Culture Magazine Monday  25/06/2007 G Issue 204
كتب
الأثنين 10 ,جمادى الثانية 1428   العدد  204
 

السياسة وسلطة اللغة

 

 

تأليف: عبدالسلام المسدي القاهرة: الدار المصرية اللبنانية 2007

لئن كان للفظ سحره فإن لقصة السياسة عبر الكلمات ألف سحر وسحر. في توالج سلطة اللغة والسياسة مفارقات يعجب لها الساسة أيما عجب لو صبروا على تفهمها، ويستلذ بها الراصد إذا ما تولى بنفسه تفكيك شفرتها. إن اللفظ في السياسة يحمّل صاحبه مسؤولية استعماله وغالبا ما يحمّله أيضا تبعات تأويله، وقد يأتي من اللغة على صاحبها ما لم يحدس بمجيئه، لذلك تعتري صانع الخطاب ارتباكات تتقلب به بين أطراف السياق.

ففي فصل عنوانه (دلالة الألفاظ وامتحان السياسة) يقول الكاتب إن العرب واجهوا ما يصفه بمحنة الانخراط الدلالي منذ الثاني من أغسطس عام 1990 حيث تدل الألفاظ على رؤية صاحبها لما حدث فجر ذلك اليوم. فمن قال (دخول الجيش العراقي إلى الكويت) يحسب على أنه من أنصار نظرية المحافظة التاسعة عشرة التي أعلن العراق استعادتها. ومن قال (غزو العراق للكويت) فهو من أنصار تحرير الكويت بأي وسيلة. أما لفظ الاحتلال فيرفضه الكويتيون لأنه يحمل اقرارا للحدث ولهذا كان الحياد تجاه ما حدث باعتباره (فترة الغزو).

الحياد نفسه كان مخرجا لحدث تلا (فترة الغزو) بثلاثة عشر عاما وكان بطله الرئيس العراقي السابق صدام حسين. فيقول المؤلف إن إلقاء القوات الامريكية القبض على صدام في ديسمبر كانون الأول 2003 أصاب صانع الخطاب بارتباك؛ إذ من الصعب أن يورد اسم صدام (عاريا من صفة) ولهذا بدأ بول بريمر الحاكم الامريكي للعراق وقتها كلامه باستعمال ضمير الغائب (لقد تمكنا منه) ثم تحدث عنه البيت الابيض بوصفه مجرم حرب. ويعلق المسدي على وصف صدام بأنه (مجرم حرب) قائلا انه مصطلح غير دقيق (من سيحاكم مجرم الحرب.. بل ومن الذي أوقد فتيلها.. ثم من بجيوشه خرج من أرضه فغزا الآخرين..) ثم أعلنت الادارة الامريكية في وقت لاحق أنه أسير حرب.

ويضيف أن صدام حين بدأت محاكمته في أكتوبر تشرين الاول 2005 لم يكن مجرم حرب ولا أسير حرب ولا مختطفا بل حوكم بصفته (الرئيس العراقي المخلوع) في حين وصفته (الوكالات الاجنبية) بأنه الدكتاتور السابق (غير مبالية بالالتباس الدلالي الذي قد يدفع بالظن بأن القائم بعده ساعتها هو دكتاتور لاحق.. وبعد جولات من مسرحيات المحاكمة بدا لأولي الأمر بين أمريكيين وعراقيين أن صفة المخلوع تتضمن إدانة لفعل الخلع أي للخالع. فلاذوا جميعا بالوصف الطبيعي وهو (الرئيس السابق).

يقع الكتاب في 366 صفحة من القطع العادي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة