الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th July,2006 العدد : 163

الأثنين 28 ,جمادى الثانية 1427

حكايات ..محمد بن أحمد الشدي
بنت السلطان والصياد!

كاتب ناشئ - اسمه علي الصماغ - يتردد عليَّ - ولديه مشاريع كثيرة لإحياء التراث مشافهةً، وكتابةً، ومسرحةً، وترويجاً وقد أقسم عليَّ أن أنشر ما كتبه للاطلاع عليه، وكذلك لحفظه من الضياع، وألا يذهب أدراج الرياح - على حد تعبيره - وهذه أمثولته الأولى:
- ذات يوم من الزمان الماضي جلس السلطان المبجل وبجواره ابنته سالمة في شرفته المفضلة في مقدمة قصره في زنجبار. كان السلطان جالساً وفجأة وهو يتابع حركة الناس لمح أحد الصيادين وهو يحمل أكبر سمكة ربما في تلك الديار الإفريقية وكان الصياد يحاول الدخول إلى القصر من بوابة قصر الساحل والحراس يعيدونه، فما كان من السلطان إلا أن أمرهم أن يسمحوا له بالدخول وسمكته على كتفه حتى وصل إلى حيث يجلس السلطان، فقال له السلطان: ما هذه السمكة العظيمة؟. قال له الصياد: يا مولاي هذه أكبر سمكة أنتجتها بحار مملكتك فلما قدر الله لي وصِدتُها قلت لا تليق إلا بحضرتكم فأحضرتها. فأُعجب السلطان بما قال وبهديته، ونادى على رئيس المطبخ لديه وسلمه السمكة وعلى وزيره، وقال له: أعطي هذا الصياد الماهر أربعمائة درهم. وانصرف الصياد شاكراً لله وللسلطان فالتفتت ابنته الأميرة سالمة إليه، وقالت: يا أبي - أطال الله عمرك - أعطيت لهذا الصياد أربعمائة درهم ثمناً لسمكة لا تساوي (3) دراهم، وهذه منحة من مولاي له. ولكن غداً إذا منحت أحد الشيوخ في مملكتك، أو أحد وزرائك مثل هذا المبلغ. قال: لقد ساواني السلطان بذلك الصياد. فقال السلطان: هذا صحيح لقد صدقت يا سالمة ولكننا لا نرد العطية لمن أعطيناه إياها. قالت ابنته: بسيطة أَعِد هذا الصياد إليك واسأله عن سمكته هل هي ذكر أم أنثى، فإن قال هي ذكر فقل له أريد أنثى، وإن قال أنثى فقل نريد ذكراً وأرجعها إليه مع ثمنها وبذلك يكون المبلغ هديةً منك له دون مقابل، فقال السلطان: فكرة جيدة؛ فلما أحضروا الصياد بين يدي السلطان وسأله ذلك السؤال الملغوم، فهم الصياد بذكائه الفطري مغزى السؤال وأجاب بسرعة فائقة بأن سمكته تلك خنثى لا ذكر ولا أنثى، فأُعجب السلطان بذكاء الصياد، وقال: يا وزير ادفع إليه بأربعمائة درهم أخرى جائزةً له على سرعة بديهته، فاغتاظت ابنته سالمة وتابعت الصياد بنظراتها وهو خارج والمال في يديه فإذا هو يدفع الناس بكلتا يديه عند باب القصر محاولاً التقاط درهم سقط منه على الأرض، فقالت يا مولاي: انظرْ إلى هذا الصياد الذي لا يستحي أعطيته ثمانمائة درهم عن سمكة لا تساوي شيئاً وعندما سقط منه درهم واحد بين خدمك وحراسك أخذ يدفعهم بهذا الشكل العدواني حتى يأخذه، فصاح بحراسه: ردوا إليَّ هذا الصياد. فلما وقف بين يديه، قال له السلطان في غضب: يا هذا أعطيناك هذا المال كله في سمكة لا تساوي درهماً واحداً وعندما سقط منك درهم على الأرض في داخل قصرنا هجمت على خدمنا بهذا الشكل المريع لتأخذ الدرهم، كيف هذا يحصل منك؟ فقال الصياد: والله يا مولاي إن هذه الدراهم كلها لا تساوي عندي جناح بعوضة، ولكن عندما سقط الدرهم فكرت، فإذا على جانب منه اسمك وعلى الجانب الآخر صورتك فعملت المستحيل حتى أرفعه من الأرض ومن تحت أقدام الناس إجلالاً وتكريماً لك، فَبُهِتَ السلطانُ من فصاحته وذكائه الخارق، فقال: أعطوه أربعمائة درهم أخرى ودعوه يذهب إلى أهله. وليكتب على باب قصري بأن شور النساء لا يُطاع؛ فبسبب تلك المشورة خسر السلطان ثمانمائة درهم على أساس أن الأربعة الأولى ثمن تلك السمكة التي أُهديت إلى السلطان.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved