الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 28th June,2004 العدد : 65

الأثنين 10 ,جمادى الاولى 1425

الهالة
منصور الجهني
ليس بالضرورة أن القيمة الفنية هي ما يشد الناقد للنص حتى وإن ادعى معظم السادة النقاد ذلك. ثمة إعتبارات أخرى كثيرة قد تكون خارج النص.. أحياناً قد لا يجد الناقد حرجاً من الإشارة اليها والاعتراف بسطوتها أو إغوائها.. وأحيان كثيرة يتجاهل ذلك ويدعي أن المحرض الوحيد هو النص بما يحويه من قيمة فنية وإبداعية مجرداً من كل شيء بما في ذلك كاتبه وزمانه ومكانه وكل ما يحيط به من مؤثرات.
ومهما حاول الناقد أن يسم ذاته ونتاجه بالموضوعية والمنهجية وما إلى ذلك فإنه يبقى في النهاية محكوماً بذات المرجعية الاجتماعية والثقافية .. أو بالأصح هو نتاج تلك المرجعية التي تشكل ثقافة عامة لها خصوصيتها وسطوتها التي قد يتجاوز تأثيرها السلوك الظاهري ممثلاً بالتقاليد والأعراف وو.. إلى اللا وعي وكل ما يسهم في تكوين الشخصية في إطارها الاجتماعي. وهنا في مجتمعنا تشكل المرأة ولو مجازاً لغزاً غامضاً بالنسبة للرجل إستناداً إلى ما يحيطها من إخفاء واختفاء.. المرأة الحاضرة الغائبة.. فهي قد تحضر باسمها وبإبداعها.. لكنها كصورة أو كيان ملموس لا أثر لها.
وهنا ربما يجهد الناقد بل القارىء عموماً ذاكرته وخياله في محاولة لاستحضار ذلك الجانب المخفي أو الغامض ليس بالضرورة من خلال حالة شبقية عند المراهقين، وإن كانت تلك هي الغالبة حتى بالنسبة للكهول لكن أيضاً من باب الولع المحرض على المعرفة والاكتشاف خاصة في مرحلة الطفولة ويبدو انه يستمر مع الإنسان خلال مراحل حياته بشكل عام.. وغالباً ما تتم محاولة استحصار النصف الآخر من الصورة أو استدعائه انطلاقاً من الملموس أو المعطى وهو في هذه الحالة الاسم بما له من إيحاءات ودلالات تؤثر في حالة التخييل أو التشخيص باعتبار المؤثر الثقافي ممثلاً ببعد تراثي يهمس في أعماقنا لكل من اسمه نصيب أو الكتاب من عنوانه .. ثم النص باعتباره النافذة أو الباب الذي يمكن من خلاله محاولة استراق النظر للوصول إلى فتنة المستور بغطائه.
قد تكون هذه الكتابة أو المقدمة مجرد اختيار لجدية الفكرة التي يمكن اختزالها او صياغتها ضمن ذلك التساؤل: هل يمكن أن يكون هناك نقد (ايروتيكي)؟.. ورغم غرابة ذلك التساؤل إلا أنه ليس هناك ما يمنع من مقاربة تلك الفكرة ولو من خلال كتابة عبثية كتلك.. مع الأخذ بالاعتبار أن تلك الحالة قد تتخذ في النقد منحى مختلفاً عنها في الابداع .. فهي قد لا تتجلى من خلال الخطاب النقدي بشكل مباشر كما في الإبداع، ولكن ربما باعتبارها أحد المؤثرات غير الملموسة أو الخفية التي تنعكس بقصد او بدونه على الخطاب النقدي وتؤثر فيه.. يتضح ذلك التأثير من خلال عدة صور افتراضية منها مثلاً محاولة بعض النقاد تجنيس القصيدة.. وهناك أمثلة كثيرة ومعروفة.. أيضاً من خلال الإغواء الذي يمارسه النص الأنثوي على النقد أو بالأصح على الناقد في إطار الخصوصية الاجتماعية المشار إليها ممثلة بطبيعة العلاقة بين الرجل عموماً والمرأة.. خاصة تلك المختلفة أو ربما المتمردة باعتبار الكتابة وتحديداً الإبداعية تشكل او ربما ينظر إليها على انها نوع من تعرية الذات الأنثوية ومحاولة للخروج بها من عتمة الحجب التي تغلفها إلى ضوء الإبداع ومراياه الفاضحة وفق الرؤية التقليدية أو على الأقل هي محاولة لتجسيد الذات الأنثوية الغائبة.. وفق منظور انا أكتب إذن أنا موجود .. هذا التحدي الأنثوي يستدعي تجاوباً رجولياً من النقد الذي يسارع إلى احتضان تلك النصوص، مع ما يستدعيه ذلك من خطاب يأخذ في الاعتبار شفافية القوارير.. وقد تكون هناك علاقة طردية بين حجم الغياب أو الغموض الذي يحيط بالمبدعة وبين قدر الإغواء .. الذي قد يصبح مضاعفاً في حال ان تتخذ المبدعة رمزاً أو قناعاً يضاف إلى أقنعة الواقع ويزيد الغموض كلما زادت الحجب زاد الشغف مثلاً: عندما تكتب مبدعة باسم مستعار لا ننسى دلالات الاستعارة وإغواءاتها فإنها تجد اهتماماً مضاعفاً من النقاد والقراء أو قل بعض النقاد أو حتى أحدهم.. ثم عندما تتخلى عن ذلك الرمز.. وتتخفف من تبعاته الدلالية كاتبة باسمها الصريح.. فإن تلك الهالة تنطفي.. وتفقد النصوص سلطة الجذب السابقة رغم انها لم تفقد تميزها.
أخيراً ربما من خلال مقاربة نصوص من هذا النوع بحيث يتماهى الناقد مع الحالة المجسدة في النص.. قراءةً وتحليلاً وتفكيكاً وتشريحاً وحفراً إلى آخر أدوات التعرية النقية مما يجعل الحالة أكثر عرياً.. ويكون الناقد قد أضاف بعداً آخر إلى تلك الحالة من خلال سلطته النقدية على النص.
كل تلك الافتراضات تنتهي بي إلى تساؤلي السابق: هل يمكن أن يكون النقد..؟
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved