الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 27th February,2006 العدد : 142

الأثنين 28 ,محرم 1427

محمد إبراهيم يعقوب في ديوانه (تراتيل العزلة):
نحت في اللغة يفضي إلى جماليات بوح آسر
............ عبدالحفيظ الشمري
إشارة:
* تراتيل العزلة (شعر).
* محمد إبراهيم يعقوب.
* نادي جازان (ط 1) 1426هـ.
* يقع الديوان في نحو (80 صفحة) من القطع المتوسط.
في إصداره الشعري الجديد يقدِّم الشاعر محمد إبراهيم يعقوب ديوانه (تراتيل العزلة) ذاته، ومشاعره، ورؤاه إلى القارئ في إطار وجداني لا يخلو من ألم وحسرة على الواقع الذي ظل يشيع نحو بعض التفاؤل، ويسكبه بعض الأمل.. ذلك أن الشاعر يعقوب وفي دواوين سابقة ظل محافظاً على فسحة الأمل إلا أن هذا الهاجس لم يصمد طويلاً، حيث حلَّت في الذات هواجس الألم والحسرة من مآل الأحلام إلى سراب، ليسم الشاعر ديوانه في فضاءات العزلة، وتراتيل الفقد الأليم، متيقناً من وجود حالة إنسانية تستدعي حالة اليأس من واقع اجتماعي قد لا يبرأ من أسقامه.
ديوان (تراتيل العزلة) حفل بالعديد من القصائد المراوحة بين التوسط والقصر، معتمدة في هذا السياق على قدرات الشاعر إضفاء حالة من الشجن المعبِّر على كل قصيدة.
استهل الشاعر يعقوب قصائده في قصيدة (هذيان السكون) تلك التي أهداها إلى السيدة سهير إدريس، حيث تفلّتت اللغة من عقلها، فأصبح النص طرحاً شعرياً مستجلياً لينحت لغة فاتنة وسيقة تفضي إلى جماليات بوح آسر:
(يموت التلبث
شيئاً فشيئاً
وتصغي إلى ركبتيها
اللتين.. تطوّح بالوقت
ذات المجيء وذات المجيء..)
(الديون ص 8)
فاللغة المستخدمة في الديوان نحتت مفرداتها بعناية، حيث عمد الشاعر يعقوب إلى استنباط لغة خاصة في كل نص، فحينما يكون للكلام بوصلة، وللحدس جاذبية، وللضلال طعم فإننا أمام مفردات نحتت في إطار شعري يعبِّر عن الحالة الراهنة للعلاقة بين الإنسان ممثلاً بالشاعر وبين من حوله من شخوص لا يعبؤون بمشاعره الرقيقة، ليصبح الحزن وافراً بما يكفي لصنع لغة قوية ومؤثّرة
على نحو ما ورد في قصيدة (لغة تشبه عينيك):
(اقتفي أثر البياض المرمري
واستحيل
على المداخل سرمدية!!
لغتي
نجاوي عاشِقَين
يمامة، مطر، براءة غبطة
نفس عميق
هل خاتمة أبية..)
(الديوان ص 16، 17)
تسكن الديوان مخلوقات الوجد الشفيفة.. تلك التي لا يراها إلا الشاعر، والقارئ الذي يرى بعيني خياله وجدانيات الروح المتوثّبة لعناق كل ما هو جميل، ورائع..
صوت الإنسان الواعي، والمدرك لتفاصيل الأمور هو ما يتردد صداه في أعماق النفس التي تبحث
وهدوئها، فالوجدان الصادق حتى وإن كان أليماً هو الذي يظل معبراً، ومؤثّراً، وهذا ما درج عليه الشاعر محمد يعقوب في ديوانه.
في قصيدة (غيرة) يظهر الوجد والحنين ماثلاً، يعكس رغبة صادقة في تلمس مواطن هذا الحزن، وأسبابه في منعرجات حياة هذه المرأة التي تبحث عن ألف علاقة عاطفية تكون نكهتها الحب، وهيكلها الصدق، وروابطها الشعور بما يحمله الآخر من مشاعر حتى وإن كانت على هيئة ما أومأت إليه القصيدة (من نكهة فاضت بها أغلى رسائلها إليه).. فهو شعور متبادل بين روحين تربط بينهما أواصر علاقة الوجدان الذي يأخذ مداه في الذات الصادقة.
تسيطر على جل قصائد الديوان هواجس معيّنة تبثق من علاقات الشاعر بمن حوله من شخوص، ووجوه، بعضها يشاركه مساحة الود للأشياء الحميمة، وبعضها الآخر يقف على الحياد.. فيما يغيب الضد.. ذلك الذي يناوئ رؤية الشاعر إذ لم نر أي مشاكسة، أو عنف من أي موقف.. لتنطلق القصائد نحو هدف واحد يتمثّل في الجدل الواقعي.
الوجدانيات هي السمة الحاضرة في الديوان أيضاً.. تلك التي تأخذ من الحب مصدراً للبوح، أو منطلقاً للتعبير الفاتن على نحو ما ورد في قصيدة (لا سوى المرآة) فيما تأتي صور الوجد، والبوح، والوعد هي الحالة التي تنطلق منها الرؤية العامة للقصيدة، ليسجل الحزن حضوره في دمعة حضرت بمهابة يصور الشاعر بكل وضوح مدى تأثيرها على ذات المتلقي، وذائقته، فهي الدمعة التي تعد بالفعل مرآة تعكس واقع النفس التي تمور فيها الأحزان واللواعج الشاقة.
ديوان (تراتيل العزلة) بيان شعري جديد يصدره الشاعر محمد إبراهيم يعقوب، حيث يجد أن من المناسب أن يقف الإنسان على مشارف التجربة مسلحاً بلغة تناسب الموقف، وبرؤية تعاضد الفعل لليتحد في هذا السياق شكل القصيدة ومضمونها.
يأتي هذا الديوان بعد إصداره الشعري الموسوم بعنوان (رهبة الظل) الصادر عام 1421هـ - 2001م.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved