الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th April,2003 العدد : 9

الأثنين 26 ,صفر 1424

قدري طوقان
مختارات من إنتاجه الفكري
اختارها وقدَّم لها/ ماهر الكيالي، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2002م، 427 صفحة

هذا الكتاب:
يضم عملين فكريين للدكتور«قدري طوقان» تم اختيارهما من بين ثلاثة وعشرين مؤلفاً له، توزعت جميعها بين العلم والثقافة والسياسة والأدب. وهما:«العلوم عند العرب»، و«مقام العقل عند العرب». وفي هذين العملين يؤكِّد «طوقان» أن النهضة العلمية الاسلامية السالفة، هي نهضة أصيلة وذات جذور عميقة، تشهد على ذلك قوائم المبدعين من أمتنا أمثال: ابن سينا وابن رشد وابن الهيثم والبيروني والخوارزمي والفارابي وابن النفيس وابن البيطار وغيرهم. وفي الجزء الأول من هذا الكتاب «العلوم عند العرب» أورد «طوقان» ان العرب قاموا بدورهم في خدمة الحضارة الانسانية والمساهمة في تقديم العلوم، ثم استعرض مساهماتهم العديدة في شتى العلوم مستشهداً بالعديد من الآراء من غير العرب التي انصفت الحقيقة، من ذلك ما قاله «سارطون» حول قدرة العرب على البحث العلمي: «إن بعض المؤرخين يجربون ان يستخفوا بتقدمة الشرق للعمران، ويصرحون بأن العرب والمسلمين نقلوا العلوم القديمة ولم يضيفوا اليها شيئا ما.. إن هذا الرأي خطأ، وانه لعمل عظيم جداً ان ينقل الينا العرب كنوز الحكمة اليونانية ويحافظوا عليها، ولولا ذلك لتأخر سير المدنية بضعة قرون..». كما أضاف «ان العرب كانوا أعظم معلمين في العالم وأنهم زادوا على العلوم التي أخذوها، وأنهم لم يكتفوا بذلك، بل أوصلوها درجة جديرة بالاعتبار من حيث النمو والارتقاء..» أما «نيكلسون» فقال:«.. وما المكتشفات اليوم لتحسب شيئا مذكوراً إزاء ما نحن مدينون به للرواد العرب الذين كانوا مشعلا وضاءً في القرون الوسطى المظلمة ولاسيما في أوروبا».
وقال «دي فو»:«.. إن الميراث الذي تركه اليونان لم يحسن الرومان القيام به. أما العرب فقد أتقنوه وعملوا على تحسينه وإنمائه حتى سلموه الى العصور الحديثة». ويذهب «سيديو» الى ان العرب هم في واقع الأمر أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة. ويعلِّق «طوقان» على ان الحضارة العربية ظاهرة طبيعية ليس فيها شذوذ أو خروج عن منطق التاريخ، وقد قام أصحابها العرب بدورهم في تقدم الفكر وتطوره بأقصى درجات الحماسة والفهم، وهم لم يكونوا مجرد ناقلين كما قال بعض المؤرخين، بل ان في نقلهم روحاً وحياة، وكذلك لم يكن نقلاً ميكانيكياً، فهو أبعد ما يكون عن الجمود. ويرى كثير من الباحثين ان قيام العرب بشرح الفلسفة الكلاسيكية أمر جدير بالنظر والاعتبار. ولم يقف العرب عند حد الشرح، بل خرجوا الى نسق جديد في الفلسفة في بعض بحوثها، «ففلاسفة العرب قد نحوا في البحث عن الوجود منحى مستقلاً غير تابع لتعلقهم بالقرآن..» كما يقول «ولف». وفي العلوم خطوا خطوات فاصلة فبعد ان اطلعوا على ما تركه القدماء، نقحوه وشرحوه وأضافوا اليه اضافات مهمة وأساسية تدل على الفهم الصحيح وقوة الأفكار. برع العرب في الرياضيات وأجادوا فيها وأضافوا اليها اضافات أثارت إعجاب علماء الغرب ودهشتهم، وقد اعترفوا بفضل العرب وأثرهم الكبير في خدمة العلم والعمران.
واشتغل العرب بالجبر وأبدعوا فيه، حتى ان «كاجوري» قال: «.. إن العقل ليدهش عندما يرى ما عمله العرب في الجبر..» وهم أول من أطلق لفظة «جبر» على العلم المعروف بهذا الاسم، وهم أول من ألَّف فيه بصورة علمية منظمة، وأول من ألَّف فيه «محمد بن موسى الخوارزمي» وقد أحدث كتابه أعظم الأثر في تقدم علمي الجبر والحساب. وكذا الأمر بالنسبة لعلم المثلثات، حيث يعود الفضل للعرب في وضعه بشكل علمي منظَّم. وفي الفلك نهض العرب نهضتهم المعروفة وأحدثوا فيه انقلاباً هائلاً، حيث طهروه من التنجيم، وجعلوه استقرائياً بعد الاضافات والاكتشافات التي تقدمت بالفلك كثيراً. وفي الجغرافيا ساعد العرب على تقدمها وصححوا كثيراً من أغلاط «بطليموس» وكشفوا مناطق لم تكن معروفة في بعض القارات. والعرب أول من وضع أصول الرسم على سطح الكرة، وأول من أوجد طول درجة من خط نصف النهار، مما يؤكِّد ما كان للعرب من باع ودراية وعلم في الأرصاد والرياضيات وأعمال المساحة. كما وصل العرب في علم البصريات الى أعلى الدرجات، وثبت ان «كبلر» أخذ معلوماته في علم الضوء عن «ابن الهيثم» أما في الكيمياء فللعرب ابتكارات واضافات جعلت «برتيلو» يقول عن «جابر بن حيان»: «لجابر في الكيمياء ما لأرسطو في المنطق». وكذا الأمر في العلوم كافة: الطب والصيدلة والاجتماع. وتفصيلاً لما تقدم، يستعرض الجزء الأول من الكتاب تلك المآثر في الطب والصيدلة والكيمياء والنبات والطبيعة والرياضيات والفلك والجغرافيا، الى جانب عرض لنتاج بعض العلماء العرب في ميادين العلوم والفلسفة.
وفي الجزء الثاني من الكتاب يتناول «طوقان» «مقام العقل عند العرب»، حيث أورد فيه قيمة العقل وتمجيد العرب له، مما حدا بهم الى القول: ان الله عقل وهو المصدر لجميع العقول. ويظهر في صفحات هذا الجزء من الكتاب، ان من علماء العرب من أخذ بالعقل ومن خالف بالعقل، لذا فقد حاربوا الخرافات والتنجيم. وقد بلغ ايمان «ابن طفيل» بالعقل درجة جعلته يقول: إن العقل يستطيع بالاستقراء والتأمل ان يدرك الحقائق العليا إدراكا تاماً. وان هذا العقل لا يحتاج الى الشريعة في تثقيفه وتوجيهه. ومن الآراء التي بثها «ابن رشد» في كتبه يتبين انه كان يتقيد بالعقل ولا يسير إلا على هداه، حتى انه دعا الى تأويل الاجماع إذا كان الاجماع يخالف العقل. وقد عمد «طوقان» في كتابه «مقام العقل عند العرب» الى حصر البحث في النواحي التي تدلل على الطريقة العربية في البحث والانتاج الفكري والعلمي، وجعل العقل القائد والمرجع مما كان له أكبر الأثر في التقدم الذي أصاب المعرفة الانسانية، وهيأ العقول للتفكير العلمي الحديث.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved