مطالعات عيد الحجيلي في ديوانه (قامة تتلعثم) قصائد الديوان افتتان رائع بأغنيات الشجن الشفيف عبدالحفيظ الشمري
|
إشارة: قامة تتلعثم (ديوان شعري) عيد الحجيلي دار شرقيات القاهرة 2004م يقع الديوان في نحو (96 صفحة)
***
يذهب الشاعر عيد الحجيلي في ديوانه الجديد (قامة تتلعثم) إلى شعرية متقدة تفر شرارات بوحها في أمداء العتمة الماثلة في المخيلة.. تلك التي اقتطع الشاعر منها هذه الديباجة المؤثرة من أغاني الشقي المولع والمفتون بأغنيات الشجن، لنره وقد باح في القصيدة التي حملت اسم الديوان (قامة تتعلثم) بأحزان عظيمة استهلها بالتلعثم لفرط ألم وتزاحم هموم لا حصر لها.. فها هي قامة الراوي لمشهد الفقد تتهاوى على تل عال من كلمات الألم (التردد، الجدب، الشجن، حزن، شهقة، تراهات، متاهة، ذل، صفاقة)، فكل ما سبق من كلمات وردت في المقطع الأول من القصيدة ذي الثلاثة عشر سطراً ندرك عندها أننا أمام قاموس شعري مخضب بالحزن والكآبة فكيف لا يتلعثم مثل هذا الإنسان من فرط فواجع ولواعج دبرها الشاعر الحجيلي للإنسان الجميل في داخله حتى أضحى الفعل صارخاً في معية الجنون:
( وها إنني في الهزيع الأخير
من الصمت
ألمح في صحو عينيك
جمر المرائي
وغاشية من كمد ..)
(الديوان ص 22)
القصائد الأخرى في الديوان تأخذ شكل البيان الشعري الموقع بالوعود القصيرة.. تلك التي لا
يقبض من القارئ إلا مزيداً من التجليات الفاتنة، حيث يرسم الشاعر حجم الفراغ المعنوي بين بكاء الوردة حينما تصبح عالقة بين أغصان ذابلة.
الشاعر عيد الحجيلي يعمد في النصف الأخير من الديوان إلى التقشيف في طرح خطابه الشعري حيث
نراه وقد عمد إلى ما يشبه البرقيات أو الشهادات السريعة منذ (الصفحة 55) حينما وردت قصيدة (ترميم) وما لحقها موقعة باختصار مسجوع يلملم أطراف ليل حزين بهذا البيان المقتضب:
(لم يوقظ الجراح
لكنه
في سطوة شفيفةٍ
يرمم الصباح)
(الديوان ص 55)
فالشاعر أراد من هذه التوقيعات السريعة ان يقدم رؤية مباشرة لا تشق على القارئ ولا سيما انه قد يطالع الكثير من هذه الصور التي يمر فيها كالشاعر تماماً إلا أن (الحجيلي) برع في إعادة رسم تلك المواقف الأليمة والمؤذية من خلال تلك النصوص التي وردت بعد قصيدة (ترميم).
وحينما تفرغ من قراءة ديوان (قامة تتلعثم) تكتشف انه يحمل هوية واحدة وواضحة تتمثل في رؤية الألم.. ذلك الألم الذي جاشت به قريحة الشاعر ولامس دانات الشجن الشفيف إلا ان اللغة لم تبرأ من أسقام شكايتها حيث لم نسجل أي موقف متفائل أو حتى رؤية طفولية تقرب ذلك البعيد العابر منذ أمس وحتى حدود أربعة عقود هي عمر الشاعر المثقل بما يرى القارئ من هموم، وما لا يرى من ألم يبرع الشاعر في اقتفاء مساحته وتحديد كنهه شعراً يؤكد ان للحزن شكايته هنا.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|