الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th April,2003 العدد : 9

الأثنين 26 ,صفر 1424

قراءة في الجزء الأول من كتابه:
الدكتور عبدالهادي عبدالله عطية والعبث بالبحث العلمي (2 -2)
«الشعر المصري في القرن السادس الهجري ابن قلاقس»
أ.د. عبدالعزيز بن ناصر المانع *

يستكمل الدكتور عبد العزيز المانع قراءته في كتاب«الشعر المصري في القرن السادس الهجري ابن قلاقس»
2 «الزهر الباسم في أوصاف أبي القاسم»:
وينقل معلوماته عن مادة هذا الكتاب وما هيته عن ابن خلّكان في وفيات الأعيان، وعن العماد الأصبهاني في الخريدة، وعن الزركلي في الأعلام. ويخلص من اقتباساته الى أنه كتاب ألّفه في القائد الصقلّي: أبي القاسم بن الحجر، وأنه كتاب مفقود.
قلتُ: وصحة اسم الكتاب:
«الزهر الباسم والعرف الناسم في مديح الأجل أبي القاسم». والكتاب ليس مفقوداً بل موجود محفوظ في مكتبة رئيس الكتاب في المكتبة السليمانية باستانبول تحت رقم 814، وبه نقص يسير يكمل أكثره ما أورده العماد الأصبهاني في خريدته.
هذا أمر.
والأمر الآخر، وهو الأهم: أن كاتب هذه السطور قد حقق هذا الكتاب قبل كتابة الدكتور عبدالهادي عطية بحثه بست عشرة سنة؛ إذ نشرته جامعة الملك سعود عمرها الله بالإسلام عام 1404هـ/1984م.
وهكذا يظهر للدكتور الكريم ان الكتاب موجود، وأن الوصول اليه سهل، وأنه ليس «مما ظفر به الأوروبيون في عصور الضعف العربي» كما يقول في مقدمته، وهو يعلل سبب رحيل كتب التراث العربي عن موطنها، ومن بينها، بطبيعة الحال، كتب ابن قلاقس.
فها هو المخطوط منه محفوظ عند إخوانه المسلمين الأتراك، والمطبوع منه منشور عند إخوانه المسلمين العرب فماذا يريد؟! ان العلة تكمن في تخاذل همة الباحث الكريم الدكتور عطية في البحث. «تنظر صورة عنوان الكتاب مطبوعاً، الصورة الأولى». ثم تجيء الطامة الكبرى الثانية، وهي حديثه عن العمل الثالث لابن قلاقس، يقول:
3 ديوان ترسّل ابن قلاقس
مخطوطة عند الأستاذ خير الدين الزركلي
ثم يذكر ما أورده المرحوم الزركلي عند حديثه عن ابن قلاقس.
وفي مقدمة كتابه «ص27» يغمز الزركلي بأسلوب ركيك فيقول:«وقد نال الأستاذ خير الدين الزركلي ديوان ترسّله المخطوط، واعتز بأنه لم يعثر عليه أحد غيره، ولم يقدمه للباحثين والدارسين».
ثم يقول في صفحة 240 ما نصه:
«وقد حاولت الظفر بهذا المخطوط النادر لكن المنية قد وافت الأستاذ خير الدين الزركلي، وحاولت الاتصال بأسرته ونجحت محاولتي حين تعرّفتُ على ابنه.. ولما طلبت منه هذا المخطوط أظهر لي خطاب شكر من جامعة الرياض موجهاً الى أسرة المرحوم».
قلتُ: والمعلوم ان المرحوم الزركلي أهدى مكتبته الى جامعة الرياض.
لكن الباحث الكريم بعد هذه المعلومة لم يراسل جامعة الرياض للحصول على نسخة من هذا المخطوط النادر الثمين، بل اكتفى بالذهاب الى معهد المخطوطات التابع للجامعة العربية بالقاهرة فأخبره المعهد بأنه «لم يتجه بعد الى تصوير المخطوطات بالمملكة العربية السعودية».
وما زال الدكتور عبدالهادي عطية ينتظر المعهد حتى يصوّر مخطوطات جامعة الرياض ومن بينها مخطوط ترسل ابن قلاقس.
أيعد عمله هذا كافياً في البحث والتحري والتنقيب عن مواد كتابه؟
أودّ ان أخبره هنا بالأمور التالية:
1 إن المخطوط المذكور غير موجود في جامعة الرياض «جامعة الملك سعود حالياً» فلا داعي للانتظار!.
2 إن الأستاذ الزركلي احتفظ بالمخطوط ولم يخرجه لأحد، لا بخلاً فيه، ولكنه خشي أن يتولى نشره شخص غير مؤهل لتحقيقه، فكتب ورقة بداخل مخطوط الترسل، الذي اطلعت عليه، وصوّر لي، فيما يلي نصها:
«هذا الكتاب نفيس جداً، اشتريته من أحد ورثة علي الليثي. ولا يخرج من عندنا إلا باتفاق الأساتذة حمد الجاسر وظافر القاسمي وشكري فيصل. ويمكن طلبه إذا تعهدت يد علمية أمينة بإخراجه جيداً، وتصحيحه جيداً، وعمل مقدمة له يعتمد فيها على ما كتبتُهُ عن مصنفه «نصر ابن عبدالله، ابن قلاقس» في الأعلام 8:344، وكان مؤلفه من رجال صلاح الدين الأيوبي.
هذه النسخة كتبت سنة 592هـ «1196م» وهي فريدة لم تنسخ ولم تصوّر. وكانت نيتي أن أتولى أنا نشرها وعسى ان يوفقني الله الى ذلك» ثم توقيع الزركلي.
3 ولكن من باب الانصاف علينا ان نقبل عذر الدكتور عطية في عدم قدرته على الوصول الى مخطوط الترسل، الذي يمتلك الزركلي نسخته الوحيدة، لا عن طريق ابنه ولا عن طريق معهد المخطوطات الذي لم يرسل بعثته الى جامعة الرياض لتصوير مخطوطاتها حتى الآن وفيها، كما يظن الدكتور عبدالهادي عطية، كتاب الترسل.
لكن ما رأيه إذا قلت له: إن نسخة الترسل التي توجد لدى الزركلي ليست النسخة الوحيدة في العالم وإن قال ذلك عنها في كتابه الأعلام 8:344!.
وما رأيه إذا قلتُ له: إن هذه النسخة الثانية أقرب إليه من نسخة الزركلي التي يزعم أنها في الرياض!.
وما رأيه إذا قلتُ له: إن هذه النسخة موجودة عنده في القاهرة!.
وما رأيه إذا قلتُ له: إن هذه النسخة موجودة في مكتبة عامة وليست في مكتبة خاصة «يضن» صاحبها بها كمكتبة الزركلي!.
وما رأيه إذا قلتُ إن هذه النسخة، قريبة منه جداً، «ولم يظفر بها الأوروبيون» بل هي موجودة في دار الكتب بالقاهرة عمرها الله بالاسلام ضمن محتويات المكتبة التيمورية تحت رقم :«أدب، تيمور 617». «تنظر صورة عنوان المخطوط المرفقة، الصورة الثانية».
وما رأيه إذا قلتُ له: إن هذه النسخة التيمورية هي نسخة طبق الأصل من نسخة الزركلي، بل إنهما تشتركان في النقص نفسه في بعض المواضع!.
بل ما رأيه إذا قلتُ له: إن كاتب هذه السطور قد حقّق الكتاب، معتمداً على النسختين معاً، ونشرته جامعة الملك سعود عام 1404هـ/1984م! أي قبل نشر الدكتور عبدالهادي عطية كتابه عن ابن قلاقس بما يقرب من ست عشرة سنة! «تنظر صورة صفحة العنوان مطبوعاً، الصورة الثالثة».
ومع هذا لم يستطع الدكتور عبدالهادي عطية، الموجود في الاسكندرية، الوصول الى المخطوط، الموجود في القاهرة، بل الأدهى والأمر أنه يجهل وجوده هناك!!. ولم يستطع الوصول الى المطبوع في الرياض، لكنه معذور لبُعد المسافة بين الرياض والاسكندرية!.
ربما يقول الباحث الكريم: إنه يكتب عن «الشعر المصري في القرن السادس الهجري» وابن قلاقس أنموذج شعري لا نثري لهذا القرن، وهذان الكتابان يهتمان بنثر ابن قلاقس.
فأقول له: لكن في الكتابين من الأشعار ومناسباتها، خاصة رحلته الى صقلية، ما لا يستغني عنه باحث في شعر ذلك القرن أو شاعره ابن قلاقس، فلا عذر له مهما أبدى من أسباب في أن يكونا بين يديه حين قيامه بالبحث.
ثم ننتقل الى الحديث عن شعر ابن قلاقس وهو ما دار عليه أغلب كتابه، فعلى أي شيء اعتمد؟
يحدثنا الدكتور عن الديوان في الصفحات 241244:
4 ديوان مطبوع من اختيار خليل مطران
وهناك نسخة مخطوطة في المكتبة الأهلية بباريس فيها زيادات، وهي برقم 3139.
ومعرفته لهذا المخطوط لا تعود لكونه راجع فهارس المخطوطات فاكتشف هذا الديوان، وإنما وجده بحمد الله في ترجمة الزركلي لابن قلاقس، وفي دائرة المعارف الاسلامية كما يقول هامشه!.
ورغم ان هذه النسخة في باريس؛ ولذلك فهي من التراث الذي «ظفر به الأوروبيون»، فقد هيأ الله سبحانه وتعالى لها معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، فصوّر نسخة منها أصبحت بحمد الله معتمد الدكتور عطية الأساس في بحثه ذي الجزأين، عدا المختارات. ولكني أسأل الدكتور عبدالهادي عطية السؤال التالي: أيصح لباحث يدرس شعر شاعر كابن قلاقس ان يبني دراسته على نسخة واحدة وجدها في معهد المخطوطات دون تقصي المخطوطات المذكورة في فهارس كتب التراث ككتاب بروكلمان مثلاً؟ لو بحث الدكتور العطية في كتاب بروكلمان وحده لوجد أنه يذكر نسخة أخرى في فيينا برقم 468/1 ونسخة أخرى في بيتزبرج رقم 297 وثالثة عنده في القاهرة 3/110 «دار الكتب».
كما أنه سيجد عند غيره نسخة للديوان محفوظة في مكتبة جستر بتي في دبلن برقم 4626 تحوي وحدها ما يزيد على أربعة آلاف بيت!! نعم: أربعة آلاف بيت! كيف يسمح ضمير أي باحث على أن يقدم دراسة عن شاعر، كابن قلاقس، مُغفلاً هذا الرقم الهائل من الشعر! وهذا الشعر يقع في 236 ما بين مقطوعة من بيت واحد وقصيدة في تسعة وتسعين بيتاً!. لكنَّ باحثاً لم يستطع الوصول الى «ترسّل ابن قلاقس» في دار الكتب المصرية بالقاهرة لا أمل يرجى منه في احصاء شعر ابن قلاقس في هذه المخطوطات المختلفة.
لكني سأعفيه من مسؤولية جمع شعر ابن قلاقس كله عند اعداده دراسته لسبب بسيط وهو ان هذه المخطوطات، مع الأسف، «مما ظفر به الأوروبيون» ولم يصوّرها معهد المخطوطات بالقاهرة، هداه الله!!.
لكن ما رأيه، وهذا والله هو المخزي، إذا قلتُ له: إن ديوان ابن قلاقس قد حقق تحقيقاً كاملاً ونالت به محققته الدكتورة سهام الفريح درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1979م وربما قبله، أي قبل أكثر من اثنين وعشرين عاما من نشر الدكتور العطية كتابه عن ابن قلاقس!.
ألا يستطيع الباحث الكريم ان يصل الى هذه الرسالة عنده في جامعة القاهرة، ويحيل على الديوان كاملاً؟
قد يكون أمراً صعباً!
ولكن ما رأيه إذا قلتُ له إن النصف الأول الذي ينقصه، والموجود في نسخة مخطوط مكتبة جستر بتي، قد نشرته المحققة في الجزء الأول من الديوان، وهذا الجزء من منشورات دار العروبة بالكويت واشراف دار الفصحى بالقاهرة، وذلك عام 1982م، أي قبل ثمانية عشر عاماً من صدور كتاب الدكتور عبدالهادي عطية عام 2000م. «تنظر صورة صفحة العنوان مطبوعاً، الصورة الرابعة».
بل سأذهب الى أبعد من هذا وأقول له:
إن المحققة الكريمة قد نشرت الديوان بكامله، معتمدة على كل المخطوطات والمختارات المتاحة، وقد أصدرته «دار المعَلا» بالكويت عام 1988م/1408هـ، أي قبل اثنتي عشرة سنة من صدور كتاب الدكتور عبدالهادي عطية عن ابن قلاقس عام 2000م! «تنظر صورة صفحة العنوان مطبوعاً، الصورة الخامسة».
قلتُ: وعلى نشرتها الأخيرة اعتمدت فيما ذكرته أعلاه من احصائيات عن الديوان.
وأود ان أضيف هنا ثلاثة كُتبٍ أخرى للمؤلف غابت عن ذهن الدكتور عطية لغياب مصادرها عنه وهي:
5 نَظْم السلوك في مدائح مَن لقيتُ من الملوك.
ذكره في «الزهر الباسم».
6 بُعد المكين عن التمكين. ذكره في «الزهر الباسم».
7 روضة الأزهار. ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 1/923، والبغدادي في هدية العارفين 2/492.
ماذا يقول القارىء بعد كل هذا؟
أترك الحكم له ليرى ما يرى. والله المستعان.


* كلية الآداب/ جامعة الملك سعود

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved