الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 26th June,2006 العدد : 159

الأثنين 30 ,جمادى الاولى 1427

التعايش مع الواقع والعمل من أجل المستقبل
*د. يوسف حسن العارف

في مشهدنا الثقافي يتفاعل نفر غير قليل مع المسألة الثقافية ويقدم لها جل وقته وجهده، متابعاً، وقارئاً وناقداً، وصاحب رؤية تطلعية لخدمة الثقافة والفكر خلال عمل أدبي - ثقافي مفيد وممتع.
ومن أولئك النفر الكريم الأديبة والناقدة الدكتورة لمياء باعشن، تلك التي احترفت المعرفة والعلم والدرس النقدي من خلال مشاركاتها الإيجابية مع نادي جدة الأدبي الثقافي قارئة / ناقدة، وحاضرة رائعة، ومناقشة متمكنة وصاحبة رأي يشع ثقافة ووعياً وحضارةً.
أُعجبت بقلمها وفكرها وطريقة تناولها للدرس النقدي ومداخلها المتمكنة، وحواراتها الهادئة والبارزة والمتجددة، وكل هذا يدل على وعي ومسؤولية واحترام للفكر وتعاطٍ باذخٍ لفضاءاته المعرفية، وليس هذا بغريب على من سفح مداد حبره وعمره حباً وعشقاً للحرف والكلمة والفكر (أدباً وثقافةً).
قرأتُ لها أخيراً ما دبجه يراعها (الفاتن) في ملحق الثقافة بجريدة الجزيرة (الاثنين 17-4-1427هـ) حول مسألة الكرسي الشاغر بمجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي وعدم قبول المرأة المثقفة لتشغله رغم مطالبات أعضاء المجلس من الرجال ولومها العنيف للجزء الثقافي من الوزارة الذي يسعى لتغييب المرأة المثقفة رغم أن الجزء الإعلامي جعلها حاضرة في المشهد الإعلامي المقروء والمكتوب والمرئي (حسب قولها). وتختم مقالها: (أرجو أن نتذكر أن ثقافة التغييب لن تنتج إلا غياباً، وأن الكرسي الشاغر سيتوالد وينتج الكثير من الكراسي الشاغرة)!!
ومبدئياً، أنا متعاطف جداً مع هذه النظرة لمثقفة أعطت وتفاعلت مع النادي بكل جدية وكان المفترض أن تقدر هذه الفاعلية ويسمح لها بالعضوية. وأنا متأكد أن نادي جدة يختلف عن باقي النوادي وكنت أتمنى أن يكون له تميز في مسألة التواجد النسوي على مستوى العضوية والقيادة.
ولكن الأمر الذي ينبغي احترامه وتقديره للوزارة أنها تؤسس وتبني بعدل وتساوٍ بين جميع الأندية وخاصة في هذه المرحلة!!
وهنا أطالب إخواني وزميلاتي المثقفات الحقيقيات اللواتي يسعين لصنع الثقافة والتأثير على مجرياتها إيجاباً أن يحترمن هذا القرار الوزاري ويتفاعلن معه ويخلقن من هذا الواقع - وإن كان أليماً - مرحلة من التجاوز والعمل الطليعي لمستقبل ثقافي قادم يكون للمرأة فيه الريادة والقيادة.
إن أختي لمياء باعشن تستحق هذا الكرسي الشاغر ولكن ما دامت سياسة الوزارة حالياً تؤسس لمستقبل قادم فلا بد من التمشي والتفاعل مع هذه المرحلة، ولعل وجود لجنة نسائية في كل نادٍ جدير بالتأمل والاستفادة منه لإثبات الذات وبلورة التطلعات والضغط بقوة من خلاله لعمل أدبي وثقافي يحتضن الفعاليات النسوية ويصنع منها واقعاً ثقافياً يفرض نفسه على الساحة والمشهد الثقافي.
ولأختي لمياء باعشن ومثيلاتها ممن يحملن هذا التصور السلبي أقول:
(اجعلن من الليمون الحامض شراباً منعشاً)، والبسن لهذا الشتاء الصقيعي معطفاً يوصلكن إلى الربيع الباسم، واعلمن أن النجاح الحقيقي هو تجاوز العقبات وتخطيها لا الوقوف عندها والتباكي أمامها.
إن الفعل الثقافي لا يقف عند حد، وكذلك الفاعلية والاندماج فإن لم يكن لهما إلا التعاطي الجاد مع المشكلات والتعايش مع الواقع، رغم مأزوميته - والعمل من أجل التغيير الإيجابي المستقبلي، لكان مؤذناً بالقابلية المتجذرة في بوتقة العطاء والبناء والتقدم. لأن أي نظرة سلبية تبعد المثقف عن ناديه، لن تنتج إلا مزيداً من التموضع والبقاء في نفس المكان!!
ولعلي أختمُ بالقول إن المثقف - أياً كان - رجلاً أو امرأةً هو مَنْ يؤمن بأن العمل الثقافي لا ينتظر الكراسي الشاغرة ولا يطلبها ولكنها ستأتي إليه يوماً ما وليس ذلك ببعيد.
إني أستثمر هذه الفرصة لأقول لكل مثقفة في جدة وفي غيرها إن وجود لجنة نسائية داخل الأندية الأدبية هو مدخل - وإن كان ضيفاً - للعمل الثقافي النسوي، ولإيصال صوت المرأة المثقفة بكل جرأة وطموح، ولفرض رأيها باحترام طالما أنه يصب في خدمة الثقافة والمثقف والمثقفة. ويمكن أن يُستثمر هذا التوجه الوزاري الذي يؤازره أعضاء مجالس الأندية الأدبية ويمكن أن تقدم من خلاله المثقفة جُلَّ ما تريد وهذا لعمري بداية جادة لعمل ثقافي مستقبلي يحقق حلم المثقفات وهو أن يكون لهن دور في صنع القرار من خلال عضويتهن الكاملة في مجالس الأندية الأدبية وهذا ليس ببعيد إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved