لم يخرج الصدق من أرجوحة الكذب |
فراح يثبتُ أن السِّرَّ في الخُطَب |
وراح يسكبُ في جوف الدُّجى مطراً |
ويستحثُ الأماني دونما سُحُب |
يا صدق هَوِّن على الأسماع إنَّ بها |
رعداً يزلزلها من سالف الحِقَب |
هذي اللّها الخرسُ لم تُخلق لأسئلة |
ولم تُجرِّب ولم تُخطئ ولم تُصب |
ولم تزل في غياب الذات غائبة |
تحاور الأمس في لُطف وفي أدب |
ولم تجاوز «قفا نبك الرُّبا» ولهاً |
حتى جرى الدمع من نزوى إلى حلب |
كأنما صيغُ الآهات أوسمةٌ |
خُصّت بها دون خلق الله.. واعجبي |
اترتجيها لشيءٍ وهي موغلةٌ |
في غيهب اللوم والآهات والعَتَب؟ |
مرت بها الأنجم الوسنى فما قرأت |
على سناها «جلاءَ الشك والريب» |
يا صدقُ هذي الخُطى الحيري يواكبها |
أنّى تولت جناح الذُّل والنَصَب |
هانت على الكون قدراً حيثما «هربت» |
كأنها في الورى حمالةُ الحطب |
بغدادُ قومي بباب الله خاشعةً |
واستقبلي القبلةَ الغراءَ وانتحبي |
ورتِّلي في هزيع الليل أدعيةً |
تضوع كالكوكب الدُّري كالشُّهُب |
فالغرب اقبل في كبرٍ وفي صَلَفٍ |
في قوله «الحدُّ بين الجدّ واللّعب» |
يجرُّ آلته الصَمَّاء مدّعياً |
أن الخلاص بها من «آفةِ العرب» |
والشرق حَدّث عنه الطامعون به |
«للقانعين» حديثاً غيرَ مقتضب |
يا أيُّها الشرق ما بالُ الدّنا غضبت |
لما «أُبِحْتَ» ولم تغضب ولم تثِب؟! |
ما بال بعضك يشكو بعضه ألماً؟ |
أهذه ثمراتُ الدِّين والنَّسب؟ |
لله ما أنكأ الجرح الذي زفرت |
قروحُه بين أيدينا بلا سبب |
بغدادُ موتك هذا موتُ أفئدةٍ |
ودمعةٌ في جبين الشمس لم تغب |
ضُمِّي «هرقل» إلى أشلاء قافيةٍ |
أمْسَتْ تجرُّ الخطى في سوء منقلب |
ضُمِّيه فالعالم المكلوم ضاق به |
ذرعاً، وما الموتُ إلا موت مرتقِب |