الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 27th February,2006 العدد : 142

الأثنين 28 ,محرم 1427

قصيدة (الوطن) في شعر بعض شعراء عسير
مقاربة فنية 1-5
............ علي فايع الألمعي
***
مدخل
لا يخترع الشعراء القصائد، فالقصيدة موجودة في مكان ما هناك، منذ زمن طويل جداً، هي هناك ولا يفعل الشاعر شيئاً سوى أن يكشف عنها!.
جان سكا سيل.
***
توطئة
القصيدة الوطنية فعل عاطفيّ، وعمل إبداعيّ، تستفزّ في الشّاعر كلّ طاقاته، وتحفّز كلّ مشاعره، وهي في الوقت ذاته موهبة تجترح مشاعره، لأنّها في النّهاية تشكّل بعناوينها وأسمائها وملامحها ومعالمها المتحرّكة ذات الشّاعر، فإذا كانت الوطنيّة في أصلها (تعمل ولا تتكلّم) فهي هنا في منطق النصّ الإبداعيّ (تتكلّم) لكنّها غير ملزمة بالعمل على أقلّ تقدير لحظة بنائها، وتكوين ملامحها.
أمّا النّقد - في أحسن الظروف - فهو فعل مواز للكتابة الإبداعيّة، أو هو قراءة مصاحبة للنصّ الأدبيّ أيّاً كان المبدع، وهي - أي عمليّة النّقد - اختلاف واتّفاق، تباين وتكامل، تقاطع وتواصل، كما هي رؤية غير ملزمة باتخاذها حقيقة، أو تجاهلها على أنّها عديمة الفائدة؛ إذ ينبغي أن ننظر إليها على أنّها عمل محرّض، وفعل استمطر قراءة الأفكار، واستنبت إمكانيّة تأويل النصّ، وفي أبسط فهم محاولة لتفسير النّصّ.
ونحن هنا - ابتداءً - نقرّ بأنّ العمل الإبداعيّ يمكنه أن يكون متجاوزاً للنّقد، ليكون النّصّ في هذه الحالة أكبر من الكتابة الموازية، أو منكسراً أمام النّقد، ومتراجعاً في الوقت ذاته، فيكون أقلّ من الكتابة الموازية.
ولكون الكتابة في أصلها انتقاءً للنّصّ، فهي فعل إنسانيّ يمكنه أن ينتفي مع القراءة لكنه لايمكن أن يكون ملغياً للمبدع وقدرته، أو جارحاً في وطنيّته، بقدر ماهي محاولة لتكوين رؤية حول النصّ المكتوب الذي يخضع لعدّة اعتبارات، أهمّها - عندي - أن يكون متجاوزاً لمألوف الكتابة، ومستدرجاً لعواطف أخرى مختبئة في وجدان الشّاعر دون غيره.
من هنا كانت محاولة القراءة المتأنية لمجموعة النّصوص الوطنيّة التي كتبها بعض شعراء عسير ممّن قرأت لهم سواءً كانت القراءة في مجاميع شعريّة، أو في نصوص فرديّة بثّها الشاعر هنا وهناك، ويمكن لهذه الدراسة أن تتجاوز مفهوم الوطن الشموليّ، باعتباره البداية الصّغرى للحياة، ثمّ الانطلاقة الكبرى نحو أرجائه الواسعة والشّاسعة، وسط تقسيمات رأيت النّصوص التي قرأتها تفرضها عليّ كتابة ً واستشهاداً، كما يمكنني أن أضيف - هنا - أنّ محاولة المقاربة الفنيّة انطلقت من الرّغبة في رسم صورة واضحة لأنماط التّناول، وأشكال البناء الشّعري، كلّ شاعر حسب مفهومه للشّعر، وهي كذلك محاولة لفتح إرادة التّواصل مع العمل الإبداعي لشعراء عسير الّذين ظلّ شعرهم بعيداً عن عيون النقّاد، إذ بقي شعراء عسير ولفترات طويلة يكتبون لنفوسهم ولأصدقائهم دون التفاتة صادقة تمنح شعرهم ما يستحق من النّقد سواءً كان مع النصّ أو ضدّه.
أعتقد أنّ هذه الدّراسة تركّز على النصّ لتكون المواجهة مع البيت الشّعري الماثل أمامها، لامع الشّاعر المختبئ داخل نصّه، وهي في الأصل محاولة أخرى للوقوف على عوالم القصيدة الوطنيّة لدى شعراء عسير الذين كتبوا فاستهدفهم النّقد واستهدفتهم القراءة المصاحبة لكلّ نصّ وطنيّ ضمّه ديوان شعريّ مطبوع، أو تمّ العثور عليه أثناء إعداد هذه الدّراسة.
حيث حرصتُ في هذه الدّراسة أن أكون أكثر واقعيّة، وأكثر منطقيّة، لعدّة اعتبارات، يأتي في مقدّمتها أنّ القصيدة جاءت تحمل صدقها الفني المتّفق عليه مسبقاً، لتكون صورة النصّ الشعريّ محكّ شاعر النصّ ومبدعه.
أملي أن تثمر هذه الدّراسة في خلق أجواء يمكنها استفزاز المبدع كما يمكنها أن تستفزّ سكون القارئ للنصّ الوطنيّ الشعريّ بشكل خاصّ، وفق رؤية النصّ وعالمه، ووفق رؤية المبدع وثقافته.
عوالم القصيدة الوطنيّة العسيريّة يمكننا أن نقسّم قصيدة الوطن عند بعض شعراء عسير إلى عوالم مختلفة، تحكمها ظروف كتابة النصّ أو مناسبته، أو حتّى حالة الشّاعر التي يمكنها أن تتدخّل - كثيراً - في فرض عالمه الخاصّ، أو حتّى كشف قدرته على الكتابة فيما يرى لزوماً للكتابة فيه، نبدؤها بعالم الغربة التي نظر إليها الشّاعر العسيريّ وفق مفهومه الذي يكشفه النصّ، وتقرّه أبيات القصيدة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved