سرى جناحاك هذا الليل واصطفقا |
وأسرجا في هزيع اللوعة الأفقا |
وأودعا البيد أسراب المنى جزعا |
وكفنا في سماء الغاية الألقا |
سرى جناحاك لا برق هناك هنا |
وليس ثمة بشرى توزع الودقا |
هذي الصحارى المدى آثار قافلة |
مرت هوادجها تستنطق الطرقا |
فاكتب على جسد التاريخ تذكرة |
إذ حان بينك والسبع الشداد لقا |
وخذ على قدر هذا الجرح أسئلة |
وأشعل البوح في عمق الدجى شفقا |
موت السنابل في أذار منزلة |
من السواد تثير البؤس والحنقا |
حتى البلابل ألقت ريشها وجلا |
لما تصرم وجه القمح واحترقا |
لنا التذمر والآهات مشرعة |
بقدر هذا الذي قد بيع أو سرقا |
من قال إن خراف القوم قد نفشت |
فما تحرى وما راعى وما صدقا |
هي اشتهت بعض ما في الحرث فاتخذت |
سبيلها فيه ترضي ذوقها الحذقا |
وأوزعته فصولا من جهالتها |
إذ خلفته مباحا مقتنى مزقا |
ما ضر هذي الجهات الخرس لو نطقت |
وأسقطت في خريف الجولة الورقا |
وعلقت في مساء الموت صرختها |
على صراط إذا هان الورى سمقا |
وأبلغت سيد (الآهات) حجتها |
دما ينز وبوحا مارقا نزقا؟ |
لقوضت حول هذا الحقل أسيجة |
عوجاء شيدت على أوصاله حلقا |
وأطلقت أحرف أسرى وجيء بها |
تسعى كأن السنا في سوقها ربقا |
على شفاه المدى تزهو مشانقها |
بها غداة تجلى الحق وانبثقا |
يا ساخرا من سبات في حناجرنا |
ورادعا كل من في زعمه مرقا |
الصمت أقوم قيلا من تجشمنا |
حبك البيان الذي في مهده نفقا |
هذا السواد الذي تمتاح أحرفا |
منه السناء بقيا كوكب حرقا |
لكن جذوته أو قل شرارته |
أبقى من الدهر إنا شاب أو خلقا |