الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th December,2004 العدد : 89

الأثنين 15 ,ذو القعدة 1425

العمل الوظيفي في خدمة المجتمع
لكل مجتمع بشري مطالب ورغبات يطمح إليها ويسعى لتحقيقها.. وتلك المطالب والرغبات على درجات مختلفة وقيم متفاوتة؛ منها ما يستطيع المرء إدراكه، ومنها ما يتوقف إدراكه على وضع معين وأسلوب تنظيمي خاص تقوم به مؤسسات مختصة ودوائر مسؤولة.. ووفقاً لهذا التخطيط وُجّه التنظيم الإداري الحديث بما يحمله ويُعنى به من مبادىء ونظم ولوائح؛ وَجّه عنايته البالغة بالخدمة الاجتماعية العامة بمجالاتها وأوجهها وجهودها المتعددة وجعل من العمل الوظيفي في القطاعات العامة سبيلاً ميسراً لتحقيق هذه الخدمة وإيصالها إلى مواقع المجتمع بكل فئاته ومستوياته.. ومن أجل ذلك قرر لها الأنظمة، وهيأ لها الإمكانات والوسائل، واتخذ من الخدمة الوظيفية وسيلة فعالة لتحقيق الخدمة العامة وشمولها لكل الفئات.. ولم يفضل التنظيم الحديث ما يجدُّ من تغيرات اجتماعية وحضارية، وإنما زودها بالمرونة ومواكبة الأحداث والمتغيرات.. وخصّ الأجهزة المنفذة لهذه الخدمات والمشرفة عليها وهي العمل الوظيفي بما تشمله من موظفين ووسائل عمل وخدمة؛ خصّها بكثير من الأهداف والغايات المطلوبة للإصلاح والممارسة والعون ليجعل منها بجدارة ولياقة أداة إنتاج وعطاء وتنمية عامة.. ولذلك كانت الوظيفة في حقيقتها وغايتها وسيلة مثمرة تتيحها الدولة وتقيمها لتخدم بواسطتها وطنها ومصالح أمتها..
ولاشك بأن الموظف أياً كانت وظيفته ومسؤوليته هو الأداة الفاعلة والعاملة التي تحرك تلك الوسيلة وتوجهها إلى الخير والعطاء والإنتاج، وليست الوظيفة التي يشغلها مقعداً وثيراً يتمايل على جوانبه أو يتورم داخله بالتعالي، وخدمة الذات والمحظوظين؛ ولكن الوظيفة يجب أن يتحملها ويرعاها أمانة وشرفاً وإخلاصاً وخدمة للجميع دون فوارق أو محاباة ؛ وهي فوق ذلك أخلاق وتضحيات ونوازع إصلاحية يتجلى ويتحلى بها كل موظف مصلح قدير..!!
كثيرون هم أولئك الذين في أعناقهم هذه الأمانة الجسيمة، وقليل منهم من يسأل نفسه وضميره عما أدى فيها وما أحسن وأساء.. ولو أن كل موظف أو موظفة تأمل حال غدوه إليها أو رواحه منها ماذا يعني هذا العمل المنوط به والموكل إليه في نظر الإسلام وغايته من معنى إصلاحي وتعاوني لأدرك ببصيرة نافذة بأنه يحمل رسالة ومسؤولية إنسانية ووطنية وضعت بين يديه ورسمت في وجدانه وضميره، وأن بين جوانحه مصالح أمة ووطن ومجتمع؛ منه ينطلق وفيه يعيش وينعم، وأن هذا المجتمع يترقب المزيد من عمله وجهده وكفاءته، وينتظر السخي من تضحياته وإخلاصه.. لو تحقق ذلك المتأمل وأوفى وأعطى بجدية وجدوى لما شكا الشاكون، وبكى الباكون من هول التسويف والمماطلة والظلم والعدوان على حقوقهم، ولأصبح لدينا على مدى البصر والبصيرة ورعاية الحقوق الإنسانية مجتمعات كريمة لا تشكو من أنات صارخة تحجب بسماتها وتقضّ مضاجعها وتفسد حياتها وسرورها.
ألا ما أحوجنا إلى الموظف الصالح يصلح شؤوننا ويرعى مصالحنا ويحفظ كرامتنا ويحترم مشاعرنا وإنسانيتنا ويتقي الله فينا.. فمتى وُجد ووُلد فما أسعد المجتمع فيه، وأدناه إلى قلبه وروحه وخواطره.. والله هو المرتجى ومنه التوفيق والهدى.


عبدالله إبراهيم الجلهم

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved