الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 27th December,2004 العدد : 89

الأثنين 15 ,ذو القعدة 1425

غرباء المقاهي الدمشقية
نادر عبدالله *
دمشق مدينة عصيّة على الغرباء أبناء المحافظات الأخرى، الأرياف، المخيّمات، الضواحي، تسلمك فقط محالها، شوارعها، مطاعمها وأيضاً مقاهيها... والمقهى هو أكثر هذه الأشياء اقترابا من محاولات ايجاد ألفة وحميمية ما مع المدينة رغم أن المقاهي لايؤمها إلا عدد محدود وصغير من الناس، وفي الحقيقة فإن الأغراب، يجدون في المقهى ضالتهم، لنسج علاقة ما مع المكان، بحيث ان انفصالهم عن جو المدينة، البشري الأسري، يعتاضون عنه بايجاد هذه اللحمة الجديدة، في قلب المكان وعلى ترابه، من عناصرهم الغريبة نفسها.
فإذا ذهبت إلى مقهى الروضة على سبيل المثال فإنك ستجد عشرات الجماعات والشلل المنفصلة على طاولات مكتظة، ومتراصفة، وأول ما ستلحظه ان أبرز هذه الشلل، مشكلة من أولئك الروائيين، والشعراء، والفنانين والمبدعين أيضاً وجميعهم أغراب يقطنون خارج المدينة بل في مناطق مازالت تتشكل حديثا هناك في الأرياف، في الأراضي الزراعية، أو أملاك دولة متنازع عليها، ولم تحسم بعد... وهكذا فالمقهى هو مكان التقائهم اليومي، والوحيد تقريباً في العاصمة، ومنه أيضاً من المقهى يفكرون في تحريك أجواء الشام وهوائها، وترتيباتها المجتمعية ربما، وكل ذلك بإبداعاتهم، وتنظيراتهم وثرثراتهم، وبالطبع فإن المقهى، هو مكان شغل للكثيرين من هؤلاء، وبؤرة لضخ موادهم الصحفية، إلى الخليج، لبنان، عبر المراسلين، والمقاولين، وأشياء أخرى سرية، يتم الحديث عنها، بالهمس والكتمان.
بضع مقاه
تتوزع في دمشق بضع مقاه، ليست كثيرة ، لكنني مازلت إلى اليوم، اكتشف عبر تجوالي، بعض المقاهي النائية، وعلى الأسطحة في قلب المدينة، ومع ذلك لا يظل في البال، سوى مقهيين، أو ثلاثة حيث هنا، في هذين المقهيين، حتى ولو جلست وحيدا على مدار الساعات، فإنك تظل تأمل، أن يفاجئك صديق ما، صديق ستخرج معه على الفور من المقهى وتذهبان للتجوال في الشوارع، وابتياع السندويش وربما تذهبان إذا كان الزمن ليلا إلى باب توما، مشيا على الأقدام، لتأكلا الفول في ساحة مطعم (باب توما) المطلة أو المفتوحة، على القوس، والمشاة حيث تشعر أنك في قطعة تجمع على نحو فريد بين الشرق والغرب.
النوفرة
إذا كان الوقت صباحا، وكنت متبطلا في ذلك اليوم، فإنك ببساطة، ستذهب إلى مقهى النوفرة، خلف الجامع الأموي... هذا المقهى المحتشد دائماً بالسياح، وفي الحقيقة، منذ ان تندفع، فكرة الذهاب إلى رأسك، وتتأهب للانطلاق، تباغتك رائحة بلبلة، لأتربة وأوراق عشبية يتخللها، الصديق الروائي الفنان (محمود شاهين) بغلبونه ولحيته البيضاء، ولوحاته المصطفة، على جدران المقهى، حيث لا يزال يقيم معرضاً دائماً للبيع، منذ عدة سنوات، وهذا الروائي الغريب أيضا أصبح معلماً من معالم المكان، وها أنت تكتشف من جديد، أن ثمة أشياء فعليه تربطك بالمكان بالمدينة غير أنك عندما تسلّم على محمود شاهين المضياف والحميمي ستلاحظ شيئا ما لا يُمحى من ذاكرتك بسرعة، عندما ينهض، كلما حط غروب سياحي جديد ويسلمهم واحدا واحدا، بروشورات، تشرح لهم وضعه الغني، ولوحاته، ثم عندما يسترد هذه البطاقات دون أن يكترث به أحد أحياناً عندئذ فإن شيئا ما سيحوم في دخيلتك شيء محزون
وآسي، وأنت تشرع باستذكار، شخصياته القصصية، والروائية، حيث كان هو نفسه، مشروعا كبيرا لهذه الأوطان، وعندئذ أيضا، وبالتداعي تعاد إليك وجوه من نفس النمط، وقد تحولوا إلى مرشدين سياحيين، حيث ان دراستهم الطويلة في كوبا (فيدل كاسترو) تبددت سدى، ولم يتبق لديهم إلا اللغة الاسبانية، التي أثبتت قدرتها على إعانتهم في الحياة، وبالفعل يحط فجأة أحدهم أحياناً يتحدّر الدرجات القليلات، أمام البوابة الشرقية للجامع الأموي، خلفه تتفاخر الأيائل، والأقمار، وعندما تبغته بوجودك، يعض على سبابته، هاشا، باشا، وكأنك اصطدمته فجأة في موقف مريب.
المقهى السياحي
في هذا المقهى المطل على الطريق بزجاج خفيف، غالبا ما نكتفي باستعراض واجهاته، من الخارج لتلقط صديقا هاربا من مقهى الروضة، باحثا عن عزلة ما لكتابة قصيدة حيث ان مقهى الروضة، المصطخب بالكثير من المعارف، وأيضاً الذين لا عمل لهم سوى تجزئة الوقت، على أي نحو يأتي، لا يعطي البعض هذه الفرصة في النأي، فينسلون خلسة إلى المقهى السياحي، ويحطون في قاع أو منتصف رواقه السفلي، بقرب النوافذ المشرعة، المطلة في قسمها الأكبر على الشارع الجانبي، حيث ان هدأته وعابريه، المتوحدين القلائل، وشجيراته الصغيرة، التي تطرقها الأنسام، فتسمعك حفيفها، مصحوبا بلجلجات غامضة، من شأنه ان يستثير حفيظة الأشعار والقصائد، من وادي عبقر إليهم مباشرة.
في المقهى السياحي، ورواقه السفلي بالذات، حيث العزلة تبدو محكمة، والعابرون تكاد لا تلمحهم، والصخب يدوي على يسارك، في الساحة العلوية من المقهى، المكتظة بالرواد العريقين، وحراك عمّال المقهى الذي يظهر هناك خدمةزائدة من أجل البقشيش، وخلفهم البوفيه الأنيق أمامه بعض الرجال الصنميون، يدخنون أراكيلهم بصمت وتأمل ومن قلب كل ذلك، ستجد، وتكتشف، سر المقهى، وقدرته الأكيدة على تحريك الابداع، إذ إنك من هنا، من هذه اللحظة، ستمسك بالشرط الوجودي، والانساني برمته، ففي مخيالك، ومن داخل هذا الضجيج البشري، المبكل على يمينه بفضاء الشارع، الذي يعطي خلوه، إحساسا ما بالتلغز تمسك فجأة معادلة الحياة... الحركة... والموت، غير أن الموت، أو السكون الذي ينبع من فضاءات هذا الشارع، وشجيراته ذات الأوراق المرفرفة، الخشخاشة... المائلة للصفرة، على خلفية ضوضاء محوّلة من أعماق قريبة، وبعيدة، توحى بأعراس شعبية، وهدير راحل في بكرة شمس خفيفة، وعودة ما... عودة تزفها حناجر تغتنم الحياة بالأغاني ولمعان العيون الذي يؤكد على نحو نادر اجتراح العيش الجميل وتجسيد الأماني.
... وهكذا بالفعل، يصبر مواتا جميلا بل أسرا حيث تظل الكائنات منغلقة على سرها... سر فجري... مصحوبا بهمهمات ممتلئة، حبيبة، لكنها تظل مطعونة بالحنين الملوع.
وعندئذ تحوّم في رأسك قصيدة ل(فواز عيد) لتأكيد الحنين واضرامه:
(فها نحن اقتسمنا الحلم...
فنهبت كل الأرض حتى الموت
سهولا للمدى وسهول
قرى وقرى
بيوت مشرعات للمدى وبيوت)
وكوني ذكرت المرحوم (فواز عيد) فقد قال لي الاستاذ ميشيل كيلو منذ أيام ونحن في المقهى أيضاً، إنه في أوروبا، أو في بعض بلدانها، فإن كل كاتب يذكر اسمه في مقال أو في حديث في التلفزيون أو الإذاعة أو في أيّما مكان يتم تحويل مبالغ رمزية، بسبب ذلك على حسابه في البنك، من حيث لا يعرف ولا يدري، من قبل هذه الجهات التي تختص وترعى ما يتم ذكره عبرها لهؤلاء الكتاب، وبالطبع سأكون سعيداً لو كان هذا دارجا عندنا وبسبب ذكر تلك القصيدة ل(فواز عيد) يتم تحويل، عشر جنيهات، أو ريالات، أو ليرات لحساب أسرته كثيرة العدد، التي تقطن في مكان لا أعرفه من أرياف دمشق النائية.
مقهى ال(..................)
هذا المقهى يستثير الكآبة رغم فضاءاته الواسعة، وأروقته العالية، وقسميه الكبيرين، الصيفي والشتوي، فعلى عكس مقهى الروضة، نسبة له، والذي يبدو مثل خلية نحل، فإن هذا المقهى تبدو الكائنات فيه، صنمية، والأكثر انعزالا في الكون، ذلك الانعزال. الذي يريده رجال مسنون، لا حياة في عيونهم الخابية المنطفئة، بحيث إذا نظرت إلى صاحب المقهى المتخم بالزمن، والذي يبدو وكأنه يعيش (أوفرتايم) إضافيا، يقضيه عنوة، ورغما عنه سيشتعل عندئذ حصارك.
تقودك إلى هذا المقهى بالأساس، لحظات الضجر والخواء، فتبدو آنئذ وكأنك تواق وباحث لالتهام المزيد.
ما ان تدخل المقر الشتوي، وتجلس، حتى تنتبه أيضا للسور العالي، لإحدى المؤسسات الحكومية، الذي يشرئب عاليا وطويلا على امتداد الضفة الأخرى من الشارع ذلك السور الطلطميس، الذي لا يوحي بغير الصلادة، إضافة إلى تلك القشعريرة التي يبعثها جزؤه السفلي، المطلي بالسواد، لكثرة ما لمسته الأيدي عبر السنين.
في المقر الصيفي، يكثر المقاولون، ومعقبو المعاملات السرية تدفعك لاحتساء قهوتك ساخنة، وبسرعة، لتجد نفسك خارج البوابة، وتتنفس ملء رئتيك، وتستعيد بعضا من الأمل.
وبالطبع فإنك لن تلتفت إلى داخل المقر الشتوي، وأنت تحاذي النوافذ كممر إجباري، للوصول للشارع الآخر، كي لا تلتقي عيناك بذلك الكاتب، أو نصف الكاتب، نصف المثقف، والذي تتجاهله في كل مرة، وقد اعتاد استقطاب اعداد متجددة، من المواهب، أو أدعيائها الطازجين، الذين يصغون إليه
بصخب وحراك من يحاول الدخول إلى المشهد الثقافي مرة واحدة وإلى الأبد، من خلال ما حوشوه من ذلك النصف الذي لم يترك أحدا من شره ونقمائه فتتوهم هذه البراعم الجديدة، إنه لم يعد ينقصها شيء، وقد ملكها هذا المأفون، معلومات طابعها سري، ومريب، وغالبا شائن عن كل من وصلت إليه تداعياته.
مقهى المتحف الحربي
في الظهيرات وخصوصا إذا كان برفقتك صيد عابر مجرد كلام ولم يكن بجيبك غير القليل من النقود، التي لا تكفي لشيء، فإنك ستمضي على الفور إلى مقهى المتحف الحربي حيث ما إن تدخل، حتى يغمرك المكان بانشراح إلهي، وتواطؤ فريد، قد يقودك ومن معك إلى توعدات غير متوقعة.. إن الأشجار العالية الظليلة، تعين الأفياء على استجرار الأنسام العذبة، وتلك الكثافة التي لا توصف، من ذلك النور الذي يستحيل اصطياده في أيما مكان آخر. إنني في هذا المكان فقط، أستطيع التهام قطع غير مرئية من وضاءات فاغمة، وضاءات مخضبة برعشة النسائم وتلك الطراوة المعجونة بأشياء فجرية تحيطها الأفياء إلى ما لا نهاية.
مرة في إحدى الأمسيات الشتائية، دخلت ورفيقي الروائي وفيق يوسف، وكان المقهى خاليا تماما، إلا من اثنتين، هناك في أول العتمة جلسنا في الركن المواجه وعلى مدار الوقت الطويل اكتفينا بتبادل النظرات معهما منهمكين بدورنا بأحاديث شتى، عن الرواية والروائيين فقط عندما غادرتا المقهى أحسسنا بالفقر وتصارحنا به، وطبعا في جميع ارتياداتي اللاحقة للمقهى، كنت أول شيء أتذكره تلك الفرصة، التي بدت لي وكأنها لن تعوض.
مقهى باب توما
هذا المقهى لا يعرفه الكثيرون، بل إنهم تفاجأوا بوجوده عندما قدتهم إليه، وقد (دلاني عليه الصديق العراقي نعيم عبدالجبار) ذلك الذي وطئ أرصفة دمشق طوبة طوبة عبر ثلاثين عاما في المنفى فيها سلام عليه في منفاه الجديد في بغداد حيث لم نعد نراه، ونستمع إلى قصائد المتنبي، وهو يلوكها بفيه بلوعة فقديه للعالم.
مشكلة هذا المقهى أنه يسلمك نفسه كمحطة ترانسفير حيث انك ما ان تحط حتى تفكر إلى أين ستذهب والغريب أنه في هذا المكان بالذات كنت استعيد دائما وجوها لم أرها منذ زمن بعيد، وغالبا ما أشرع على الفور بالاتصال بها وزيارتها، ربما لقربه من الضواحي والريف حيث السرافيس الموصلة إلى الكراجات، تأن في شوارع جانبية، ليست بعيدة عن أنه بجانب هذا المقهى يقوم مركز لعمال النظافة، وقد تسلم وردية الليل أحد الأصدقاء فصار يضع لنا الكراسي في الشارع أمام البوابة العريضة، فنأتيه بعد الثانية عشرة ليلاً، خلفنا تكتظ عربات الزبالة ذات البرميلين، والعجلات الواسعة، أمامنا الساحة التي تظل سهرانة ونمارس حذف الاجساد التي تظل تنبع من أمكنة خلفية مجهولة بينما أنين سيارات القمامة الثقيلة يزمجر أمامنا بين الحين والحين، يتخللها العمال ببدلاتهم الكحلية المعتقة، يروحون ويجيئون، محملين بالمأكولات من المطاعم الفاخرة في الجوار، ذات النجمتين، وما فوق وأيضا مما لقطوه في سعيهم من فوارغ، زجاجات عطر، علب شراب، وأيضا عبوات مغلفة وخبز يابس وخردة
وأشياء أخرى. لن يعلم بها أحد غير الرجل صاحب النظارات السميكة الذي يأتيهم عند الرابعة حيث تنتهي وردية النصف الأول من الليل، فيتحلقون حوله ويبيعونه ما حوّش ليلهم.
عود على بدء
ينبغي أن أقول أن الكثير من الأصدقاء والمعارف من المثقفين، لا يذهبون إلى المقاهي للأسف، وطبعا فإن لكل منهم أعذاره غير أنهم جميعا يعتقدون ان المقهى ثرثرة وتنظيرات ومضيعة للوقت، إضافة بالطبع إلى وجود أشياء خاصة، تتمثل بالابتعاد عن الاستفزازات التي يفضي إليها الالتقاء ببعض الوجوه والأشخاص، الذين لا يبعثون على الارتياح بالنسبة لهؤلاء، وفي الحقيقة فإن هذا ينم عن جهل سببه عدم معاشرة المقهى وتلمس جمالياته عن قرب، ومن الداخل، فأنت تستطيع ببساطة ان تخترق جميع التشكيلات والجند إذا كنت لا تود الجلوس إلى أحد، وتجلس في مكان ما، تقرأ الصحف مع الإفراط في التدخين واحتساء (السادة) برشفات متباطئة تكاد لا تذكر على أنك تستطيع بالطبع أن ترتشف أول رشفتين أو ثلاث على نحو جدي وبنهم ورغبة عميقة للتمتع بالمذاق، والتشبع منه، خاصة إذا كان هذا في مقهى الروضة، وبالطبع فإن قراءة الجرائد داخل هذا الصخب الذي يتخلله ايقاع احجار الزهر وطنين الأصوات غير المفهومة، وطقطقات عامل (النارة)، الذي ستلمح بكل تأكيد مرارا جمراته الزهرية المتقدة عن غير قصد إضافة على هذا العبور المتكرر لصواني الشاي وكؤوس الليمون، والتمر هندي، المتسامقة الطويلة والنظيفة للغاية، والمتشبعة بانعكاسات أضواء المصابيح اللامعة، وأيدي الندّال الرشيقين، وهم يهومون بها، ويدورونها في المدارب وفوق الرؤوس فإن كل ذلك يجعلك في حالة نهم، ومذاق خاص للقراءة، حتى ولو كانت مقالات وضاح شرارة في الحياة، أو عباس بيضون في السفير، غير أنك بلا شك ستحلق إلى سماء عالية إذا تصادف ذلك مع مقال لشوقي بزيع، وهو يتناول ديوانا من الشعر، عندئذ، فإن اللغة والمفردات تصير مسحورة تخضب المكان كله بأطياف القوة، فتشعر وأنت تهز برأسك من الانسحار، بما للغة من إمكانات مهولة، وربما عندئذ ستغير نظرتك للطنين المدوي حواليك، وتعيد الاعتبار للغة، محكية كانت أم مكتوبة، كسر أصلي لا يضاهى من أسرار الوجود، ومكمن جوهري من مكامن بهائه التي لا تنضب.
الشيء الآخر الذي تستطيع ان تمارسه هو التأمل، سواء في الوجوه أو ما تستثيره من تذكارات وصور، واستثارات قد تذهب بك إلى أقاص بعيدة، فالوجوه الكثيرة إضافة إلى وضعيتها الثابتة أمامك مثلا في الشارع تكون عابرة، في اللقاءات والسهرات تكون معها في حالة تشابك وتفاعل وما بحوزتك من معلومات ومشهديات عن بعضها ممن تعرفهم أو لا تعرفهم يوفر لك حالة تداع وربط فريدة بين الحيوات والأشياء، ففي الحياة بعيدا عن هذا الاكتظاظ فإنك غالبا تظل أسير سياق ما من التداعي، أما هنا فإنك تنتقل في حالة قطع مستمرة للسياقات قد تصل عبر هذه الكثافة إلى استقصاءات ومعان لا تتطوع لك في أي من مكان آخر.
وأخيراً، فإنك في المقهى ستجد نفسك محاطاً ومشفوعاً ومبرراً بالكثير من الوجوه التي ما زالت مصرة على أهمية الكلمة رغم كل ماينتفض بوجهها من أتربة، وعيش مكدور.
أترى بعد كل ذلك فوائد المقهى ياصديقي؟


*روائي فلسطيني مقيم في دمشق

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved