذري الملح على الجرحِ
نشدُ الجرح على الجرحِ
ولا نركعْ....
***
قلنا... يا الله...
عقدنا العزم
على أن نسرج أرواحا
في ليل الظلمِ
مصابيحاً تتلألأ
ونزف إلى الجنةِ أبطالاً
حناء أصابعهم
دمهم...
وعليهم أثواب كالسندس خضرٍ
وشموع العرسِ
تضيء جنائزهم
(في الزفة هبت ريح الجنةِ قولوا للعين تقرُّ
ولا تدمعْ )...
***
هذا عرسُ الأبطال
فلينظر من ينظر
وليسمع من يسمعْ
***
آهٍ ليس من الأعداءِ
فهم أعداءٌ
آه من اخوة يوسفَ
ألقوه بجب الأعداء وحيداً وتغاضوا....
قلنا كونوا الغمد ونحن السيف
تركونا والقلب جريح موجعْ..
وعلى كل جبين منا
قطرات من شمم تلمعْ....
***
قلنا يا أهل رويداً....
السيف بلا غمدٍ يقطعْ
لكن الغمد بلا سيفٍ
ماذا ينفع؟
***
ونهضنا من حلق الجب
صفوفاً فصفوفاً
نتسابق تحت رصاص الأعداءِ
ولا نفزعْ....
***
سنصب الزيت على هامات السراق
بل شرقوا بالزيت وغصّوا
فلينظر مَنْ ينظر
وليسمع. .. من يسمعْ....
* إشارة إلى الأهزوجة الشعبية (ياحوم اتبع لو جرينا) التي يطلقها المقاتلون عند الحرب والحوم هو نوع من الطيور الجارحة لا تأكل إلا الجيف دلالة على أن قتلى الأعداء يتركون لتأكلهم الطيور الجارحة.
العراق يا أهلي
للشاعرة العراقية نوال الغانم
أبتي
أتكئُ على ليلِ عباءتِكَ السوداء
وأترك الريح تقشر حنجرتي بالغناءِ
.... من الصدأ
فالبكاء وحدهُ لا يملأ غير إحمرار العيون
على كسرةِ خبزٍ في الطريقِ بذرةُ يديَّ
وقلتُ للكوفةِ
أعادوا الكرة ثانيةً
فسالَ على الأرضِ حليب الفقراء
نتوزع مثل النبؤة سراً
وعيون البصاصين لسق وجوهنا
على برميلٍ محشوٍ بالبارودِ
تركنا العراق ينام
وأطلقنا البكاء عليهِ
لن يظهر صبحاً للفقراءِ
مادمنا نقتلُ في السرِ علياً
. ونمشي جهاراً خلفَ جنازتهِ
مادمنا نَتَسَنَنُ يوماً
ونَتَشَيَعُ يوماً
. سيَظلُ غراب البين يطاردنا
..... ياأهلي
لِمّوا شظايا الصبح المتناثر
في الطرقاتِ
فبغير الجسد الواحد
.....والكف الواحد
. لن ننهض ثانيةً
..... ياأهلي
أخافُ إذا ما انفرَطَ العِقدُ
وذلكَ أغلى أماني
.....الأعداء
نَضيّعُ جميعاً في الصحراءِ
(فنصبحُ نحنُ يهودَ التاريخ)
..... ياأهلي
إن الغفلة لا تبقِ في البيتِ
نبياً
إياكم والغفلة
.....إن جاءت
سَيُسرَقُ من بينَ أصابعنا
. كأس الذهبِ
وتضيع السلة والعنب
إذاكَ..... سيلعننا التاريخ
.....وتنبذنا الأجيال
.....وتسحقنا الأقدام
وتشتمنا الأوراق
....... لأننا
أضعنا العراق
من نافذة في المشفى...
رأيت وطني
حميد سعيد
انظر من نافذة في المشفى الموحش
كنت احاول ان اخرج من غابة روحي.. سوداءٌ غابةُ
روحي
الصمت يحاصرني..
وثواني الساعة.. ديناصورات تمشي في حقل القار..
وفي هذا المشفى.. لاشيء سوى الوحشة..
لاشيء
احاول ان ارفع صوتي.. كي اسمع صوتي
لا أحد في هذا المشفى يسمع صوتي
كل الابواب مغلّقةٌ.. من اي الابواب سأخرجُ
أي الطرقات تقود خطاي إليكَ.. وفي كل الطرقات
العسس
من أي الطرقات أرى شمسكَ..
كل الطرقات أقام بها الغلسُ
من نافذة في المشفى الموحش
خيل لي.. أنك تومئ لي.. وتشير إليكَ
خيل لي.. أنك تسمعني.. بل انك تسمعني
من يسمعني.. إن لم تكُ تسمعني؟!
ها أنت تمد يداً.. أو كان سواي يراها ؟!
حين رأيت يدا منكَ تشير إليك.. تنزلت الامطار على
غابة روحي
سوداءٌ غابة روحي..
سيغمر هذي الطرقات التفصلني عنك.. النورُ
تخيلتكَ
كنتَ محاطا بطيور نافقة سود
وتحاول ان تدفع عن روحك.. زحف الدود
...........
...........
تساءلتُ
أكنت محاطا بطيور نافقة سود ؟!
أكنت تحاول ان تدفع عن روحك.. زحف الدود؟!
لا أحد يسألني عني.. أو يسألني عنكَ..
وفي هذي المقبرة البيضاء
يقوم الموتى كل مساء
ينتشرون بغابة روحي
سوداء غابة روحي
لا اتبين في هذا العتمات ملامحهم
ليس لهم لغة.. لاأحلام لهم.. ليس لهم أسماء!!
موتى احياء
يدخلني وجعي في حرم النوم.. ويخرجني وجعي
الحمى منتجعي..
في الغيبوبة كنت اراكَ.. وفي الغيبوبة ناديتك
خيل لي.. أنك تسمعني
بل انك تسمعني.. من يسمعني.. إن لم تك تسمعني؟!
***
سأقول لنفسي..
ان جحيما يتخطّف أفراح الناس وأحزان الناسِ..
وأرواح الناس
مدن الناس.. بيوت الناس
أأقول لمن يسألني.. هذا وطني !!
شاهدت قرادا في طرقاتكم يمشي.. وقرودا في
الاسواق
واعلانات في كل مكان..
السوقيون يبيعون بهاءك ذاك ال كان.. يبيعون
الانسان
شاهدت سماسرة بلحي من فلين
يبيعون بما فتح الشيطان عليهم..
وطنا..
بالعار يلاحقهم حتى يوم الدين
أأقول لمن يسألني.. هذا وطني!!
ريح متوحشةٌ وعناكب زرقٌ تتراءى لي
سَرَفُ الدبابات.. تذل الاشجار.. وتغتصب الاحجار
أأقول لمن يسالني.. هذا وطني؟!
الساعةُ صماء
والمقبرة البيضاء
صماء
والليل الممتد من الاحزان إلى الاحزان.. أصم
وأنا أسأل عنك الصمتَ
إذ لا أعرف في المشفى الموحش.. غير الصمت
***
لا احد يفتح لي بابا.. كل الابواب مغلقة
فعلى من أقصص رؤياي؟
..........
..........
العصفور الأبيض.. يخرج من وكر محفوف بغيوم
بيض
ينزل في أرض طيبة.. فيها جنات وعيون
يدهمه نسر رث.. ويجرجره.. فيطير العصفور الأبيض
ثم يصير دم العصفور الابيض.. عاصفة
يسّاقط منها.. أقمار ونجوم
***
سألت الله.. توسلت إليه
أن يقترب العصفور الابيض من غابة روحي..
سوداء غابة روحي
وُمقامي بين الموتى علَّمني لغةَ الموت وادخلني في دارته
أيكون الموت أليفا.. يكون نظيفا.. أيكون؟!
ها أنذا أحسبه والعصفور الابيض.. يقتربان كما
الظلُّ
فأعدو نحوهما.
ورأيتكَ في غيضك. تأكل أطرافَك ديدانٌ جائعةٌ
ورايتك في فيضك.. محفوفا بالجمر.. تحيط بك النار
مذ كنتَ. . وانتَ على وعدٍ بالامطارِ.. فأين الامطار؟
أين الامطار؟!
عاد إلى الارض الطاعون
الموتُ السيدُ.. لا سيدٌ الا الموت
غابات رماد وحقولُ غبار
اعتقلوا الامطارَ.. انتهكوا شرف الانهار
الدبابات تعرّي اللغة الاولى.. تغتصب بيوت الله
الله الله
.....
.....
صافحني البرحيُّ صباحا.. محموما كان البرحي
وكان العنبر ينزف
اومأ لي شطُّ الحلة
رافقني من غيبةِ ماكنت أرى في المقبرة البيضاء
إلى الوردية
قلت.. ستفتح أمي الباب.. ويأتي الاصحاب
أمي والاصحاب
الورديةُ والباب
محضُ سراب
محضُ سراب
أسيأتي العصفور الابيض.. ذات صباح؟
يطرد هذي الاشباح
وتعود الورديةُ من غيبتها.. ويعود اليها الاصحاب..
***
تطوّفني الجدران البيض.. وتنغلقُ
لا أرض في هذي المقبرة البيضاء ولا أفقُ
في الخاطر شيء مما كان ومما سيكون. . كواكبٌ تهوي
أنهارٌ تحترق
ورمادٌ يزحف.. كل عروس شاركها الرمل فراشَ العرس
واولدها قحطا وسراب
من نافذة في المشفى الموحش.. صرت أراك بعيدا
ماعدت أراك
وماعدت أرى
كيف أقول لمن يسألني.. هذا وطني؟!
* البرحي: نوع من اجود انواع التمور العراقية
العنبر: رز عراقي
شط الحلة: فرع من نهر الفرات. مع العلم ان الشاعر أصلاً من أهل الحلة (بابل)
الوردية: محلة في مدينة الحلة
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved