Culture Magazine Monday  25/06/2007 G Issue 204
شعر
الأثنين 10 ,جمادى الثانية 1428   العدد  204
 
نهج النهج
شعر: أوس بن إبراهيم الشمسان

 

 

أَبكَى المدَامِعَ خَطوُ الرِّيمِ كالنَّغَمِ

مَاذَا فَعَلْتِ بِقَلبٍ أَشْيَبٍ هَرِمِ

هَل ضَاقَ جُودُكِ لَو كَشَّفْتِ عن بَرَدٍ

إذ يَستَغيثُ فُؤادٌ جَفَّ مِن قِدَمِ

كَيفَ احتِمَالُ عَلِيلٍ رامَ إذْ خَطَرَتْ

عَينَاكِ عَافِيَةً فارتَدَّ في سَقَمِ

يَومَ الْتَفَتِّ وسَيفُ اللحظِ مُنجَرِدٌ

هل تَسعَدِينَ بِمَوتِ الليثِ في الأُجُمِ

يا شَادِنًا دَاهَمَتْ شَيخًا ومَا عَلِمَتْ

أنَّ المَشِيبَ إذا يَعلُوهُ لم يَقُمِ

لَو صُنْتِ لَحظَكِ فَالأيَّامُ كَافِلَةٌ

إنْ لَمْ أَمُتْ بِوِصالٍ مِتُّ مِن شَمَمِ

خَلَّفْتِ قَلبِيَ مَطرُوحَ الهَوى وَغَدَا

ثَوبُ الملامَة يَكسُو شَيبةَ الشَّبِمِ

مَا بالُ قَلبِكَ يَشكُو اليَومَ عِلَّتَهُ

هل شَفَّهُ الوَجدُ أمْ شَكواهُ مِن سَأَمِ

يا عَاذِلاً لَمْ تَضَعْ دُنياكَ في عَجَلٍ

ثَوبَ الشَّبابِ فلا تَعذِل ولا تَلُمِ

حتَّى يَطيرَ غُرابُ الرَّأسِ مُرتَحِلاً

أَيقَنْتَ أنَّ شَبابَ العُمْرِ لم يدُمِ

ما العُمْرُ إلا جُفُونٌ أُسدِلَت ومُنًى

عَذراءُ فانتَهزِ الأيَّامَ واغْتَنِمِ

لا شَيءَ يُدرِكُ يَومًا رَاحِلاً فَمَتى

أفْنَيتَ عُمرَكَ لن تَقْتاتَ بِالنَّدَمِ

وَهذِهِ نَفسُكَ الرَّعنَاءُ لَو زُجِرَتْ

أَصبَحْتَ مِن خَيرِها فِي خِيرَةِ النَّسَمِ

لَولاكِ يا نَفْسُ ما جَارَ العُقَابُ على

سِربِ الحَمَائِمِ أو ذِئبٌ على غَنَمِ

أو أَصبَحَ الخَلقُ كالأَنعامِ شَأنُهُمُ

أنَّ القَويَّ يُوَارِي سَوءَةَ الأثِمِ

والنَّاسُ بَينَ ضَعيفٍ ماتَ مِن ظَمَأٍ

أَخُوهُ مُمتَلِئُ الأحْشَاءِ مِن تُخَمِ

وَيحَ ابنَ آدَمَ يَشقَى لِلحَياةِ ولن

يَزدَادَ فَوقَ نَصِيبِ اللَوحِ والقَلَمِ

لَو يَعلَمُ الخَلقُ ما أَخفَتْ نُفُوسُهُمُ

لَمْ يَبقَ مَن يَتَوارَى وَجهُهُ بِدَمِ

كَم ضَلَّ خَلقُكَ يا رحمن وانتَظَرُوا

أَمرًا يُطهِّرُ ما بِالقَلبِ مِن وَرَمِ

حتَّى مَنَنْتَ إلهَ العَالَمينَ بهِ

يَومَ اصطَفَيتَ بَدِيعَ الوَجهِ والقَسَمِ

مُحَمَّدٌ رَحمَةُ الخَلاَّقِ حينَ أَتَى

مِثلَ انبِعَاثِ شُعَاعِ الفَجرِ في الظُّلَمِ

سَاقَ الهِدَايَةَ في كَفَّيهِ فانهَمَلَتْ

كالغَيثِ يُرسِلُهُ الرحمنُ مِن دِيَمِ

يَمضِي يَطوفُ بِأَمرِ اللهِ يَحمِلُهُ

شَرقًا وغَربًا على الأعرَابِ والعَجَمِ

كَانَ الدَّلِيلَ وقد كَانَت رِسَالتُهُ

نُورًا يُضِيءُ كَمَا المِشكَاةِ فِي العَتَمِ

يَهدِي الأنَامَ فَإنْ ضَلَّت دُرُوبُهُمُ

تَلقَاهُ كَالنَّجمِ أو كَالنَّارِ في العَلَمِ

ذَاكَ الرَّسُولُ كَرِيمُ النَّفسِ قد كَمُلَتْ

فِيهِ الخِصالُ فَزَانَ الخَلقَ بِالشِّيَمِ

ذَاكَ الرَّسُولُ وسِحرٌ في مَلافِظِهِ

أَفدِيهِ جَامِعَ حُسنِ الفِعْلِ والكَلِمِ

ذَاكَ الرَّسُولُ إِذَا فَاضَت مَكَارِمُه

أَغنَاهُ رَبُّكَ مِن مُستَودَعِ الحِكَمِ

مَا جَارَ قَطُّ بِحُكمٍ أو مُخَاصَمَةٍ

أَكرِمْ بِوَجِهِ رَسُولِ الله مِن حَكَمِ

فالخَلقُ أصبَحَ أَغنَاهُم كَأفقَرِهِم

لَيسَ الثَّرِيُّ إذا أَكدَى بِمُحتَرَمِ

واستَوطَنَ العَدلُ مُذ جَاءَ الرَّسُولُ فَمَا

أَبقَى عَلى شَهَواتِ الطَّامِعِ النَّهِمِ

قَادَ الحُشُودَ ب(جَاءَ الحَقُّ) مُتَّكِلاً

يَسعَى يُحَطِّمُ مَا بِالبَيت من صَنَمِ

وَاقتِيدَ جَمعُ قُرَيشٍ بَعدَمَا وُكِسُوا

عَفَا وأَصلحَ لَمْ يَجْهَلْ وَيَنتَقِمِ

واستَبشَرَ الناسُ أنْ تَمَّ الذِي وُعِدُوا

قَالَ الرَّسُولُ وَبَرَّ الله بالقَسَمِ

أدَّى الأَمَانَةَ لم تُنهِكْ له كَتِفًا

وأُشهِدَ الخلقُ يَومَ الجَمعِ في الحَرَمِ

أَن لا إِلَه سِوى الرحمن ثُمَّ أقِمْ

هذَا الكِتَابَ وبابَ الحَقِّ فالتَزِمِ

فكَانَ أوَّلُ مَا أَوصَى بهِ بَشَرًا

وَكَانَ آخِرَ مَا أَلقَاهُ مِن كَلِمِ

ثُمَّ استَجَابَ لأمِرِ الله فَانَطَفَأَتْ

تِلكَ العُيُونُ وعَينُ الله لَمْ تَنَمِ

حَلَّتْ مَنِيَّتُهُ في ذِكرِ مَولِدِه

سُبحَانَ مَن مَزَجَ الأَفرَاحَ بِالأَلَمِ

سَحَّت دُمُوعُكِ يَا عَينَان إِذ فُجِعَا

مِثلَ المِيَاهِ جَرَتْ مِن قَعرِ مُنثَلِمِ

وَاكتَظَّ مُنطَلَقُ المِعرَاجِ حِينَ دَعَا

رَكَبَ المَلائِكِ مَا بِالأَمرِ مِن عِظَمِ

أَسعِدْ بِمَن شَهِدَ المختَارَ عن كَثَبٍ

أو من رآه كَطيفٍ جَاءَ في الحُلُمِ

بَعدَ الحبِيبِ أصَابَ القَومَ فَاجِعَةٌ

عِضبٌ يُهَتِّكُ بَينَ العَظْمِ والأَدَمِ

كُنَّا الرُّؤوسَ فَصِرنَا الذَّيلَ وَا أَسَفا

يَا أُمَّةً خَنَعَتْ فِي أَسفَلِ الأُمَمِ

بِعنَا العُرُوشَ وآثَرنَا الخُدُورَ وكم

مِن سَيِّدٍ يَرتَضِي التَسخِيرَ كَالخَدَمِ

لُمنَا الزَّمَانَ وهَل رَدَّ الزمَانُ فتًى

قُل لِي أَلَمْ تَجُدِ الدُنيَا بِمُعتَصِمِ؟

يا أُمَّةً ثَقُلَتْ خِزيًا كَوَاهِلُهَا

هُبِّي فَمَا بَقِيَتْ حَربٌ لتَنهَزِمِي

لَم يَبقَ فِيكِ مِن الفُرسَانِ ذُو فَرَسٍ

هَذَا أَوَانُكِ فَاشتَدِّي بِلاَ (زِيَمِ)*

جَرِّد حُسَامَكَ مِن غِمدِ الهَوَانِ وعِشْ

حُرًّا وَدُونَكَ حَبلَ اللهِ فَاعتَصِمِ

وابغِ المكَارِمَ والأخَلاقَ تَحْيَ بِهَا

مَا حَكَّ جِلدَكَ ظِفرٌ قُصَّ مِن لُحُمِ

يَا رَبِّ جِئتَ لنَا بِالحقِّ نَسمَعُهُ

فَاشفِ القُلوبَ إلهِي مِن أَذَى الصَمَمِ

وارفَعْ بِأَمرِكَ ذُلَّ المسلِمِينَ كَمَا

أَحسَنتَ خَلقَكَ للإِنسَانِ مِن عَدَمِ

يَا أَرضَ طَيْبَةَ أُقرِيكِ السَلامَ إِلى

خَيرِ الذِينَ مَشَوا يَومًا عَلَى قَدَمِ

رَبَّاهُ صَلِّ عَلَى الهَادِي البَشِيرِ وَجُدْ

عَلَّ الدُّعَاءَ يَقِي مِن كَيدِ مُنتَقِمِ

وَتَمِّمِ الفَضلَ أَن أَحظَى بِصُحبَتِهِ

يَومَ النُّشُورِ وربِّي وَاسِعُ النِعَمِ

إِنِّي سَأَلتُكَ أَن أَلقَاهُ مُنتَهِلا

مِن راحتيه ومن لاقاهُ يقْتَسِمِ

فالصَّالِحُونَ تَوَالَوا والرَّسُولِ عَلَى

حَوضِ النُّبُوَّةِ يَسقِي مَن دَنَا وَظَمِي

فَاكتُبنِيَ الله يَومَ العَرضِ بَينَهُمُ

وَاجعَلْ لِعَبدِكَ فِيهِمْ حَظَّ مُستَهِمِ

لا تُخزِنِي الله حَسبُ السَّيئَاتِ خَزًى

أَنتَ الغَفُورُ فوِزرِي جَاءَ كالعَرِمِ

يا عَالمِا بِكِتَابٍ يَحتَوِي ظُلَمًا

خَجلانَ مِن صَفَحَاتِ الإِثمِ مُزدَحِمِ

ما كَانَ عَبدُكَ إلا طَامِعًا أَمِلاً

أَن تَرحَمَ اللهُ مَن يَأتِيكَ بِالنَّدَمِ

سَطَّرتُ رَبِّيَ أَبيَاتٍ وبِي أَمَلٌ

أَن يَجبُرَ القَولُ فِعلاً غيرَ مُلتَئِمِ

أَنتَ الكَرِيمُ ومِنكَ العَفوُ مَنشَؤهُ

فَاغفِر لِعَبدِكَ يا ذَا الجودِ والكَرَمِ

-الولايات المتحدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة