Culture Magazine Monday  26/11/2007 G Issue 224
فضاءات
الأثنين 16 ,ذو القعدة 1428   العدد  224
 

ثقافة الأسرة
..... إبراهيم الناصر الحميدان

 

 

من بين الدروس التي استقيناها في السنوات الأخيرة، التركيبة الجديدة للأسرة السعودية التي تضخمت ودخلت إليها عناصر جديدة لم تكن معروفة، ونعني بها الخادمة والسائق والمزارع والذين أصبحوا تدريجياً مكوناً ضرورياً للأسرة، بل أصبح العدد لا يقف عند فرد واحد، بل إن التباهي أو بالأحرى زيادة العدد إلى أكثر من ذلك الرقم أصبح من سمات هذه الظاهرة التي نحاول أن نتصدى لها؛ لأنها أضرت اجتماعياً واقتصادياً بالبلاد من جوانب مختلفة سوف نتعرض لها لاحقاً.. إذ جعلت من هذين العنصرين ضرورة لتكوين أية أسرة جديدة رغم أنها أضافت إلى نفقات الأسرة التي تضاعفت مع تفاقم الغلاء واستفحال المطالب العشوائية. ومن الضرر الذي حدث في دخول هذه العناصر إرغام الأطفال على التشبع بالثقافة الوافدة وجعلهم يثرثرون بلغة أولئك القوم مهما كانت جنسياتهم، بل ويرددونها مما يعني إضعاف لغتهم الأصلية التي يتحدث بها آباؤهم وبقية أفراد الأسرة، إلى جانب تقليد تصرفات أولئك القوم وجعلها ثقافة مكتسبة إذعاناً منهم لمسايرتهم وهم ينحدرون من ثقافة تافهة لا ترقى إلى ثقافة وطنهم، ما يعني إضعاف لغة وطنهم بإدخال تلك الثقافة الضعيفة الوافدة التي لن تفيد في تطور أو ارتقاء حضاري، بل هي إلى الانحدار أقرب منه إلى الارتقاء، ما يعني إضعاف حافز التقدم والتطور وهو طعن لثقافة التجديد التي ينبغي الاتجاه نحوها. ومع الأسف فإن خطوات البناء سوف تتوقف بل تتجمد عند حدود أو سنوات ملحقة الضرر في حوافز التقدم، وهذه الحالة تتطب من مصادر الثقافة والعلم أن تتبناها حتى لا يدب الضعف والوهن للدولة المقصودة ونعني بذلك دور العلم والجامعات التي هي منارة لنشر العلم وتوخي إشاعة المعرفة، كما أن لدور البحث أهمية في تقصي هذه الوقفات أو تراجع المعارف وانحسارها عن التقدم بعد أن واجهت عقبات النهوض واستمرار الأخذ بناصية الطريق الحضاري؛ فتراخت عن المضي في مسيرتها ولم تجد التشجيع من القيادات البحثية والتعليمية كما يجب، وانحسر عزمها فيما مضى بل حدث عكس ما كان واقعاً، فإذا نحن اليوم نرى العزيمة القوية والاندفاع العلمي حتى نكافح ونجالد ما يواجهنا.

إن مواجهة الأسرة لهذه النكبة عنيفة جداً وسوف تؤذي تطورنا التاريخي ولابد من إعادة النظر في هذه التركيبة الهزيلة التي تواجه مستقبلنا سواء بإيقاف التشكيل أو الحد منه عن طريق ضخ الفكرة المستقبلية في أضرار التركيبة عن طريق نشر الوعي في المنزل باعتباره من أول المتضررين من منطلق بدايتها.

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة