Culture Magazine Monday  26/03/2007 G Issue 192
عدد خاص
الأثنين 7 ,ربيع الاول 1428   العدد  192
 

الأرض أجملُ في الأغاني
جاسم محمد الصحيح

 

 

لا بُدَّ من عَمَلٍ جَمالِيّ لوجهِ الأرضِ..

قد كَثُرَتْ تجاعيدُ المكانِ

وهذِهِ الجغرافية الشمطاءُ لا تحنو على الغرباءِ..

نحن ضيوفُها الآتونَ من أصلابِ محنتِنا

نهاجر في المدَى كالوقتِ مصلوباً على بَنْدُولِ ساعتِهِ

ونسقطُ كالدقائقِ والثواني...

لا بُدَّ من عَمَلٍ جَمالِيّ يُخَفِّفُ ما نُعاني!

لا شيءَ يبدأُ من عَلٍ

هذا الترابُ هو البدايةُ..

لا حقيقةَ دون (سُمّ)

ما يزالُ (السُّمُّ) شيخَ المرشدينَ إلى الحقيقةِ..

ها نحن في الصحراءِ ثانيةً

وها سكِّينُ غربتِنا مسلَّطةٌ على عنقِ الدروبِ..

ولم نزلْ نمشي وتزفرُنا المسافةُ

مثل أنفاسٍ مقطَّعةٍ بأحشاءِ المكانِ

نحن الأواني المرمريّةُ كاتماتُ الهمِّ

لا نحتاجُ غير زفيرِ أغنيةٍ لتنفجرَ الأواني!

لسنا نفتِّشُ عن لذائذَ في اللذائذِ

إنَّما أن نتَّقي أَلَمَ الغريزةِ وَهْيَ تعلكُ مُضغةَ الأرواحِ..

يا لَلمُضغةِ اكتَهَلَتْ

وشاخ الماءُ من قبل الأوانِ!!

جئنا إلى الدنيا خفافاً مثل نَوبات الجنونِ

فلم نجدْ في العقلِ عنواناً يقود إلى الخلودِ..

وهكذا انفَرَطَتْ بنا الأقدارُ أحصنةً تلاقَتْ في رهانِ!

وامتدَّ ملعبُنا..

وليسَ لفارسٍ منَّا خَيارٌ في حصانِ!

ها نحنُ نبحث في مهبِّ الوقتِ عن غدِنا الشريدِ

ونغبطُ الأعنابَ إذْ تهفو إلى غدِها المُوَطَّنِ في القناني!

ماذا سوف نصنعُ بالقصيدة وسطَ هذا التيهِ..

إنَّ الشعرَ أقصرُ قامةً من مصعدٍ

راحَتْ تُحَالِفُهُ العِمارةُ في مناطحةِ السحابِ

فلا (قصائدَ) كالمصاعدِ

في عصرِنا هذا

المقفَّى بالحديدِ الصُّلبِ

والموزونِ بالأسمنتِ..

لا لغةٌ تترجمُ حالةَ الدنيا سوى لغة المباني!

لم نمتلئْ بالشكِّ ما يكفي لنحتضنَ الحقائقَ كالغواني!

بالأمسِ سَمَّينا الهوى عَبَثاً جماليّاً

فلم نحفظْ وصايا (قيسَ)..

لم نحفظْ لَهُ

من أجل عينِ حبيبتي

لا تجرحوا أبداً زُهَيرَةَ أقحوانِ!

من أجل قَدِّ حبيبتي

لا تقطعوا أبداً شُجَيرَةَ خيزرانِ!

بالأمسِ لم نحفظْ وصايا (قيس)

كي نرفو من الكلماتِ أوتاراً

تُُرَبِّي في أضالعِنا قطيعاً من حنانِ

واليومَ عُدنا

بعدما انسحبَ (المجازُ) من الخنادقِ

و(القصيدةُ) أصبَحَتْ عزلاءَ لا تحمي الحياةَ من الحقيقةِ..

هكذا عُدنا

وعاد الشعرُ درويشاً يُطَيِّرُ في سماء الروحِ أسرابَ الدخانِ!

ضاع الحسابُ..

وما تزال الأرضُ تَحْسِبُ

كم من الشعراءِ يلزمُها لترويضِ الزمانِ!

ضاع الحسابُ..

وها هُمُ الشعراءُ ما زالوا على ثقةٍ بأنَّ الأرضَ أجملُ في الأغاني!


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة