الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 27th February,2006 العدد : 142

الأثنين 28 ,محرم 1427

ثقافة الكفاية

...................د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشعيل
يتبادر إلى الذهن عند قراءة العنوان عدة أسئلة منها، هل وصلنا حد الكفاية في ثقافتنا ومن الذي يحدد تلك الكفاية المطلوبة؟ وهل الثقافة يمكن أن تصل حد الكفاية في المجتمع وهل للثقافة حدود؟
قد لا تختلف في الاجابات لهذه الأسئلة بالنفي يقيناً بأن الثقافة ديدنها الزيادة وعدم الاعتراف بالحدود الزمانية أو المكانية أو المكاييل أو الموازين، فكلما وصلنا في الثقافة إلى مفهوم الكفاية كانت تلك نقطة البداية.
إن الثقافة لا تعترف إلا بمفهوم التفاعل الذي هو عنصر من أهم عناصرها، فالميدان الثقافي يتطلب المزيد تفاعلاً ورصداً واستقراءً وتأصيلاً، ولكن من الموهن أننا نصل في الثقافة إلى حد معين ونتوهم أن ذلك الحد منها كافٍ سواء من قبل المثقف نفسه أو الجهات الراعية لها، أما لعدم قدرة أو ملل أو تراخٍ أو تراجع أو عدم مبالاة أو ترهل يكاد يمضي بسكونه إلى درجة عدم الحراك، والأشد سوءاً أن تحبو الاطروحات الجديدة حبواً مما يلجئ إلى التكرار في الطرح أو المشاركين أو العودة إلى المقالات الثقافية من جانب معدي البرامج الثقافية أو المثقف كجزء من قاعدة حفظ ماء الوجه بالعودة إلى الأضابير القديمة لديه والتي ربما أنهكت طرحاً وإن تغيرت الأوعية أوعيتها بعض الشيء شكلاً لا مضموناً، والمؤسف أيضاً أن يتم استغفال المتلقي ظناً بأنه لا يراقب الساحة الثقافية وما يستجد فيها من موضوعات أو مشاركين.
لذا يستلزم الأمر وضع برامج رصد ومتابعة حفاظاً على اثراء الساحة الثقافية والتجديد والتفاعل الايجابي، ترفعاً عن الوقوع في نظرية الكفاية الثقافية وتحاشياً للنقد من قبل المتلقي، لذا فإن وفرة المعلومات من خلال هذه البرامج والمتابعة لها تحقق الاثراء الثقافي المستهدف والتجديد الذي تقوم به دهاليز الثقافة ورعاتها، صحيح أن التكرر قد يكون ضرورة إلى حد ما لتحقيق هدف متعدٍ أو لتأكيد مفهوم أو توجيه مطلوب فهذا لا يدخل ضمن نطاق الكفاية المشار إليه والتي ربما تحجم أولياء الثقافة، كما أن وضع الحد الأدنى والأعلى من المعلومات والذي ربما جعل كجزء من سياسة التمرير أو التمرين الثقافي لا يدخل ضمن نطاق الكفاية المقصودة فتلك تستهدف شكلية في الطرح كجزء من البرامج المعلوماتية المقننة.
وإذا ما استن أحد رعاة الثقافة أو المثقفين مفهوم الكفاية أو حد أعلى أو أدنى لها فهذا يعني التراجع والخوف والتوقف وعدم القدرة ونلتحف بظاهرة الركود والسكون وهذا لا يعني أننا نطلق العنان لهذه الحدود ونلغيها تماماً إلى درجة الوصول إلى عدم السيطرة والانفلات، بل يجب أن نحافظ على أسس الثقافة وتصبح معالم نقف عند حدودها ثم نطلق العنان لهذه الثقافة التي نطمح إليها وفيها لألا يؤخذ على الثقافة التي نقصدها مأخذ الانفلات من المبادئ والأسس، كما أن وضع المعالم والحدود والتقيد بحرفيتها يلجم الثقافة بلجام الخوف والحذر وأخذ الحيطة المبالغ فيها إلى أن نصل إلى كبت الحريات الثقافية التفاعلية. هذا من جانب ومن جانب آخر نسهم في التقوقع والرتابة اللتين تؤديان إن نكني ثقافتنا بمبدأ (مكانك راوح) وهذا يعرف المتلقي عنها شيئاً فشيئاً إلى أن يهملها وينصرف إلى غيرها.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved