الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th February,2005 العدد : 95

الأثنين 19 ,محرم 1426

الوهيبي من خلال لقاء صحفي!!
تعليق: عبدالعزيز بن عبدالله السالم
صديقنا العزيز الدكتور عبدالله بن ناصر الوهيبي الذي صُدِمنا برحيله المفاجئ عن دنيانا: كتب عنه أصدقاؤه ومحبوه وأنا من بينهم ولعل الجانب الذي لم يتطرق إليه أحد من هؤلاء الأصدقاء والمحبين: الجانب الساخر من شخصيته، وهو لا يسخر من سواه وإنما يسخر من نفسه، والسخرية ملكة في النفس يعبر عنها بعض الموهوبين ومنهم حبيبنا الراحل أبو ناصر، فنجده ساخراً في لقاء جرى نشره في صحيفة (الجزيرة) بتاريخ 23 جمادى الأولى عام 1392هـ 1972م، وقد أعيد نشر هذا اللقاء في الصحيفة نفسها بعد وفاته رحمه الله تعالى بتاريخ 4121425هـ.
وهذا اللقاء يمثل جانباً من نظرته الساخرة للحياة وفلسفته في هذه الدنيا، حيث نلمس نبرة السخرية الهادئة المرحة التي انطوى عليها حديثه المشار إليه، وهو لا يسخر من أحد وإنما يسخر من نفسه، وأول ملمح للسخرية من النفس عنده: ما جاء في عنوان اللقاء كما في قوله عن مرحلة تعليمه: (حدثت المعجزة بنيلي الشهادة الابتدائية بعد أن شارفت على العشرين) مع أنه يتمتع بذكاء حاد وذاكرة قوية وإدراك عميق وتفوق في الدراسة.. وفي مسار اللقاء يقول عن أستاذ الجامعة وهو الأمين العام للجامعة والأكاديمي المعروف: (أريد من أستاذ الجامعة أن يُطامِن من كبريائه) كما أنه حينما سئل عن شخصيته هو بالذات، أجاب: (لا أعتقد أنني عرفت نفسي بعد بالكفاية التي تؤهلني لتقديم شخصي).. وحين سأله المحرر بما نصه: ما هي المناصب والأعمال التي أسندت إلى سعادتكم؟.. كان جوابه بالنص الآتي:
لم يُسند إلى سعادتي أي منصب حتى الآن وكل المناصب التي تقاضيت مرتبها كنتُ مُسنداً إليها. ولولاها لكنتَ رأيتني الآن لا أستند إلى شيء بالمرة، فقد فشلت في أن أكون فلاحاً أو جَمّالاً. ولم أنجح في أن أكون شيئاً غير ذلك).
هذه ملامح محدودة من إجاباته التي شغلت صفحة كاملة من صحيفة يومية، وهي في مجملها تعبر عن نفسه المرحة وتواضعه الجم وسخريته التي تترجم عن وجدانه الصافي..ولو التقطنا فاتحة إجابته هذه (إلى سعادتي) لوجدناها تنطوي على سخرية لاذعة تمثل ضيقه بالألقاب وعدم اهتمامه بها. مع أن كثيرين يتهافتون عليها ويسعون لأن تحاط أسماؤهم بالسعادة والمعالي وما هو على هذا المنوال من هالات التمجيد والتفخيم، وأنا أشاركه تغمده الله برحمته في هذه النظرة إلى الألقاب التي حملتها لوثة التقليد لألقاب السلطنة العثمانية في عهد مضى.
لقد ترك غياب أخينا عبدالله الوهيبي فراغاً بيننا وسوف تظل ذكراه المعطرة بأريج النبل الإنساني والصفاء الوجداني: ماثلة في أذهاننا إلى أن نودع الحياة كما ودعها قبلنا، غفر الله لنا جميعاً تقصيرنا وأظلّنا برحمته الواسعة التي هي مناط رجائنا في إلهنا الرحمن الرحيم.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved