الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th September,2004 العدد : 78

الأثنين 13 ,شعبان 1425

بيان موقف.. رداً على الدبيسي
لم أكن يوماً أحسب أني سوف أقف مدافعاً عن شخوص وأسماء حفرت في أذهاننا، وترسخت في ذاكرتنا بعطائها ومدها الفكري والثقافي إلا أن ما سطرته يدا أخي وزميلي الأستاذ محمد الدبيسي لم يدع بداً من قول رأي أو بيان موقف.
لست أبداً من أولئك الذين يرفضون النقد الهادف المؤصل المبني على وقفات علمية جادة، بيد أني أحسب لزاماً على رواد ورموز وجمهور المشهد الثقافي ألا يمارسوا دوراً نأت به العامة فضلاً عن العقلاء في بث الخطاب التجريمي الشاطح. إن ممارستنا النقدية لمشهدنا الثقافي لم تعد تلك التي ننتظر منها الإصلاح وتقويم المسيرة، خصوصاً وهي تجنح إلى المهاترات الشخصية والتجريحات الذاتية واللمز والغمز وتضخيم الأخطاء وملاحقة الهفوات والبحث عن الزلات.
لا أحسب أننا نعيش في متسع من النشوة الثقافية حين نتعدى على أمثال الشيخ عبد الرحمن العبيد؛ فننال من محطات حياته التي بدأت ونحن وأخي محمد الدبيسي لما نتنفس بعدُ نسيم الهواء.
حق لي أن أتساءل: أي ممارسة نقدية نجنيها حين نعيب على رموز ثقافية لها عطاؤها وأن لم تحظ بشهادة عليا؟
وها نحن نتلقف كل لحظة أرتالاً من الشهادات والرسائل الجامعية التي وئدت أفكارها ولم يعلُ صوت أصحابها في مشهد أو محضن؟!
لا أعتقد أننا نختلف في أن قيمة الأفراد والشخصيات لم تكن يوماً بتلك الشهادات التقديرية المصفوفة أو الألقاب المتتابعة بقدر ما هو بفكر المرء وثقافته وعطائه. ولم يعب أقواماً عايشناهم أنهم لم يحملوا (دال) وأخواتها.
أما الإقصائية التي يبذلها الأستاذ الدبيسي على العبيّد؛ فها هي تتكرر منه ذاته حين يقصي العبيد من أبسط حقوقه وألقابه.
هل من لوازم رؤساء الأندية الأدبية أن يحرموا على أنفسهم خوضاً في ثقافة شرعية أو قضية وطنية أو مشكلة اجتماعية، وأن يقتصر صوتهم على إشكالية النص وقصة الحداثة ورأيهم في القصيدة النثرية أو التفعيلة؟!
لسنا بحاجة إلى أن نمارس مع ذواتنا لعبة الرمي والحذف بقدر ما نحتاج إلى أن ننأى بمشاعرنا الشخصية عن مشاهدنا الثقافية التي نتباكى على ضعفها وهوانها على الناس.
لن أدخل في سرد لثنايا ذلكم التكوين المشوه الذي تخلقه أخي الدبيسي مع استمتاعي بعدد من تكويناته الصالحة، بيد أني آليت على نفسي أن أبذل نصحي وجهدي نحو أخي.
هل جميعنا نعيش في عبثية الحوار أم هي ذهنية العربي الناقم الذي يضرم النار في بيته ثم يبكي على حريقه؟!
أجزم أنها بقايا لتكويننا الحقيقي الذي يقوم على التقزيم والإسقاط وتهميش من لا يستطيع الزمان نسيانهم.
وإذا كانت هذه الذهنية صرنا نتبارى ونتسابق في إتقانها لنعيد أمجاد الحطيئة ومن لف لفه، فأحسب أن جيلنا القادم الذي يشكو جيله الحاضر من فصام الكبار عن الصغار بأن المسافة سوف تبعد، والهوة حتماً تتسع، ولا نقول إلا: اللهم سلم سلم.
كم تمنيت أن نروّض أخلاقنا على الإنصاف لا على الإجحاف وعلى العدل لا على الظلم. إنها ممارسة تسبب خللاً في تفكيرنا وتعاملنا حتى مع من أوصينا بإجلالهم وتقديرهم وحسبهم في ذلك دينهم ثم شيبتهم.
فهل آن الأوان لأن نقف مع نفوسنا ونعيد ترتيب أوراقنا ونحسن نقدنا لذواتنا قبل الآخرين؟ هل غابت فينا روح التسامح والعدل والإنصاف حتى صرنا لا نرى إلا عواراً ولا نبصر سوى ظلام؟
هل أعميت محاسننا أم غابت مآثرنا وأصبحنا لا معهم ولا مع القوم؟!
ختاماً.. تقديراً لأخي الدبيسي.
واعتذار لا منتهى له لمحب الكلمة وأستاذنا الجليل عبد الرحمن العبيد، وجمع الله القلوب دوماً على محبته.


محمد بن عبد الله المشوح

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved