Culture Magazine Monday  26/11/2007 G Issue 224
فضاءات
الأثنين 16 ,ذو القعدة 1428   العدد  224
 

عبدالرزاق حسين (عاشق القدس)
«2-2»
عبدالله بن أحمد الشباط

 

 

ومن الدراسات الشعرية للدكتور عبدالرزاق مقدمة لديوان (عزف الحنين) للشاعر الدكتور محمد إياد العكاري جاء فيها:

وهذا الديوان القابع بين يدي هو الثاني لشاعر طبيب وابن شاعر لم تصرفه مهنة طب الأسنان عن متابعة شؤون قلبه وشجون عاطفته، فها هو يزرع لنا هذه الشجرة الثانية في حديقة شعره فتنمو غرسة بهية ذات فرعين آسرين يلفان بين أوراقهما وأزهارهما عاطفتين حارتين هما العاطفة الأسرية والعاطفية الدينية والشاعر إن كان في ديوانه الأول يحمل هموم أمته ومجتمعه فإنه في هذا الديوان وإن لم يتخل عنها فقد ألحت ذاته ومجتمعه الصغير عليه فانساب يعبر لنا بلسان قلبه عن معاناته الذاتية العاطفية فالبنوة والأبوة والأخوة والحياة الزوجية هي الغصن الأول من هذه الشجرة وأكاد ألحق بها أغانيه لموطنه، أما الغصن الثاني فيفصح عن دفق المشاعر الدينية من خلال وقفات تأملية قريبة واضحة وإن غلب عليها الوصف والدعاء مثل تباريك وطائر الدنيا وإشراق وماء الحياة ومركب النجاة ونسيج العنكبوت ثم قال:

نعم إنه لا يحتمي بمخابئ الكلمات تضليلا ولا يرهق فكرك بنيات الأفكار ومضلاتها من خلال منهج إسلامي مستقيم، إنه يأخذ بيدك إلى الفكرة والمعنى وينقلها إليك بأعيان تعرفها لتستقر في يديك وكأنك سقطت على خبير ديوانه ينطق بذلك وخذ على ذلك مثلا قوله من قصيدة ذكراك يا ردى:

لي في الشام معالم ومغسان

ومشاعر حرى وعرس أغان

شوق المحب إلى الحبيب يخطه

قلب يرف بلهفة وحنان

نامت عيون العاشقين بليلنا

وعيوننا باتت لا أجفان

لقد تغنى شاعرنا الدكتور عبدالرزاق بالقدس في كثير من أشعاره التي ضمنها الحنين إلى مسقط الرأس ومنطلق الإسراء ومقر بيت المقدس، مما استدعى شاعرية يوسف أبو سعد يطلق عليه لقب شاعر القدس في قصيدة من عنوان الشعر جاء فيها:

ماذا أقول فهاجسي محتار

صمت اليراع وشطت الأفكار

وانتابني ضجر فلذت بروضة

نشوى عليها من حجاك بهار

باكرتها وسحرت في أفيائها

مترنحا يحلو لي التسيار

ودخلت في صبح التأمل، والدجى

يغتاله - بعد الجلاء - عثار

أبروضة عناء أمرح في الضحى

بين الزهور تحفى الأطيار

أم بالقريض أسوح بين السطور

أصغي فيطرب مسمعي (بشار)

وأرى به درر الكلام بصونها

دهقانها، ويلوح ثم نضار

فن يحار السمع في تحليله

البدء (سيكا) والروى (قرار)

والصدر قنديل يشع هداية

والعجز مشكاة له وإطار

يا عاشق القدس الجريح تحية

من شاعر عبقت بها الأزهار

أطريته بمكارم من نفحها

صدق الوداد وشهده المشتار

وكشفت ما بين الجوانح من هوى

عنى بلفحة ناره السمار

لقد تغنى الدكتور عبدالرزاق بوطنه فلسطين كثيرا وعمل للقدس نشيدا ليردده الشباب فلا ينسون وطنهم:

أم على أفلاذها تبكي تنوح

أخت من الأوغاد من خوف تصيح

طفل بغدر رصاصهم دمه يسيح

رجل يمزق شلوه.. شيخ طريح

***

أنا قدسكم.. أنا عهدكم.. أنا عرضكم

أنا طهركم.. أنا مجدكم.. أنا وعدكم

أنا قدسكم.. أنا قدسكم.. أنا قدسكم

يا مسلمون.. يا مسلمون.. يا مسلمون!

***

الكفر فوق مآذني شر وبيل

والظلم فوق صدورنا ليل طويل

وغدا الأصيل الحر يعنو للذليل

والمسلم الأعلى يطأطئ للدني وللدخيل

***

وبنو الأفاعي في بقاعي لا نتزاعي نستطيل

أنا قدسكم.. أنا عهدكم.. أنا عرضكم

أنا طهركم.. أنا مجدكم.. أنا وعدكم

أنا قدسكم.. أنا قدسكم.. أنا قدسكم

يا مسلمون.. يا مسلمون.. يا مسلمون!

إلى آخر مقاطع هذا النشيط المعبر عما تعاديه تلك المدينة الطاهرة من شرور الأعداء.

ويقول في قصيدة (مواكب العشق):

عشاق هذي الأرض هم دفعوا

أغلى النفيس مقدما مهرا

بيمينهم فوق الثرى كتبوا

روح الشهيد لنصرنا بشرى

وشواهد في الحب قائلة

يبقى المحب لحبة ذخرا

والجود بالأرواح نعرفه

يثري العديم، ويقتل الفقرا

والظن والإمساك يفقر من

ملك العروض، وكان قد أثرى(1)

وها و يناجي وطنه (فلسطين) في معلقة حب:

يا عذبة الريق إني للهوى ظمئ

فهل لماك من الأشواق ترويني

ناشدتك الله هل قبلي هفا أحد

لروض عينيك من فوقي ومن دوني

خفيفة الظل أخفت سر ضحكتها

وأومأت لي يا كثر المخبيين

عشاقي الكثر ما قلوا و ما نفدوا

فوج يليهم وأفواج تواليني

لا لست أول من تهوى فأنت بهم

من قطرة البحر في موج المحبين

سل قيصر الروم واليونان كم فتنوا

وقبل ذلك سل جمع الفراعين

وصفوة الخلق نحوي أسرعوا أمما

فوج النبيين من موسى لهارون

ويوسف الحسن أكرمناه زائرنا

وآل يعقوب جاؤوا من فلسطين

عيسى ابن مريم والعذراء قد أمرا

من خالق الكون كي يأووا لتمكين

وذاك عمرو وبالفسطاط يمهرني

فذا التزاحم برهان البراهين

ماذا أعدديا - مسكين - حصرهم

يحتاج مني عدا بالبلايين

لكن صبا صبا من نحو مشرقكم

هو الحبيب صلاح الدين يكفيني(2)

إنني هنا لم أكتب سيرة ذاتية للدكتور عبدالرزاق حسين وإنما أردت الإشارة فقط إلى إسهاماته ومشاركاته في الحراك الثقافي الذي أخذ يتبلور في المنطقة الشرقية عامة وفي الأحساء على وجه الخصوص، وهي جهود تذكر فتشكر ستبقى خالدة محفورة في وجدان المثقفين ورجال التعليم العالي على مدى الأزمان اعترافا بفضله وتقديرا لجهوده الجبارة في تأصيل فكرة الجسد الواحد لأبناء الأمة.

(1) مجموعة ردوا الخيول ص54 (2) نفس المصدر ص87 . - الخبر لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7699» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة