الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 25th August,2003 العدد : 26

الأثنين 27 ,جمادى الثانية 1424

مع الاحتفاظ بجهودهم
هؤلاء ليس لهم أعمال توثق ريادتهم للفنون التشكيلية
الفن التشكيلي و التربية الفنية لكل منهما دور وأهداف

* الثقافية محمد المنيف:
مع تطرق الكثير لواقع الفن التشكيلي بالدراسات والمقالات في فترات مضت الا ان هذا او ذاك لا يمنع من ان نستعيد ما يمكن استعادته لكون هذا الفن ديناميكي الحركة قابلا لكل جديد مشرعا أبوابه لكل مبدع حتى اصبحت ملاحقة حركته وتحركه صعبة التحقيق خصوصا في المراحل الاخيرة التي يكاد يكون فيها غالبية المجتمع «تشكيليين»، وهذا امر يسعدنا في جوانب ويؤلمنا في جوانب اخرى.
مؤملين تقديم هذا الواقع بشكل موجز، وعبر حلقات نعلم انها لن تكون مستوفية لكل ما يعني هذا الابداع ولكنها اطلالة نرى ان من حقه علينا ان نعود اليه بين فينة واخرى للتذكير ونبدؤها بأن نعرج قليلا على مفهوم خاطىء تمثل في الجمع بينه وبين مادة التربية الفنية مع ان لكل منهم كيانه وكيونته، فواقع الفن التشكيلي بما يعنيه من اهداف وبرامج وتواجد محلي وعالمي، وما يتعلق به من مواصفات او صفات او ما يترتب على تسميته من شروط، اضافة الى ما اصبح عليه هذا الفن في حضوره العالمي والاهتمام به من تأسيس للاكاديميات المعنية بتعليمه، واقامة المتاحف وقاعات العرض للاعمال البارزة فيه لكل حقبة تاريخية يمر بها، اما مادة التربية الفنية فلها ايضا واقعها وكينونتها في اهدافها واسلوب تعليمها ولكن بشكل مختلف لا يصل الامر فيه الى الربط بينهم، كما يلاحظ ان في كل حديث عن الفن التشكيلي يقوم خلاله المتحدثون او ما يمكن ان يقال عنهم المؤرخون لهذا الفن او النقاد والمؤلفون ان كل من له صلة بالتربية الفنية من معلمين للتربية الفنية من غير المتخصصين او ممن تلقوا دراسات عليا فيها انهم من رواد الفن التشكيلي مثل ما جاء في الاصدار الخاص بمسابقة ملون السعودية عام 1996م تحت عنوان رواد الحركة التشكيلية او في مقالات ومؤلفات اخرى تم فيها ادراج اسماء يتوقف دورها عند حدود المجال التعليمي للتربية الفنية فقط اعتبروا فيها روادا تشكيليين، ونحن هنا لا نقلل من اي جهد لهؤلاء بقدر ما نحتفظ لهم بكل الاعزاز والاعجاب مقابل الجهود الكبيرة التي بذلوها في بداية تأسيس هذه المادة بعد اقرارها في مناهج التعليم العام ليضعوها على مسارها الصحيح بطرق علمية وتربوية اتت اكلها مع مستقبل الايام الى ان اصبحت التربية الفنية اليوم من المواد والانشطة الفعالة في بناء الفرد وجدانيا مع مساهمات المبدعين فيها من معلمين وطلاب في مختلف المواقف والمحافل الوطنية، ونعترف لهم بريادة التأسيس لهذه المادة. لكن الامر يتعلق بالفن التشكيلي ككيان مستقل وابداع له مواصفاته وشروطه واهدافه ومستوى من يؤديه ثقافيا وتقنيا مشيرين الى ان صفة الريادة تعني امرين مهمين في اي مجال ابداعي على النحو التالي:
ريادة البدايات
ومنها يمكن تحديد من لهم الحق بناء على دورهم التأسيسي وما عانوه في مرحلة لم يكن للفن التشكيلي اي موقع او مكان او مكانة عند المتلقين، وهم ايضا من ساهموا في بناء جيل من المتذوقين لهذا الفن ولهم المساهمة الكبيرة في تعريف المسؤولين عن اهمية هذا الابداع والتعريف بقيمته الثقافية والفكرية عند الآخرين خصوصا في مرحلة انطلاقة النهضة الكبرى للوطن في مختلف المجالات الحديثة. لنقف ايضا مع معنى الريادة في جانبها الآخر وهي:
ريادة الاسلوب
ومنهم على سبيل المثال الفنانون العالميون ممن تنسب لهم المدارس الفنية المعروفة كالسريالية والانطباعية الى آخر المنظومة، وهذا ما سنتطرق له في سياق الموضوع، ومن هنا نعود الى ما اشرنا اليه في بداية المقال بأن تلك الاسماء من الخطأ ادراجها ضمن ريادة الفن التشكيلي رغم انها لم تبق اثرا تشكيليا يحسب لها ويوثق ريادتها لبدايات هذا الفن.
مرحلة إقرار المادة ودورها الإيجابي
وقبل ان نتحدث عن الفن التشكيلي وقبل ان نودع من لهم دور في تأسيس مادة التربية الفنية يمكن لنا كشف الجانب الذي يمثل الحلقة بين التربية الفنية وبين الفن التشكيلي وهو دور فاعل فمادة التربية الفنية عني بها تربية النشء تربية وجدانية لدعم سبل التربية الاخرى التي انيطت بمناهج التعليم العام اذ لا يمكن تجاهل الجانب الوجداني او تناسي اهمية تفعيل القدرات الذهنية واستغلال الملكات العقلية التي وهبها الله للانسان، ومنها ملكات الابداع تأتي بعدها مرحلة صقل القدرات الادائية لتحقيق اعمال ناضجة فكرا وشكلا مرئيا والتعرف بها على مختلف سبل التنفيذ والخامات وصولا الى مرحلة الابتكار إذ ان هذه المادة في حال تفعيلها وتعليمها بشكل مدروس محقق للاهداف ستكون نافذة مشرعة لكشف عبقرية المواهب في مجالات مهمة في مقدمتها مواهب الابداع الهندسي او الاختراعات والابتكارات العلمية والتصميم والديكور اضافة الى مجال الفنون التشكيلية كالنحت والرسم والتصوير الزيتي والمائي بجانب الارتقاء بالذائقة العامة فليس على معلم التربية ان يتكفل بتخريج فنان تشكيلي بل ان يزرع في تلامذته عشق الحياة والاهتمام بتفاصيلها الجميلة والحفاظ عليها مع ما تقوم به المادة من تهيئة الفرص للموهوبين من مكتسبات قد لا تظهر نتائجها مبكرا كما نشاهده حاليا في مشاركات لفنانين وضعوا لأسمائهم مكانا على الساحة التشكيلية بعد مرحلة زمنية انهوا فيها دراسات عليا في غير مجال الفن فمنهم الطيارون ومنهم الاطباء، ومنهم ضباط في السلك العسكري الا ان بداية مواهبهم اكتشفت من خلال مادة للتربية الفنية ليبدأوا رحلة البحث والتجريب والتعرف على اسس هذا التوجه، وماهي متطلبات الخوض فيه ليصبحوا اعلاما ورموزا يعتد بها ويحققوا الكثير من الجوائز المحلية والدولية، وهذا امر لا يمكن انكاره او تجاهله.
دور التشكيليين العرب
ولكون الحديث يحمل عنوان واقع الفن التشكيلي المحلي فمن الواجب والمفترض ايضا ان نتلمس اسباب تواجد هذا الفن والسبل التي ساعدت في تأسيسه ومنها افتتاح معهد التربية الفنية واستقطاب معلميه من فنانين عرب لهم دورهم الكبير على مستوى دولهم وعلى المستوى العالمي منهم من العراق، ومن مصر ومن سوريا ومن الاردن فوجودهم كان له الاثر الكبير في بناء نخبة كبيرة من الفنانين ما زال صدى تواجدهم يتردد في جنبات الحركة التشكيلية وما زالت الغالبية منهم من ابرز الفنانين واكثرهم انتاجا ومنافسه فمن المواقف والانشطة التي كانت بمثابة الفعل الجديد اقامتهم معارض شخصية قدموا فيها اعدادا كبيرة من الاعمال كانت مثار اعجاب تعرف من خلاله الطلبة في المعهد على اساليبهم الفنية وكيفية استلهامهم لتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم، فأصبحت حديث مجالس الجميع ومصدر اعجاب دفعهم لطرق التجربة وتقديم ما لديهم من امكانات فنية مع ما شابها من تأثر بتلك الاساليب، وبما خالطها ايضا من نقل وتقليد لأعمال فنانين عالميين، وهذه المرحلة لنا معها وقفة قادمة لتحديد الاسماء والتعرف على مصادر ابداعهم.
تلك المرحلة من مراحل الفن التشكيلي والمتمثلة او المحددة في فترة عمر معهد التربية الفنية ما بين عامي 1384هـ. و1410هـ. مع ان اهم فتراته كانت مرتبطة بوجود اولئك الفنانين، اما ما طرأ من تغير في مراحل المعهد الاخيرة لم تكن ذات اثر على الساحة ولم يضف المعهد فيها اسماء جديدة يمكن الاستدلال بها على مستوى التعليم فيه.
البعثات وأول المؤشرات
ومن الجوانب المؤثرة والداعمة مرحلة ابتعاث عدد من منسوبي التعليم او الاعلام او المتخصصين في قطاعات اخرى لدراسة الفنون مع ان غالبيتهم ان لم يكن الجميع لم يتخصص بشكل عام في الفنون التشكيلية كالتصوير والرسم او النحت وخلافها بل كانت غالبية الدراسات في مجال التربية الفنية وتاريخ الفن والمتاحف والديكور الا ان بعضا من هؤلاء خصوصا من كان منهم يمتلك الموهبة القوية المتكئة على مكتسبات اكاديمية في مجال العمل التشكيلي من خريجي المعهد وجدوا البيئة الحقيقية لفنهم وتلقوا الوعي والثقافة الصحيحة العلمية عن هذا الابداع ومنهم من استغل تواجده هناك وتلقى دورات مكثفة فيه. سنستعرض بعض الاسماء المتخصصة ونشير الى تجاربهم وتجارب الآخرين في الحلقات القادمة بإذن الله.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
المحررون
الملف
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved