الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 26th April,2004 العدد : 56

الأثنين 7 ,ربيع الاول 1425

أشعة البيان في رباعيات المشعان
عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر

محمد بن سعد المشعان أنزل الله عليه شآبيب رحمته، وأفسح له في جنته، وجعله في عليين مع الشهداء والصديقين، آمين.. آمين.. آمين.. فالرجل كان براً فيما يقول وفيما يفعل، لم يكن يأتي منه إلا الخير، ولم يكن يسعى إلا إلى الخير، حتى في عمله، في وزارة المعارف، اختار ان يكون في التعليم الخاص، يرعى أمور فئة عاجزة، هي في حاجة إلى رعاية هاوٍ للرعاية، وليس موظفاً مكلفاً، عليه أن يؤدي عمله كما يؤدي أي مكلف.
أهداني دواوينه الأربعة بنفسه، وسمع مني رأيي في كل واحد منها، ولم يكن لي رأي فيها إلا الإعجاب والتقدير، والحث على السير في النهج القويم الذي خطه لنفسه، وثابر عليه، واختاره عن إيمان وقوة عقيدة.
كلما مر في ذهني محمد بن سعد وقف أمام ناظري وجهه الباسم، وملامحه الرزينة، واستعدت الطمأنينة التي تسيطر على جوانحه، وكأنه يتدثر بأردية الفضيلة.
واليوم في يدي ديوانه الأخير: (رباعيات المشعان) وهي رباعيات كان يكتبها تباعاً في صحيفة (الرياض)، وكنا نتلقفها بلهفة، لما تمتاز به من إبداع في الفكرة، وسلاسة في الأسلوب، بوزن راقص، وقواف طبعية بهجة، رغم انه كان ملتزما بمواعيد خروج هذه الرباعيات، إلا أنها سلمت من آفة الالتزام، فجاءت كل واحدة وكأنها ابنة حمل سنة، فيها من النضج ما يجعل فكرتها تلتهم لحسن سبكها في أربعة أبياتها، ولم ينقص من جودتها، بجانب الالتزام أنها حددت بأربعة أبيات، وهو أمر لا يدركه إلا من له صلة بسبك الحكم، ومعرفة مجرى الشعر وزناً وقافية، وأشعر أن كل رباعية سهلة الحفظ خاصة للناشئين، لما فيها من موسيقى، وترابط بين العبارات والأبيات، لا حشو ولا نقص، ولا وحشي فيها ولا سوقي، نبل في القول، ونبل في الهدف، ونبل في المنحى، وأنت تقرؤها تمشي فكرتها مع آية من القرآن، أو قول من أحاديث المصطفى عليه السلام أو حكمة متعارف عليها، فأنت محاط بالفضائل من المعنى، ولباسه الفضفاض، ورونقه الباهر. وكل رباعية هي شاهد على ما أقول.
هذه الرباعيات مرآة صادقة لأحاسيس الناس في تلك الحقبة من سيرنا، تُري مجالات الأفراح، وظلمات الكدر والحزن، تنزل الناس، مثل العُصُم، من قنن الجبال إلى سهول الحقيقة، وتريهم واقعهم، وما هم فيه مما يجب ان يحمدو الله عليه، أو ما يجب ان يأخذ الله بيدهم لبعدهم عنه، يشيد بالنعم والفضائل، ويستحلب التفكير في البعد عما يشين مما يخدش الدين والوطنية والمروءة والشرف والشهامة، وساطع الخلق.
كل نقطة في أبياته، وكل بيت في قصيدته، تذكرك بالخير، وتغريك بالأخذ منه، وبالمزيد مما فيه من نعم، أو تنبهك إلى رذيلة تدب على وجه الأرض لتخدش أديم حياتك الصافي، أو تحت الأرض، متسترة بستار غشاش، ظاهره فيه الرحمة وباطنه فيه العذاب.
لم أفكر في أمر هو محط الأنظار في تلك الأيام، مما يحمده الناس أو يذمونه، إلا مشرطه قد (بذحه)، وشرطه وأبان ما يختبئ تحت أديمه من نفع أو ضرر، خير أو شر، صلاح أو فساد، جميل أو قبيح، قوة أو ضعف، بيده اليمنى (يمسد) على شعر الطيب، وبيده اليسرى يخنق رقبة الخبيث، يبني بيده صروح الإضاءة، وبيده يهدم كتل بناء القتامة. لمس كل أمر يرى انه يستحق في مجتمعه أن يلمس، وكأنه مكلف بمعالجة الأدواء، وزراعة أعشاب الأدوية من السقم الفكري، وما يجرح العقيدة، ويخدش الإيمان، ويلحق السوء بالأفراد أو الجماعات، أو يشوّه صفحة خد المجتمع الذي يجب ان يضيء بالإسلام.
جولة سريعة في رباعياته تريك صدق ما ذكرت، وطوبى له ولمن هو مثله يرقد في قبره، وقد ترك تراثاً مقروءاً يسطع بنور الإيمان، وشعاع الحكمة، وبريق الفضائل، ونرجو ان يكون توفيق الله له في نهج هذا الطريق المرضي، دليل رضى، متوجاً بالقبول، مختوماً بالأجر والثواب.
وأول أبيات هذا الديوان البهيج يتكلم عن (السعي)، وفيه نصيحة ثمينة عن الكسب الحلال، واستيحاء الآية من القرآن هي: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } (15) سورة الملك.
يقول في مطلع الرباعية:
سِر في مناكب هذه الأرض
بالطول أحياناً وبالعرض
ويحث في بقية الأبيات على طلب الرزق، والتوسع في ذلك، وعدم التراخي، ولكنه يحذر من المال إذا لم يكن الطريق إليه سليماً، لأنه يجر إلى المفسدة.. ويحث على الأخذ من زخرف الدنيا في الحدود التي أحلها الله، ويأتي ذلك بأسلوب سلس، وتعبير جزل، يليق بمعنى مأخوذ من القرآن الكريم. وهذه التفاتة منه إلى ما كان يلاحظه من حرص بعض الناس على الإثراء ولو عن طريق الحرام فهو إذاً يعالج داءً اجتماعياً عاصره، وخاف على مواطنيه منه.
ويخرج إلى محيط أوسع، محيط يلمس العقيدة، وهو ما شاع من فكر عن أن الإنسان أصله قرد، وأنه ترقى مع مرور الزمن، حتى استوى خلقه إنساناً، وأنه أساساً قام على نظرية النشوء والارتقاء، وهي نظرية لقيت قبولاً في بعض المجتمعات الملحدة، ومحمد بن سعد يدلي بدلوه في دحض الفكرة، وتبيان سخف (دارون) صاحب النظرية، وما جاء به، وقلة عقل من قبل هذا.
ويبدأ الرباعية بقوله:
نشوء، فارتقاء، فانتكاس
وأقوال على وهم تقاس
ويلفت نظر الناس إلى أن الله في غنى عن الناس، وان الناس محتاجون إلى ربهم، وإلى نعمه عز وجل، وان عليهم ان يشكروا الله على نعمه ومننه، ويستوحي لذلك آية كريمة من القرآن تؤكد ان الشكر يزيد النعم:
فالله قال: (لئن شكرتم).. فاشكروا
تجدوا الكثير، وتنسوا الإقلالا
والآية قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (7) سورة إبراهيم.
وهو بهذا ينظم في سلك شعره بعض قواعد الإسلام، الموضحة في القرآن الكريم، ويبرزها في شعره بالطريقة التي تثبتها في الأذهان، أذهان العامة، لابسة ثوب الشعر.
ويمجد الله سبحانه وتعالى في عبودية الناس له، ويقارن بين فضله على عباده، والعزة والمجد اللذين ينالونهما منه، والذلة والتدني في الخضوع لغيره من البشر، فالله يعطي الجزيل، والمخلوق لا يعطي، وإن أعطى فبمنّة وإخضاع:
عبودية الإنسان، إما لخالق
إذا ما أراد الرشد يمنحك الرشدا
ويقارن ذلك بالمخلوق:
وإما لمخلوق إذا ما سألته
من العيش قطميراً تجاهل أو صدا
والصورة الكاملة هي في الأبيات الأربعة.
ويستوحي قوله تعالى {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} 18 النحل، فيؤكد ان نعم الله في كل شاردة وواردة، أحياناً ظاهرة، وأحياناً خفية، ويضرب بالنوم مثلاً، ويختم الأبيات الأربعة بهذا البيت:
وإن تعدو أراها خير مقنعة
بأن من أوجد الأرواح يغنيها
ويساهم في إزالة شبهة من يشكك في الإسراء والمعراج، وهو أمر أكده القرآن، والمسلم لا بد ان يؤمن به، وبقدرة الله في حدوثه، وإلا نقص إيمانه أو تلاشى، ويأتي بحجة في صحة حدوث الإسراء في آخر بيتين في الرباعية المعنونة (الإسراء) فيقول:
هل قال (ذو الإسراء) إني مزمع
سفراً سيوصلني إلى العلياء؟
أم قال: إن الله قد أسرى به
فالفعل فعل الله دون مراء
ولعله بهذا يخاطب المسلمين الذين قد يشككون في حدوث الإسراء، نتيجة قصر في تصور العقل عندهم، فيقول لهم: إن كنتم أحياناً تشككون في بعض الأمور الدينية لأنها جاءت في الحديث رواية عن الرسول، مما قد تثيرون تجاهها ضعف الحديث، أو ضعف بعض رواته، أو أنه مختلق، فإن الإسراء جاء في القرآن الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (42) سورة فصلت، وعلى هذا فالمسلم لا بد ان يُسلِّم.
والإنسان جعله الله خليفة في الأرض يعمرها بالحق والعدل، يعمل العمل الحسن في الظاهر، ويبطن النية الحسنة وطاعة الله في الباطن، وكل من هاتين لهما ثوابهما عند الله.
والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا، والله تكفل برزق من طلب الرزق بطرق الحلال، وكرر الله سبحانه وعده بالرزق لعبده في عدة آيات، والجملة التي جاءت في بيت الشاعر في رباعيته المعنونة: (العمل والبناء)، هي (الله يرزق من يشاء):
واعمل وقد أيقنت أن
الله (يرزق من يشاء)
جاءت في الآيات والسور الآتية بهذا اللفظ تماماً:
{وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (212) سورة البقرة.
{إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (37) سورة آل عمران.
{وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} (38) سورة النور.
{يَرْزُقُ مَن يَشَاء} (19) سورة الشورى.
وما عند الناس ينفد وما عند الله باق، فليطمئن عبدالله إلى ما عند الله من خير، فلا يحزن، فمعاشه مقدر في اللوح المحفوظ، قدرة خالق الكون القادر، وعلى المرء ان يعطي في الدنيا ما أعطاه الله ليضمن عطاء الله له في الآخرة. وهذا ينطوي تحت رباعيته: (ما عند الله خير). ورباعيته: (المال مال الله) تدور حول الدنيا وقصرها، والمال وتركه بعد الممات، وبقاؤه في هذه الدنيا اختبار له.
ويبدو ان فكرة عطاء الله في ذهنه دائماً، فهو يكرر ان عطاءه ليس فيه منّ بخلاف عطاء العبد، فالخضوع لله وقبول عطائه فيه عز، وعطاء الناس ينطوي على مذلة، وهذا يأتي في رباعيته (كن مع الله) مثل ما تحدث عن ذلك في رباعيته: (بين المخلوق والخالق).
وأطفال الأنابيب قضية كانت شغل الناس الشاغل، ونظرتهم إلى هذا الأمر تختلف قبولاً ورفضاً، ولقد أعطى رأيه في ضوء إسلامه في رباعيته: (الخالق هو الله).
ورباعيته: (أمر الله يعلو) فيها مدى إيمان المسلم فيما يخفق غيره في النجاح فيه، وهو تصديق قدرة الله في وقوع أمر يخالف ما تعود الناس انه يقع طبقاً لقوانين الطبيعة مثل انشقاق البحر ليغرق فرعون وينجو موسى وقومه، ونار إبراهيم التي قال لها الله سبحانه وتعالى كوني برداً وسلاماً. وأكد أن أمر الله هو قانون الكون، وليست قوانين الطبيعة، وان الله قادر على كل شيء.
فما صد أمر الله قانون كونه
ولكن أمر الله يعلو ويظهر
وفي (حقيبة الإيمان) يركز على الإيمان الذي صفاؤه دائماً في ذهنه، وهو يعالج أمور المجتمع.
والمناظر المزرية في المحطات التليفزيونية لمست مهمزاً من قلمه في رباعيته (طاب عيش التائب):
أغراهم التهزاز، أغواهم
هزيز المطرب
أغراهم التلفاز، أغواهم
بنان الكاعب
وفي رباعيته: (الروح من أمر ربي) معالجة لفكرة دقيقة، عبرت عنها الآية الكريمة:{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (85) سورة الإسراء.
ثم يأزر للإيمان سريعاً، وهو الموضوع المحبب لنفسه، فيتحدث عن جانب منه في رباعيته: (مسيرة الإيمان) وتتوالى الرباعيات، وكل واحدة فيها إشعاع إسلامي، منها: (ملاذ القلوب) و(دين السماحة) و(نعم لقول الله) و(توحيد الله) و(خاتم الإيمان) و(كل ميسر لما خلق له) و(نسعى في مناكبها) وفي هذه استيحاء قرآني، ومثلها (تلك حدود الله) والصوم له أحاديث، ورباعيته تقتبس ضوءها من القرآن: (ادع.. بالحسنى) وكذلك (كيد ساحر).
ولا يشفي الغليل إلا قراءة الديوان كله، ففيه رحلة مبهجة، وجولة ممتعة، في روض أغر، وحدائق غلباً، وفواكه تلتذ وتغذي، ويا ليت الطلاب في صفوفهم المختلفة يتلقونها قراءة حرة، مثلما كنا نفعل ونحن في سنهم بديوان الإمام الشافعي رضي الله عنه ، وأشعر ان فيها شبهاً كبيراً من شعره، في روحها الراقصة، وأبياتها السلسة، ونهجها المتقن النسج، مما يجعل استظهارها سهلاً، لتساهم في رفع مستوى لغة الطالب، وحسن إنشائه، وإيجاد حصيلة يستفيد من مخزونها عند الحاجة.
ولو تركت لنفسي العنان لوقفت عند كل رباعية، فكل واحدة فيها مدخر يعبق بفوح الزهر، وشذى الورود، وكل واحدة لها حق في أن يوقف عندها، فتوفي حقها تحليلاً وتعليلاً، واستشفافاً لما كان يدور في ذهن هذا الشاعر المبدع، لأن فيها ما يمكن ان يستنطق إفراداً مع كل رباعية، وما تحويه وما ترمي إليه، ومجموعاً يؤكد ان الشاعر قبل أن يبدأ رباعياته قد وضع خطة لسيره في هذه الرباعيات، لعل أقربها للذهن انه قد قرر ان يكون منطلقه إصلاح جوانب من المجتمع قد مالت، وان عليه ان يساهم في إصلاحها، وان يكون منطلقه القرآن وآياته، والرسول عليه صلوات الله وسلامه وأحاديثه الصحيحة، وأصول الإسلام وثوابت الشرع، والحكم الصادقة، وان تكون وسيلة هبة الشعر الذي كرّمه الله باتقانه، حتى استطاع ان يفي بالتزامه تجاه هذا المشروع، في خطته التي وضعها، ووسيلته التي اختارها، وأداته التي سخرها، والتزامه الذي تعهد به للصحيفة، وعدم خروجه عند عدد أبيات الشعر التي وسمت برنامجه.
وبعد:
جزى الله الدكتور محمد بن عبدالله المفرح، الموفق، خير الجزاء على تفكيره تجاه ذخيرة الشاعر هذه، وعلى حرصه على ان ترى النور، فلا تبقى قابعة في طيات أعداد صحيفة الرياض، وإنما أعطاها القدرة أن تقف شامخة على رفوف المكتبة السعودية، مؤكدة ان عمله قد جاء بالنتيجة التي أملها، ولا يقف القلم عن أن يسجل بفرح وسرور جهد ابن الشاعر الوفي لتراث والده، وما ساهم، من مجهود أخرج هذا السفر الثمين في ما يحويه، الغالي في نفوسنا، النفيس في فائدته ونفعه، بهذه الصورة البهجة.
رحم الله الشاعر، وأجزل له الثواب في كل حرف من حروفه حمل فضيلة، وحث على خلق حسن، ونبّه إلى درّة في الدين غالية، وجوهرة في الإسلام ثابتة، تقف مفخرة من مفاخر ديننا، ومصدر اعتزاز تجاه ما نؤمن به من فكر مضيء استقيناه من قرآننا أو تعاليم نبينا عليه صلوات الله وسلامه.
وقد أحسن حبيبنا (أبو بدر) في أنه وجد الوقت لكتابة مقدمة، هي مدخل حسن إلى محتوى الكتاب، ومجرد انه عرف به أعطى الثقة لمن لم يعرف الشاعر من قبل في أنه أمام عمل نفيس.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved