Culture Magazine Monday  25/06/2007 G Issue 204
نصوص
الأثنين 10 ,جمادى الثانية 1428   العدد  204
 

ناهد الحسن في سرديات (حلم العودة):
غطاء من مديح الحكاية المفعمة بمودة البوح
عبدالحفيظ الشمري

 

 

(حلم العودة) قصص قصيرة لم تعنون بهذا المفهوم صراحة؛ إنما حملت دلالاتها وتكويناتها البعد القصصي بحالته الحكائية الصرفة.. فالكتابة ناهد يوسف الحسن تطل على القارئ بإضمامة من النصوص السردية التي تتكئ على الحكاية، وتستطبن لغة السرد الهادئة، إذ ينهل الراوي في كل قصة من هذه القصص من معين القصة الأم في حياة الإنسان تلك التي نشرت فيها جميعا والمتمثلة في همنا العام، في وقت تقف فيه (ناهد الحسن) على أعلى قمم الحكايات، حيث تمثل قضية الوطن الفلسطيني المعالم الرئيسة في رحلة المجموعة نحو القارئ منطلقة بذلك من الألم اليومي لمعاناة الاحتلال، كما في القصة الأولى (قيم عربية) حيث تتقاطع حكاية (ناهد) الخاصة مع حكايتنا العامة المتمثلة في الخذلان والخيبات المتوالية، فيما تتولى القصص اللاحقة على هذا المنوال أو قريبة منه.

أمر آخر يمكن لنا ذكره في فضاء نصوص مجموعة (حلم العودة) لناهد الحسن يتمثل في توجهها المدروس نحو كتابة نص سردي هادئ يستظهر لغة القص الهادئة.. تلك التي لا تعمد إلى الإبهام أو صنع مفارقات الكتابة الأدبية؛ إنما ظلت الكاتبة تدفع الرواة نحو البوح الحكائي المألوف طمعا في إيصال الفكرة بشكل واضح.

القصص الأربع الأولى حملت صفة الحكايات المعبرة عن واقع إنساني حميم مرت به الكاتبة، لتتفنن في صياغة فضاءاته الحزينة على نحو حكاية أو قصة (زوجة أبي) في المجموعة، حيث نرى الكاتبة وقد أخرجت من رحم أحداثها ذلك البعد الذي لم يطرق أبدا؛ المتمثل في سلوكيات زوجة الأب الحميدة والجميلة حيث أخذت دور الأم وقامت بتربية الصغار على نحو رائع، في وقت ألفنا فيه قراءة معاناة الكثير ممن فقدوا حنان الأمومة ولا سيما حينما يقترن الأب بامرأة أخرى تقيم على أنقاض هذه العائلة المحطمة.

قصة (حلم العودة) التي حملت اسم المجموعة تعد بحق عملا متكاملا، ونموذجا رائعا لكتابة النص القصصي الجديد حيث نرى الكاتبة (ناهد)، وقد استعرضت حياة الغربة بشكل جميل، وكأننا نطرقه لأول مرة، فيما حوت القصة بعدا دلاليا عن مآل الحلم نحو الهاوية، إذ لم تعد فكرة العودة إلى الوطن الأم حية ويقظة كما كانت.. بل جاءت على هيئة وعد كاذب أتى الموت إلى المرأة (زينب) ولم يحقق الحلم بالعودة إلى وطن الزيتون والبرتقال وكروم العنب.. حضر الموت يا (ناهد) إلى زينب في الغربة ولم تحن بعد بشارات النصر على قبح الاحتلال.. إذ لم تر البطلة في القصة رغبة العودة إلى الوطن إلا من خلال تلك الرؤيا المنامية المفجعة حينما حلمت بالحقول وبالأهل وهي نذر حالة تفطر القلب إن كان هذا هو مآل أحلامنا نحن الذين نحن إلى عودة الوطن إلى أهله.

فلله در الأحزان على نحو (حلم العودة) حينما تعيد راوية الحدث سيرة الألم كاملة غير منقوصة لتذكرنا بقضية مهمة ومصيرية تتمثل في ضياع الوطن فلسطين.. لكن الذاكرة قوية، والمشهد أقوى من أن ينتسخ أو يغيب.

قصص مجموعة (حلم العودة) ترتيب جديد لحكاية الإنسان العربي الكادح المكافح.. ذلك الذي يتفاعل مع الحياة بطريقة فطرية واضحة.. إذ تأتي نماذج العمل على هذا النحو من البناء المثالي للشخصيات التي تحرك الأحداث على نحو قصة (جبال راسيات) حيث تتوزع الأدوار الإنسانية على الشخوص بشكل متوازن لا يطغى عنصر على الآخر، لأن الحكاية الأم هي في الأساس هي رسالة مهمة يقتضي الرشد أن نتأملها، ونتدارس أثرها حيث لا يبقى في هذا الزمن سوى حكاية واحدة تتمثل في قيمة الإنسان الذي يجدر بنا أن نصوم بقاءها في ذواتنا.

نشير في ختام هذه المقاربة السريعة والمقتضبة حول (المجموعة) إلى أن الكاتبة ناهد الحسن برعت إلى حد كبير في إيقاظ حكاية الوطن الفلسطيني في عقولنا التي عراها الوهن لفرط ما تكبدناه من مرارات حديثة جدا كانوا يراهنون على أنها ستكون الضربة القاضية لكنها وبغضاء هذه القصص أصبحت أشد حضورا لا سيما الحلم بالعودة إلى الوطن.

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

***

إشارة:

- حلم العودة (قصص).

- ناهد يوسف الحسن.

- دار العبيكان - الرياض - 1428هـ - 2007م.

- تقع المجموعة في نحو ( 80 صفحة ) من القطع المتوسط.

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة