الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 24th July,2006 العدد : 163

الأثنين 28 ,جمادى الثانية 1427

وجوه وزوايا
لا عطر بعد عروس!
أحمد الدويحي

(أكذب لو قلت بأنِّي لا أحبها، لكنه حب الزاهد للخمر، يشتاقه، يشتهيه، لكنه يعرض عنه توُّرعاً عن دنسه، ورغبة فيما هو أبقى من نعيم الآخرة، أعرف أنّها تريد خمراً، تريد شعراً، تريد ماساً، وأنا كسرت دنان العشق في قلبي، وملأته بماء الرحمة)
زهراء موسى
جاءت هكذا من حواف الخليج لتهطل سرداً، وتحكي بفم (فتى أدرد) تفاصيل الوجع، فشعرت أنّ الوجع يتخلّق في داخلي، فصحت للتجلِّيات ورفعة هذا الغموض الفني الجميل، وشفافية غرستها زهراء في جيل سردي مبدع، أحال مساء سرد إلى حالة تأمُّل وتأويل مبدع ومتألّق، حينما تتلاقح المعرفة بين الأجيال، فعدت إلى (ملف) متتاليات قصصية، فطالعتي نصوص زهراء بما تحمله من شجن ورهافة حس، حينما تعتق الماء في أحشائها وصار زعافاً بل صار لبناً، صاحت إحداهن تحكي قصة حياتها لبنات جنسها، قصة الطفل الوعد: (أغربن! موعودة أنا بطفل وعد (حليمة) بمحمد)!
تذكّرت تلك المداخلات، وقرأت ما كتب في نهاية هذه النصوص من مداخلات، جاء بعضها في إشارات عابرة، والآخر عميق حتى في إشاراته السريعة، وتلك الكتابات المسرفة في تتبع الجماليات، وتتبع مستويات السرد وتقنياته في مجمل نصوص الملف، وتعدُّد الرؤية بتعدُّد التنوُّع السردي، وأقف هنا - أتذكر زميلها في الأمسية القاص محمد القرعاوي، وقد قسوت عليه بسبب دلالات وردت في أحد نصوصه، كالإشارة إلى الشجرة الخبيثة والحاشي، فحوّل النص في بعض دلالاته إلى كلام خطابي وعظي، فغاب عن ذاكرة الكاتب كيفية توظيف الخصوصية إلى قالب فني بديع، حينما تتحاور عناصر المعطى الفني، وهذا بالذات ما نجحت معه زهراء موسى، فتجاوزت خوفها وقد ظنت أنّكم ستجدون لحناً ساذجاً، وربما لن تحبو لكنتها المذهبية، فنصوصها لا تخلو من هذا الملمح، وقد اخترت مقطعاً قصيراً من قصة (العباءة)، فأول ما يتبادر إلى الذهن عند قراءة نص لكاتبة يحمل هذا العنوان، تظن أنّه يتحدث عن عالم النساء، ولكن نص زهراء يمور بعالم متكامل له نسيجه المختلف، ومن هذه الخصوصية، نسجت الكاتبة خيوط نصها بهذا الثراء المعرفي والحس الفني العالي، ويأتي تفرُّد القصص الأخرى لغوصها في معالجة الذاتي من عالم المرأة، ويخطئ من يحمل النصوص أكثر مما تحتمل بعيد عن هذه الخصوصية المبدعة، ولأنّ لا عطر بعد عروس، فظلم أن أتجاوز كلمات (سيد المكان) وتلك مشكلة الكتابة وربما مشكلتنا في المنتديات الأدبية (بأنّ الفن في مجمله تأثُّر وتأثير، وأليس التأثير أجمل ما يكون حين يجعلنا أجمل وأرقى فكراً وذوقاً وشعوراً؟، أرادوها واعظة على منبر، وحلمت أمها أن تزوجها لولي صالح لكنها - هي - أرادت أن تفعل كما يفعل الله! شجرة من نخلات هجر السامقات، نقطفها ونسكبها في جوفنا دفعة واحدة!).
وحينما تفر من داخلي طيور الفرح والغضب فلا فرق، سرب الطيور البيضاء فلا بد أن تجد دائما لها هناك محطة في الشمال تنتظرها.
الله وأكبر يا زياد .. التاريخ يعيد نفسه، ما تشعر يا صديقي أنّ الحصار زادت شراسته، وحتى الكلام فقد معناه، لا داعي لخلق أعداء جدد في هذا الوقت بالذات (فولتير) في احتضاره رداً على طلب قسيس منه أن يلعن الشيطان!، كلام يسوقه بعض الأصدقاء، ويسلون به الأوقات عندما تزف لهم ما لا يريدون، وخالي الذي تعرفه حق المعرفة، أعاد في ذات الحالة ترديد بيت شعر معروف (ألا ليت اللحى كانت حشيشا، فترعاها حمير المسلمين)! وردّده وكنا وقوفاً فوق قبر، فقلت أظن ما ينسب لزيد بن مفرغ قوله: خيولا ..
قال: آسف ما عاد فيه خيول، تصور!
صباح ورد كشمال الروح والوطن والجسد.
ولم أكذب خبراً، فكان زياد حاضراً، لنتذوّق معاً تلك الفاكهة اللذيذة من الصراع الممتد إلى النهاية، فقال أهلاً وش حصل؟ يصنع الحاضر بأشخاص ماتوا، ويصنع المستقبل بكلمات لا حاضر لها، هذا هو الفكر الغربي السائد، وما أكثر الأوطان التي يبدأ فيها، يسجن المواطنين بالنشيد الوطني!، (أدونيس)، ويقول الأنصاري من لا يتعلّم من تاريخه، محكوم عليه بتكرار تجاربه المؤلمة وفواجعه المتجدّدة، أما جدك المتنبئ فيقول: أغاية الدين أن تحفوا شواربكم، يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!، ولاحظ المفارقة الفاضحة هنا: جندي واحد انتفضت من أجله دولة بكاملها، بينما شعوب تباد بشكل كامل بمباركة من حكوماتها الوطنية، صباح الحب، ومرحباً ألف.


aldwi7Y100@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved