الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th March,2005 العدد : 99

الأثنين 18 ,صفر 1426

تيار الحداثة والنقد غير المبرر
د. سلطان سعد القحطاني
لقد أخذت وسائل الاتصال بالتقارب منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وأخذت الحداثة الأوروبية طريقها بكل قوة وثقة إلى العالم، تنشر مخترعاتها وأفكارها وتروج لمنتجاتها الثقافية والتجارية والعلمية، لتحقق مكاسبها من الطفرة العلمية، في أسواق تلك البلدان التي تفتقر إلى مثل هذه الإنجازات، وذهب الكثير من الطلاب للدراسة في الجامعات الغربية، وعادوا يحملون الأفكار العلمية المتقدمة، التي تفتقدها أقطارهم، مقلدين غير مبتكرين، وكانت حجج البعض منهم، عدم إتاحة الفرص للابتكار، وقد يكون هذا المبرر مقبولاً منهم إلى حد ما، وفي المقابل كان هناك التقليديون، الذين لم يطلعوا على الثقافة الجديدة، ويتوجسون الخوف من كل جديد يأتي من بلاد صليبية، على أنه هدم للثقافة العربية الإسلامية، والأمر لا يخلو من هذا لكنه ليس بهذه الصفة التي عالج بها التيار المضاد للثقافة الغربية هذه المفاهيم، على أن كل ما جاء منها ضد الدين أو الأخلاق العربية، بل بالغ البعض في وصف هذه الحالة الثقافية بشيء من التطرف غير المبرر، وقامت صفة التعميم على كل شيء، مما أفسد المشروع الإصلاحي (إن وجد) ونحن نحسن الظن في الجميع إلا من ظهر تحيزه وهدمه من الطرفين، فقد ظهر في المملكة بعض من الكتاب المتحمسين ضد الحداثة والمعاصرة، يرفدون به المشروع الصحوي المتفق عليه من بعض الدعاة، كمصطلح جديد لم يعرف من قبل، أو كأن المجتمع لم يصحُ إلا على أيدي هذه الفئة من الداعين إلى الجمود والتقليدية، مما قاد إلى ضرر بالطرفين (الحداثي والتقليدي) ووسع الهوة بينهما، في وقت كان من المفترض التقارب، ووجود الحلول الوسطية، وظهرت أسماء لأول مرة في عالم النقد، أو ما سمي زوراً بالنقد، وحملت كل هذه التبعات على الدين، ما اتفق منها وما اختلف، فإذا كان من يسمون بالحداثيين يعمل أغلبهم في الصحافة ينشرون فيها مقالاتهم وشعرهم ونقدهم للإبداع، فإن الطرف الثاني يشتكي من همينة هذه الفئة على منابر الصحافة وحرمانهم من المشاركة فيها، لكنهم سلكوا طريقاً آخر أسهل من النشر والكتابة التي تحتاج إلى وقت وقراءة معمقة ومراجع.. فكان السبيل من خلال الشريط التسجيلي والخطب المنبرية وحلقات السمر (في المراكز الصيفية) والتجمعات الشعبية، في الحفلات العامة.
وصدر أغلب هذه التسجيلات في كتب خاصة، أو مراكز تابعة لهذه الفئة، فالأستاذ أحمد فرح عقيلان، كان يرأس الأندية الأدبية، في رعاية الشباب، وبالتالي أصدر بعض كتبه عن طريق هذه الأندية، فأصدر كتابه (جناية الشعر الحر) والشعر الحر ترجمة حرفية للكلمة الإنجليزية (Free Verse) كما ترجمها جبرا إبراهيم جبرا حرفياً، وهو شعر يخلو من الوزن والقافية، وقد عالجه العديد من النقاد في العالم العربي قبل ظهور كتاب عقيلان المذكور بالطرق العلمية النقدية، أما عقيلان فلم يعالجه بطريقة فنية، بل يرى أنه جناية على الأدب العربي، وهذا رأيه الخاص، وليس لنا حق الحجر عليه، لكن لنا أن نقول إنه ليس رأياً علمياً، وفي كتابه الثاني (بين الأصالة والحداثة) لم يكن علمياً ولا منصفاً ولا موضوعياً في نقده إذا جاز لنا أن نقول عنه نقداً ففي كل من الكتابين تجن على الشعر الحر وتعميم ليس في مكانه، وما نقله من نماذج استشهد بها من أسوأ النصوص التي ظهرت في العالم العربي، وهذا يعود إلى واحد من اثنين: الأول، أن الدارس لهذا الشعر لم يفهم معناه ولا أصوله، وبالتالي حكم عليه وعلى أصحابه بالكفر بصفة عام.
والثاني عدم المنهجية العلمية في الدراسة، والأستاذ عقيلان وآخرون ينطلقون من فكرة مسبقة وأحكام جاهزة، وهذا مخالف لأصول النقد، في القديم وفي الحديث، وهذا دليل على عدم اطلاعهم على مناهج النقد، ومهما تكن حدة الأستاذ عقيلان في آرائه النقدية، فإنه صاحب موقف صريح وانعكاس نفسي ضد التيارات الحديثة، كما أنه أقرب واقعية من الآخرين، ممن سنأتي عليهم لاحقاً.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مكاشفة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved