الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 27th February,2006 العدد : 142

الأثنين 28 ,محرم 1427

نقد الفلاسفة.. أم نقد العامة؟!
......... وضحاء بنت سعيد آل زعير
يتربّع على عرش النقد الأدبي في بداياته مجموعة من النقاد القدامى، لازلنا نردّد مقولاتهم ونظرياتهم، إما للتسليم بها، أو للردّ على ما جاء فيها، وهذا هو ديدن العلم، والتلقّي ما بقي طلبته على البسيطة ينهلون.
والأغلبية تعرف أن بعضهم قد تسنّم المنطق في عصره، ليصبح من الفلاسفة المشار إليهم، والرحال تُشدّ للنهل من عقولهم، وحكمتهم. لكنهم لم يكتفوا بهذه الفلسفة، وعلم المنطق فقط، وإنما كان لهم إسهام في عدة علوم، وأنواع مختلفة من المعارف.
واستمر ذلك التنوع والتبحّر في ملكوت العلوم دونما كلل أو ملل، أو تقصير وقصور؛ بل إن بعض السلف برع في علوم القرآن، واللغة، والطب، وغيرها؛ وبقي متمكناً منها جميعها. ولكن اختلاف العصور يبدّل الاحتياجات، ويغيّر المعتاد. فبعدما كان العلم في إضمامة من السهل أن يلمّ به العالم، ويحذقه؛ تفرّع وكثرت أبوابه، وتعددت اتجاهاته. وبذلك تحتّم على عصورنا المتأخرة أن تلتزم بالتخصص، حتى سميت ب (عصر التخصص)؛ للحاجة التي تلحّ على أن يبرع كلٌّ في مجاله ويتمكّن؛ فالعلم قد تطور كثيرا؛ ووجود مختص لكل فرع من العلم الواحد أصبح حتمياً، به تختفي الموسوعات البشرية التي سمعنا بها في الغابرين.
حينما يصبح الباحث متعدّد الوجهات والأفكار والأقلام، يطيش قلمه في كل فن وعلم، فإننا سنفتقد القوة العلمية، ونبتلى بالبهرجة الزائفة، والدراسات الباهتة؛ فباحثنا فريد عصره، ونابغة دهره لم يترك لنا فناً إلا وأفتى فيه وصوّب وعارض وجادل! ليضيع المتلقّي في هذا الزخم العلمي، وتؤلمه رقبته من كثرة ما يحركها في كل اتجاه متتبعًا هذه الموسوعة.
نرى بين فينة وأخرى من يتقلّد وشاح الناقد المتمرّس، والملمّ بالآليات النقدية؛ وهي منه تئن وتتشاكى مع النص المظلوم.
وحيناً يُصدر الآراء النقدية الجامدة، ويصرّ أن تُطبّق على ما بقي من إنسانية البشر، وعاطفتهم التي أودعوها الورق؛ بأن يُصرّ أن يؤخذ بفلسفاته العلمية المتحجرة، وأفكاره المتصحّرة، التي لا تطبّق على أي شيء، فضلا عن إبداع مرهف القلم. فبعدما نُبذت أفكاره المتطرّفة من المحسوسات، والمنطق، يأتي بها مجرباً حظها في أي أنواع الخطاب.
متى يكون للنقد خصوصيته، التي تنجيه من براثن الفلسفة الجامدة، والعلمية الساذجة، ويسلم من كل ممتطٍ لما يشاء؟
هل من يبرع، ويبرز في جانب من جوانب العلم، والحياة لا بدّ أن يتمكّن من النقد؟ وقد تعب السابقون في إيضاح الناقد من هو، وما هي أدواته، في حين يأتي كل من خطّ مقالة ليبدأ يرفض شاعرية هذا، ويؤكّد تميز هذه!
هل سهُل التقييم والنقد ليأتي العامّة ويشرعوا في التحكيم للأعمال الأدبية، مؤكدين أنها ليست آراء انطباعية بل لا بد من أخذها بعين الاعتبار؟ متى ننقذ النقد الأدبي العلمي من مطرقة الفلاسفة، وسندان العامّة؟


wadha88@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved