الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th July,2006 العدد : 163

الأثنين 28 ,جمادى الثانية 1427

في روايته القنبلة (شيفرة دافنتشي)
براون يثير تساؤلات العالم ويستعدي الفاتيكان2-2

ومن خلال رحلة البحث عن حلّ لشيفرة الرسالة يتضح السر الذي حافظت عليه جماعة (سيون) الموجودة ضمن وثائق (مخطوطات البحر الميت) وتبدأ ملاحقات بوليسية خطيرة يستطيع فيها البطل مع (سوفي) الهروب من كل الملاحقات ويمران أثناء ذلك بعمليات معقدة من فك رموز رسمية وحرفية وحسابية متروكة لهما من قبل (سونيير) لتدلهما على مكان الدم المقدس الأنثوي، في سياق بحث خلال نسيج روائي فيه الكثير من العبقرية، عبر أماكن تاريخية شهيرة مرورا بمتحف اللّوفر الذي يشهد جريمة القتل، وإلى هيكل سليمان، ثم المقبرة الشهيرة في بريطانيا، وكذلك إلى كنيسة(Rosemarie) روزماري، فيظن القارئ للوهلة الأولى أن الدم المقدس موجود في الكنيسة تحت رمز النجمة السداسية (المنقوش داخلها)، ولكن النتيجة كما في روايات (أجاثا كريستي)، حيث نهاية الرواية تكشف أن هذا الدم موجود في حديقة بمتحف اللّوفر ضمن منطقة يتقابل فيها هرمان متعاكسان (مبنيان تحت بعضهما البعض).
(لو دمج الهرمان لرسما النجمة السداسية مرة أخرى. اعتمد (دان براون) في الرواية الكثير من المادة العلمية التاريخية والدينية التي تفيد الباحث في مجال الأديان. فيؤكد أن كل ما يسرده بالغ الدقة والمصداقية، وربما كان تاريخ المسيحية كما يسرده (دان براون) هو الأكثر أهمية، فهو الذي أثار حفيظة (الفاتيكان) ضد ما جاء فيها فهو يبطل في روايته مزاعم تسعى الكنيسة إلى أن تثبتها بشتى الطرق حتى لو خالفت في إثباتها الدين والمنطق والتاريخ والعلمية، مؤكدا بالأدلة التاريخية التي يسردها أبطال روايته: (أن المسيحية التي يعتنقها مسيحيو اليوم ليست إلا نسخة محدثة عن الوثنية (paganism)، وأن المسيحية كدين رباني حرفت تماماً بعد وفاة المسيح عليه السلام، وأن للكنيسة تاريخاً مليئاً بالعنف - الفصل الثامن والعشرون من الرواية)، وهذا ما جعل الرواية تمنع في أكثر من دول العالم التي تعتنق المسيحية؛ لأنها تهاجم (تزييف رجال الفاتيكان تاريخ المسيح ومحو كل الشواهد حول بشريته، كما يؤكد إهدار الكنيسة لدور المرأة حين حولت العالم من الوثنية المؤنثة إلى المسيحية الذكورية بإطلاق حملة حولت الأنثى المقدسة إلى شيء آخر، ومحت تماما أي أثر غير ذلك في الدين الحديث، وحولت الاتحاد الفطري بين الرجل والمرأة من فعل مقدس إلى فعلة شائنة، وهو ما أفقد الحياة التوازن - الراوية). اكتسبت الرواية شهرة بسبب التأكيد على منعها كونها تشنّ هجوما ضاريا على الكنيسة، فالمسيحية اليوم كما يقول (براون)، هي في الأصل من صناعة الإمبراطور الروماني (قسطنطين) الذي حكم روما الوثنية في الفترة ما بين 285- 337 للميلاد أي بعد وفاة عيسى عليه السلام بحوالي الثلاثمائة سنة، ولُقب ب (قسطنطين الميكافيللي) الذي أراد أن يتزعم العالم الذي يعتنق المسيحية، فقام أولاً بإعادة صياغة الكثير من رموز الديانة الوثنية التي يدين بها شعب (روما) في تلك الفترة بحيث تتلاءم والمسيحية التي بدأت تفرض نفسها، فعلى سبيل المثال وحتى يرضى الرومان باعتناق المسيحية، جعل (قسطنطين) يوم الأحد يوما مقدساً. وكما نعرف أن الأحد باللاتينية يسمى ال (Sunday) أي يوم الشمس، والرومان الوثنيون قدسوا الشمس واتخذوها إلها (وهي مؤنث)، فعلى يدي الحاكم (قسطنطين) صار الإله الأقدس عند الوثنيين الرومان اليوم الأقدس عند المسيحيين. وفي مكان آخر يعرض الأصول الوثنية لرموز المسيحية واحداً تلو الآخر، مبطلاً الصبغة الإلهية السماوية لمسيحية اليوم، ومؤكداً التحريف الذي طال المسيحية بعد وفاة المسيح عيسى (عليه السلام). يقول (تيبينج) في الفصل (55) أيضا إن الإمبراطور (قسطنطين) قام بطرح فكرة وضع المسيح عليه السلام في مرتبة أخرى عام 325م، في المجلس المسكوني حيث إن المسيح قبل هذا التاريخ كان ينظر إليه كنبي من البشر، وشخص عظيم ذي معجزات، ولم يكن ينظر إليه كإله أبداً. ويضيف أن القائد (قسطنطين) ألّه المسيح بعد أن صوت الرهبان لصالح هذه الفكرة، ثم يؤكد الروائي (أن قسطنطين قام بحرق نسخ الإنجيل التي كانت موجودة والتي كانت تصور عيسى (عليه السلام) كبشر، وقام بكتابة أناجيل جديدة تحوي فكرة النبي الإله. وكان أي شخص يمتلك أو يؤمن بإنجيل غير الذي وضع في المجلس المسكوني، يعتبر في نظر الكنيسة زنديقاً تنزل به عقوبة الموت حرقاً). ويشير (براون) إلى الوثائق القبطية (التي وجدت في وادي حماد في مصر عام 1945م والتي تحكي عن المسيح عليه السلام كبشر) وكيف أن هذه الوثائق حوربت من قبل الفاتيكان كي تبقى هذه الحقيقة مغيبة، ولا يكتفي كتاب (شيفرة دافنتشي) بالتهجم على ماضي الكنيسة بل يصل إلى حاضرتها (الفاتيكان) ويحكي عن قصتها مع الجماعة الدينية المتطرفة التي كانت تحت رعاية البابا سابقاً وتعرف بال Opus Die ويشرح للقارئ كيف قدم الفاتيكان لهذه الجماعة مبلغ (200 مليون يورو) قبل أن يفصلها عنه، بعد أن صار تطرفها يثير استياء البابا. ولا تزال تمارس نشاطها حتى اليوم. ومما سيدهش القارئ عن هذه الجماعة فهي ما زالت تحتفظ برفات (مريم المجدلية) حاملة الدم المقدس، كارتباطها برموز اليهودية والصهيونية، فما النجمة السداسية والهرمان المتقابلان في متحف اللوفر إلا إشارة إلى تلك الرموز الدينية، وما اسم الجماعة (Sion) إلا الأصل الذي ينتج منه اسم الحركة(Zionism) ، ومن الجدير بالذكر أن أكثر من ثمانية ملايين نسخة بيعت من الرواية رغم المنع إلا أنها استطاعت أن تصل إلى اللغة العربية بواسطة جهد المترجمة (سمه محمد عبد ربه)، وقد صدرت عن الدار العربية للعلوم 2003م، في 494 صفحة من القطع الكبير.
غموض دافنتشي
كان ليوناردو دافنتشي فنانا غريب الأطوار ينبش العديد من الجثث ليدرس البنية التشريحية عند الإنسان، ويحتفظ بمذكرات يكتبها بطريقة غامضة يعاكس فيها اتجاه الكتابة. وكان يؤمن بأنه يمتلك علما كيميائيا يحول الرصاص إلى ذهب، وبالرغم من أنه رسم كماً هائلاً من الفن المسيحي، وبالرغم من طبيعته الروحانية، فقد ظل على خلاف مستمر مع الكنيسة، يرسم الموضوعات المسيحية، لكنه يضمّن اللوحات الكثير من الأسرار والرموز التي تحتشد بمعتقداته الخاصة كأحد الأعضاء البارزين في جماعة (سيون) التي هي أبعد ما تكون عن المسيحية.
وفوق جدارية كنيسة سانتا ماريا في ميلانو بإيطاليا رسم دافنتشي لوحته الأسطورية (العشاء الأخير) التي ضمّنها الكثير من الأسرار والرموز حول عقائده. ويقدم دان بروان قراءاته الصادمة محاولاً فك الشفرات وتحليل الخطوط داخل اللوحة.


ميرغني معتصم

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved