الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 26th July,2004 العدد : 69

الأثنين 9 ,جمادى الثانية 1425

عن الطين والعشب ورائحة المطر
* غادة عبدالله الخضير
(1)
ربما وحده الإنسان.. يجعل هذا الطين غريباً وملتصقاً بالركض..
طينه غريب..
لا تتقر العصافير طعامها عليه..
لا تنبت فيه الزروع ولا شتلة نعناع..
وعندما يسقط عليه المطر.. وهو في عنفوان جفافه
لا تخترقه عشبه بريه واحدة..
ولا تسكنه رغم بلله رائحة المطر..
ولا تمتلئ نتواءته بالماء كي تروي ما تصحر فيه..
لا ترطبه هدايا الغيم..
ولا تنكسر معالمه عندما يكون جافا. هاجرته السحب ولحقها الماء..
صانع ماهر..ولا يستطيع ان يشكل من طينه.. زهرة..
يستطيع ان يدفع عمره ثمنا لا أرضه ووطنه وبيته وحديقته.. لكنه يفشل في حماية هذا الطين الذي يسكن هو بداخله.
يشكل من طين الارض نموذجا رائعا لابتسامة شهيرة.. ويعجز عن ان يشكلها دائمة على شفاهه.
لكنه والحق يقال وحده من يدلل هذا الطين.. (ويتعب عليه)..
وحده من يقتني له أكثر الثياب أناقة.. وثمنا
وحده من يبدع في حشوه بصنوف الطعام.
وحده من يأخذه من مدينة لمدينة لكي يتنفس.. ويستجم.
وحده من يشتري له الزهور.. ويقتني له الهدايا.
وحده من يهدهده آخر الليل كي ينام عميقا ويحلم.
وحده من يقول للطين صباحا: صباحك خير.
ووحده من يغمره عطرا ويدعوه لنزهة صباحية
وحده من يقرأ له الشعر: عن الطين ورائحة المطر والبيوت القديمة..
ووحده من يذكره بلعب الطفولة.. وأبراج الطين التي يداهمها الموج فتنفرد على الشاطئ كإنسان متعب يفرد جسده حقيقته..
وحده ينسي أحياناً أنه مخلوق من طين.. فيتجاوز ويزداد غرورا !
(2)
أما هنا فوحيدا يكون..
وحيدا بلا رفيق..
وحيدا بلا نبض..
وحيدا بلا قصة كفاح..
وحيدا دون يد حانية..
وحيدا بلا ابتسامة لغريب عبره..
وحيدا دون صباحات يرتشف فيها نسائم باردة وقهوة ساخنة..
وحيدا يغلق عليه الأبواب والنوافذ..
وحيدا منزويا في ركن قصي من الألم..
وحيدا يتأمل وحدته بقوة..
ويراجع حساباته بدقة..
ويتذكر.. انه لم يتجاوز (نقصه) فيكسب..
لم يتجاوز سجنه لذاته.. فيتطهر..
لم يجرب ان يصبح جزءا من هذا الكون فلربما أدرك نفسه مبكراً !
ghadakhodair@hotmail.com
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved