الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 26th April,2004 العدد : 56

الأثنين 7 ,ربيع الاول 1425

الغذامي بين رفاق الدرس وخصوم الأمس
عندما نمارس(الخطيئة) مع الغذامي فمن سيقوم حينها(بالتكفير)؟!
د. علي بن محمد الرباعي

كان من البداهة أن يمر المجتمع السعودي بمرحلة انتقالية على المستوى الفكري والثقافي مضاهاة للنقلة الواسعة المعاشة عبر ماديات الحياة وتقنياتها ولأن الأدب ليس بمعزل عن واقع الحياة فقد ظهر من المدارس والمذاهب الأدبية في بلادنا ما سبق وأن ظهر في دول عربية عديدة، وكانت سنّة المرحلية حاكمة وبجلاء بدءاً من الصراع بين الأصالة والمعاصرة حتى المواءمة والتوافق في نهاية الأمر.
ومما يؤسف له أن(فكر الحداثة) تشوه على يد خصومه كما تعرض للتشويه من بعض ناقليه، لأن لبوس الآخرين لن ينسجم مع أجسادنا مهما حاولنا (التماهي) أو الاصطباغ(بالصبغة الأوروبية)، وربما استطاع بعض الوعاظ استفزاز مشاعر الناس ضد رموز الحداثة ووقع التحريض والإغراء بهم وعليهم!!.
وقد أكون ممن انساق وموجة التيار من باب(المجاملة) أو من باب التشرف بالدخول في المعركة ولعله برز للعيان اسم الدكتور عبدالله الغذامي ك(عرّاب للحداثة السعودية) قبل عقدين من الزمن وكم اجتررت الندم لأني كنت ممن يحكم على الأمور بظواهرها وسماعاً لا إطلاعاً.. وربما غرقنا في دوامة التصنيف والإجحاف حتى جاءت اللحظات الحاسمة والتي بدأت فيها أعرف(الغذامي) من خلال نتاجه انطلاقاً من(الخطيئة والتكفير) وليس انتهاء بنقد فكر الحداثة وكقارئ يتولد لديه انطباع مما قرأ أجد أن(الغذامي) في الأصل هو(ابن التراث)، ثم إنه من أفضل من درسوا المذاهب الأدبية والفكرية الغربية واستوعبها ثم أعاد صياغتها وفق منظور خاص، وحاول تطبيق بعضها على الإنتاج الأدبي السعودي ووصلت إلينا على يديه ما يمكن تسميته(بالحداثة المعقلنة) أعني بها الحداثة المرتكنة للتراث والمحترمة للخصوصية والرافضة للعبث.
ولأن(الغذامي) منظّر وصاحب فكر فمن الطبيعي أن يمر بالتحولات لا في المبدأ، بل في السياقات والسياسات، وما أبداه مؤخراً من محاولة قرائية جديدة للفكر الحداثي في المملكة أحسبه جاء في(إطار النقد الذاتي) لمرحلة مرت واستشراف رؤى حديثة تُلائم عصراً حديثاً!!!.
ولا أدري ما سر استنفار رفاق الأمس ضد مشروع كهذا، فالجميع الآن يعيدون دراسة أوراقهم، بل ويحرقون بعضها حياءً مما جاء فيها.. وليس عيباً أن نعيد قراءة أوراق سابقة لأن الأمم المتحضرة ما قامت حضارتها على الفكرة الواحدة ولا الفكرة الجامدة ولا أتصور في هذا المقام أن الغذامي أراد بما طرح أن يسترضي طرفاً على حساب طرف، كما أني أربأ به(فكرياً) عن ممارسة الإثارة لمجرد الإثارة وإذا كنا سنمارس معه(الخطيئة) فمن سيقوم حينها(بالتكفير)؟.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved