مبدعون في زمنهم
د. عبدالعزيز الشعيل
|
حظي سجال أخوي مع مجموعة من الأخوة الأفاضل حول بعض الأشخاص الذين عاشوا في زمنهم كمبدعين لم يخلق لديهم إبداعهم الغرور أو التعالي أو الابتعاد عن خدمة مجتمعهم بل سخروا بدون مقابل أو مقابل لا يذكر إبداعاتهم لتلك الخدمة، فمنهم من كان يقوم بصيانة سيارات القرية عند اللجوء إليهم وآخر لصيانة آلات المياه وغيره للراديو أو الساعات ومما دفعني إلى الإشارة إلى ذلك أن أحد الأخوة من المهتمين بالتاريخ المحلي سألني عمن أعرف ممن كانت لهم جهود في ذلك الميدان بحكم علاقتي بالتاريخ الشفوي كمبادرة منه للاهتمام بهؤلاء كجزء من واقع الوطن الحضاري في ذلك الوقت.
نسمع كثيرا عن أحد الأشخاص في الكثير من القرى على امتداد مساحة الوطن لهم إبداع في شيء معين أو آلة معينة بالرغم من عدم توافر فرصة التعليم النظري في ذلك الوقت فكيف إذا بالتعليم المهني أو الفني والدليل على إبداعاتهم لم يقفوا أمام المخترعات الحديثة كغيرهم موقف المشدوه أو المتفرج فذهبوا إلى محاكاة هذه الأدوات والتعامل معها ومحاكاتها والجدل التقني معها لمعرفة كيفياتها بل تعدى ذلك إلى محاولة تفسير العلاقات بين أجزائها وإدراك علاقات تكوينها فبرعوا في عملية صيانتها وتركيب أو تصنيع بعض القطع لها بالإمكانات المحدودة لديهم بل التفكير في المماثلة لها وتركيب قطع من نفس الجنس أو النوع في وقت من الصعوبة فيه توفير قطع الغيار لها لاستمرار الاستفادة منها أو زيادة إمكاناتها أو استخدام أجزاء هذه الآلات أو بعضها لأغراض أخرى ألا يعد ذلك إبداعا؟
إن الكثير من هؤلاء قد وري الثرى وما زال البعض منهم يعيش قدر الحياة كضعفاء من بعد قوتهم وربما وجد من أبنائهم من يحتفظ ببعض الذكريات عنهم وعن إبداعاتهم وإن قامت بعض الصحف والمجلات بدور كبير في تسليط الضوء على هؤلاء من حين لآخر إلا أن ساحة هؤلاء التقنيين الذين عاشوا على أرض الوطن لا تزال بحاجة إلى المزيد من الاهتمام لتقديم الصورة واضحة أمام الجيل القادم فضلا عن هذا الجيل الذي ينتظم في البرامج الفنية المختلفة المهني منها والمتقدم لاستلهام العبرة من هؤلاء فضلا عن المساهمة في توثيق جزء من حضارة هذه البلاد.
أليس ذلك وفاء للوطن أولا ثم لهؤلاء ولعل قيام المؤسسة العامة للتعليم الفني بهذا الدور التوثيقي بحكم تخصصها وانتشار مراكزها وجزء من واجباتها التوثيقية التثقيفية المتخصصة لتجذير برامجها والبحث عن أسسها ومن ثم طباعتها أو جمعها على الأقل للاستفادة منها كمراجع بحثية وتزويد الجهات
المهتمة بها عند رغبتها في رسم خطط التأصيل الحضاري في المستقبل.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
