الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 25th October,2004 العدد : 82

الأثنين 11 ,رمضان 1425

بعد صدور توصيات الملتقى الأول للمثقفين
غياب صوت التشكيليين يكشف عدم قدرة غالبيتهم على دعم إبداعهم

* الثقافية محمد المنيف:
بعد اختتام الملتقى الأول للمثقفين السعوديين وبعد صدور التوصيات العامة تحركت دماء الغيورين على إبداعهم من مختلف منابع الثقافة في المسرح والموسيقى والأدب إلى آخر المنظومة بينما تراجع صوت التشكيليين إلا من النزر القليل من الأقلام المعروفة والأصوات الصادقة العارفة والمؤمنة بدور فنها التشكيلي في بناء ثقافة الوطن والذين رأوا أن في الفقرة التي تخصهم في التوصيات لم تكن على مستوى الطموح ولم يتطرق المعنيون في إعداد التوصيات إلى الكثير مما يؤمل فيه التشكيليون من حقوق أقلها إقرار جمعية مستقلة أو تأسيس
قاعات عرض ومتحف لا أن تختصر في هدف من الأهداف التي تندرج ضمن تفاصيل الحلم الكبير حينما توصي اللجنة بالاهتمام بالموهوبين في الفن التشكيلي دون النظر لمن في الساحة من أسماء رائدة حققت الكثير من المكاسب التشكيلية محلياً وعالمياً.
لقد توقعنا أن نسمع أصوات التشكيليين أسوة بالمسرحيين والأدباء والموسيقيين الذين تردد صدى صوتهم في الكثير من صفحات الصحف والمجلات أو عبر الاتصال المباشر بالمعنيين في اللجنة الرئيسية للملتقى إلا أنهم يرون مثل هذا التفاعل أمراً لا يستحق العناء فالفن بالنسبة لهم رسم لوحة وقوف أمام كاميرا أو بحث عن مقتنٍ يدفع لهم ثمناً بخساً مقابل خسارتهم للهدف الأسمى والأكبر وهو خدمة حضارة الوطن والمشاركة في بنائها.
تراجع لعدم القدرة
لقد تراجع حضور من يضعون أنفسهم أصحاب شأن وأصحاب رأي وصلاحيات نتيجة عدم قدرتهم القيام بدور في تصحيح المفهوم أو إبداء الموقف المشرف الذي يظهر مدى حرصهم وغيرتهم على فنهم وبقيت أحاديثهم في حدود الغيبة والنميمة والتقليل من دور الآخرين عبر عبارات وجمل تلوكها الألسن في مجالس تجمع فئات وجدت في الفن التشكيلي مجرد هواية تمارسها لقتل الفراغ أو تبحث من خلالها عن إشباع نقص في تركيبتها النفسية بينما نجد في الطرف الآخر من يدافع ويكافح خدمة لهذا الفن ولدوره الثقافي مع أنهم الأقل عدداً وأكثر تواجداً وتفاعلاً بالشكل المباشر من خلال تواصلهم واتصالاتهم مع المسؤولين أو من خلال طرحهم الحقيقي لخدمة هذا الفن وفنانيه، ولنا في سابق الأيام وما سجلته مسيرة الفن التشكيلي الكثير من المواقف والسقطات التي كادت أن تعيد هذا الفن إلى الوراء نتيجة جهل هؤلاء وخلوا وفاضهم من فهم ما يقومون به أو ما يمارسوه.
البقاء في الظل
ففي الوقت الذي كنا نتوقع اندفعاً وتفاعلاً وتحركاً نحو المطالبة ببعض ما جاء في توصيات المشاركين في الندوة والمعلنة ضمن إصدارات المنتدى والتي تلامس رغبات كل التشكيليين مع وضع خدمة الوطن في عين الاعتبار قبل خدمة الذات وجدنا أن الأمر خرج بعكس المتوقع وبقي أولئك الفنانين في الظل منهم من يرى أن في عدم مشاركته في الندوة ما أغضبه وأشعل في داخله الغيرة والحسد أكثر منها غبطة وسعادة بأن من شارك في الندوة يشكلون صوتاً يمثل البقية، أما الغالبية فهم من انقسموا إلى فرق وجماعات نسجت حولها غشاء نرجسياً جمعوا مادته من أسلوب المجاملات والنفاق كل منهم تجاه الآخر فأصبحوا يرون أن في هذا الواقع المنغلق نمطاً لحياتهم التي تحقق لهم الذات مبتعدين فكراً وإحساساً عن الواقع الكبير الذي يشكله التواجد الفاعل والمؤثر لدفع الفن التشكيلي إلى موقعه على خارطة الثقافة السعودية التي ترسم حالياً سياسته المستقبلية بأطر حديثة
منطلقة من تجرية زاخرة بالعطاء.
تدني الواقع التشكيلي
ومن المؤسف أن يصبح واقعنا التشكيلي على هذا النحو من التدني مع قناعتنا أن هناك الكثير من المسببات منها أمية المجتمع الذي جعل كل من يمارس العبث ألواناً وخطوطاً وتسجيلاً ساذجاً للواقع فناناً، وان في من أقام عدداً من المعارض مع رداءتها رائداً تشكيلياً ومؤخراً. ومن كتب سطراً أو عبارة لا تخرج منها بفائدة ناقداً وكاتباً تشكيلياً. مع ما نجد من تطبيل وصناعة لأسماء وافدة تتوقع في بعضنا غباء وبؤساً تسعى بيننا بالعبارات المعسولة بحثا في ساحتنا عن مرتع للعيش والصعود على الأكتاف فأصبحوا نقادا وفنانين أعلاماً هنا، بينما ليس لهم هناك في بلادهم مكان أو مكانة.
ومن المؤسف أيضاً أن يفرز هذا الواقع فئة متخاذلة من الفنانين أمام ما يمكن أن يوجهه الغرباء من خلال مجالهم تجاه الوطن من سهام جارحة مغلفة بعبارة (حسن النية) يطلقها الحاقدون جزافاً لبعض من يحمل أضلعاً من جريد في أجساد من قش لم يبقَ من انتمائها للوطن إلا الاسم دون علمهم أن هناك الكثير من صدور الصادقين تقف لهم ولغيرهم بالمرصاد.
المحافظة على النجاح
إذاً كيف لنا أن نؤمل بمن وضع حول نفسه حالة مصطنعة ونؤمنه على حمل الأمانة والوقوف بثقة وعزيمة للأخذ بهذا الفن إلى الموقع
والمكانة المأمولة والحفاظ على ما تحقق له من نجاح وكيف لنا أن نخرج من هذا الواقع الذي اختلط فيه الحابل بالنابل والغث بالثمين ليذكرنا بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام: (الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيهم راحلة) ومع هذا فالأمل كبير بمن قام هذا الفن على أكتافهم بما يمتلكونه من وعي به وبالهدف الحقيقي منه بعيد عن تأبط الأوراق والصور لتحقيق التواجد عبر أي نافذة لضوء إعلامي.
إن المرحلة القادمة ستكشف حقائق كثيرة وسيبين الزمن من كان له دور ومساهمات فعالة ومؤثرة في دعم هذا الإبداع الوطني العظيم المتميز وسوف يرى الكثير من الفنانين الصاعدين على أكتاف هذا الفن ان وجودهم في تلك المرحلة لم يُبْقِ لهم إلا أسماءهم وأن الوقت لم يعد يسعفهم لتدارك الموقف فقد أخذوا نصيبهم وإنهم كانوا كحاطب ليل. هذه الإشارة وتلك التلميحات يعيها من عني بها ويعرفها البقية ولهذا فالتصريح لن يخدم الهدف بقدر ما يشعرهم بالاعتزاز فهؤلاء يرون من خلال زواياهم المظلمة أنهم على صواب رغم تكرار الخطأ.
نعود للقول إن الموقف المتراجع والمتمثل في غياب الصوت التشكيلي رغم كثافة العدد ما يؤلم المنتمين بصدق لهذا الفن مع ما يؤكد قصور فهم من يدعي المساهمة والتواجد تجاه إبداعهم وبقاء ذلك المفهوم في حدود الحفاظ على الذات والمكتسب الشخصي.
قبل الختام أود أن أشير إلى أن تاريخ الفن التشكيلي يحتفظ بحق من ساهموا بدعمه والأخذ به على المستوى الثقافي والإبداعي منهم على سبيل المثال الفنان الراحل محمد السليم الذي عشنا معاناته عن قرب وشهدنا على كيفية تعامله مع كل من في الساحة فأوجد له تلامذة أصبحوا اليوم أسماء لامعة ومؤثرة ومخلصة لإبداعها مع ما أثرى به الساحة من طرح أدبي جمالي يصب في نهر الفن التشكيلي عبر مقالاته التي كان للصفحة التشكيلية بالجزيرة النصيب الكبير منها مع ما كنا نسعد
به منه من متابعة وتوجيه رغم ما يلحقه منا من وجهات نظر نقدية كان فيها مشجعاً وقابلاً ومستقبلاً بروحه الصافية يرحمه الله وكم تمنينا أن يكون أحد أقطاب الندوة التشكيلية في الملتقى الأول فمثل هذه الندوة كانت تمثل أحد أحلامه كما أن علينا أن نذكر الفنان الرائد عبد الحليم رضوي الذي يعمل أكثر مما يتحدث ويتابع ويشيد ويشد على الأيدي ويحترم قدرات الآخرين ويدفع بها إلى الاستمرار مع ما يقوم به من جهود في إقامة المعارض عالمياً ناقلاً صوت الفن التشكيلي السعودي إلى أعين الآخرين إضافة إلى الفنانين الذين أسهموا عالمياً ومحلياً بإنجازاتهم وأثروا الساحة بالأعمال التي حفرت في ذاكرة كل الأجيال لا يمكن ذكرهم في هذا المقام وسوف يكون لنا معهم موعداً عبر سلسلة حلقات تحمل عنوان نجوم على الساحة التشكيلية السعودية ولا ننسى ما قدمه أعلام الأقلام التشكيلية من محرري الصفحات التشكيلية أو من استكتبوا فيها على مدى زمن وعمر الساحة خصوصاً من تحملوا أمانة والمواجهة بالنقد والتقييم فكانوا عوناً ومناراً لهذا الفن ووجدوا التقدير والاحترام من أعلى قمة الهرم المسؤولين.
فقدان الشجاعة
أخيراً أود القول ما جاء في هذا الطرح لا يعني التعميم لكل من في الساحة من المبدعين في مراسمهم المثرين الساحة بالجديد وإنما أردنا
أن نحيط من يدعي تحمل المسؤولين أنهم لم يكونوا الأكثر حضوراً على الساحة ولا الأكثر تأثيراً من غيرهم كما يرددونها في مجالسهم المغلقة ولم يكونوا قادرين على ملامسة أقل جزء من الشجاعة الإعلامية المباشرة مع من يعنيهم الأمر من المسؤولين ولنا أن نستشهد بمواقف موثقة على الصفحات الفنية في الصحف تجاه ما كان المخلصون للفن التشكيلي يطالبون به للفن وللفنانين عامة وبين ما هم يطالبون به لأنفسهم كشفتها النتائج وسجلها الفن في سجلات مسيرته ليعودوا من جديد بثوب وأقنعة جديدة ليطرحوا ما سبق طرحه متقربين بعبارات أكل عليها الدهر وشرب سبقهم بها المبادرون بالاهتمام لفنهم دون مجاملة أو نفاق لكسب رضا فرد على حساب الوطن.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
منابر
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved