الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 28th June,2004 العدد : 65

الأثنين 10 ,جمادى الاولى 1425

المسرح المحلي في عيون النقد الصحفي

إن المسرحَ، وهو أحدُ روافدِ فنون التعبيرِ الإنساني..
أصبحَ وجُودُهُ ظاهرةً حتميةً لمجتمعنا..
الذي دخَلهُ هذا النوعُ من الفنونِ مُنذُ وقتٍ قصير.. قياساً ببعضِ المجتمعَاتِ العربية والأوروبية..
التي احتضنتْهُ كمِنْبرٍ من مَنابرِ التعبيرِ الإنساني..
فاستطاعتْ أن تقفزَ قفزاتٍ ثقافية.. مما ساعدَ على ظهورِ أشكالٍ مُختَلفةٍ له..
بينما نحنُ في مجتمعِنا أصبحنا متلقينَ لهذا الفن الوافدِ الذي جاءنا متأخِراً..
وللحقيقةِ، فإننا لا نستطيعُ أن نُنكرَ أن المسرحَ قد فرضَ نَفسَهُ ووجودهُ رغمَ كلِّ المعوقات..
لعل من أهمها عدَم وجودِ القاعةِ المسرحية..
فظل دَورهُ قاصراً نتيجةَ الظروفِ الاجتماعيةِ..
التي حَدَّتْ من انطلاقتهِ الفنيةِ الموضوعية..
فإذا نظرنا إلى الواقعِ المسرحيِ..
فسوفَ يتأكدُ لنا كمسرحيين بأنَ ما يقدمهُ الآن ليس هو الطموحَ، وليس هو المسرح الحقيقيّ..
إلا ما ندَر من بعضِ العروضِ التي قدّمها قِلةٌ من الفنانينَ، وذلكَ لمناسبةٍ مهرجانيةٍ فقط، وبعدها ينْفَضُّ المُولد، ويَعودُ المسرحُ إلى سكونِه وأحياناً نومِه..
أيُّها الأحبة..
إنني أعتقدُ بأنَ المسرحَ بدخولهِ علينا متأخراً..
قد بدأ بقلةٍ من الفنانينَ والمهتمينَ.. ففرضَ وجودَهُ دون توصيةٍ جماهيرية..
فأصبح هذا المسرحُ يَشُدُّ المتلقي..
دونَ قناعةٍ داخليةٍ بأنهُ ظاهرةٌ حضاريةٍ..
والمفارقةُ هنا تظهرُ، وتتضحُ بأنَ الرأي السائدَ عندَ المتلقي هو التسليةُ والترفيه..
اللهم إلا قلةً من الذينَ يشعرونَ بأهميةِ وجودِ المسرح..
إذ نجدُ أن لهم مذاقاً خاصاً تجاهَ المسرح.. فيعتبرونهُ أداةً فنيةً..
ذاتَ أهدافٍ تعليميةٍ وتثقيفيةٍ وتنويرٍ مع شيء منَ الترفيه والتسلية.. وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ..
منها إذا صادفَ الواحدُ مِنا طبيباً أو مُهندسا ًأو مُدرسا أو مُوظفا
ودعَوْناه مثلاً لمشاهدةِ مسرحية ما..
فإنه قد يتعلل بأسباب واهية تمنعُهُ من الحضور..
ولكنَ الحقيقةَ هي أن النظرةَ ما زالتْ قاصرةً تِجَاهَ المسرح..
إذ يُنظرُ إليه أو إلى الفنانينَ بهِ على أنهمْ مشخصاتية.
وليسوا أكثر من مجالٍ للتسلية..
وهذا هو الخطأ بعينه الذي يُشكلُ معوقاً كبيراً لمسيرةِ المسرح..
إذاً فالسوادُ الأعظمُ من الناسِ لا يعرفونَ أهميةَ المسرحِ..
على عكسِ الانسانِ في المجتمعَاتِ الأخرى كالاوروبيةِ مثلاً.. حَيثُ يَنْظُرُ الانسانُ فيها للمسرحِ على أنهُ جزءٌ مهمٌ من برنَامجهِ الحياتي..
ذلك لأن الوعي الجماهيري أو وعيَ المتلقي هنا..
ليسَ واضحاً لهُ ماهو المسرح! بسبب قلةِ العروضِ والبعدِ الإعلامي عن هذا اللونِ الفني الراقي..
وأيضاً أن المسرحَ بدأ من خلالِ قلةٍ منَ المبدعينَ كما أسلفتُ..
ولم يبْدأ من خِلالِ متلقيه..
الذين يُشكلونَ حَجَرَ الزاويةِ للمسرح.. إذ بِدونِ المتلقي.. وما يَحْمِلهُ من مضامينَ اجتماعيةٍ لا يكونُ هناكَ مسرحٌ..
أيها الزملاءُ الأعزاء..
هذا فيما يتعلقُ بالمسرح..
أما فيما يتعلقُ بالنقدِ المسرحيِ في الصحافةِ المحليةِ يكادُ يكونُ هامشياً وسَطَ ما تَطرحُهُ الصحافةُ الفنيةُ من موضوعاتٍ ولقاءاتٍ غنائية..
وإذا أردنا أن نقول: إن هناكَ مادةً نقديةً مسرحيةً موجودةً في الصحافةِ المحلية..
فإننا نتجاوزُ الحقيقةَ ونقفزُ الواقع.. فالواقعُ والحقيقةُ يقولانِ وبالتأكيدِ خُلوَ صحافتِنا المحلية من المادةِ المسرحية.
إلا ما نَدر.. ومِصْداقاً لما أقولُ..
خذْ أيةَ صحيفةٍ منْ صُحُفِنا المحلية.. وتابِعْها شهراً أو أكثر..
بشكلٍ منتظمٍ..
لن تجدَ فِيها نَقداً مَسرحياً بالمعنى المعروف..
وإن وجدنا نقداً فإنه مُجردُ إشاراتٍ قَصيرةٍ جداً..
وانطباعاتٍ ذاتية لا تعني شيئاً لا تُسمنُ ولا تُغني من جوع..
إن النقدَ المسرحيَ هو أحدُ أهمِ العناصرِ الأساسيةِ لتقديمِ الأعمالِ المسرحيةِ الجيدة..
لما للناقدِ من نظرةٍ موضوعية..
تَظهرُ فيها قُدرَتُهُ على التأمل..
مُقدماً لجمهورهِ عملاً مسرحياً آخر كصورةٍ تكامُليةٍ مع الخشبة..
والنقدُ المسرحيُّ في صحافتِنا المحيلةِ إنْ وُجدَ فهوَ ضَعِيفٌ..
نتيجةَ عدمِ اهتمامِ الصفحةِ الفنيةِ بالمسرح..
وهذا الضَعْفُ جاءَ عُنوةً إما من المحرِّرِ المشرفِ على الصفحةِ أو منَ التوجُهِ العامِ للجريدة..
ذلكَ أن نِسبةَ الاهتمامِ بالمسرحِ مقارنةً بالأغنيةِ..
تُشكلُ تقريباً واحداً إلى عشرةٍ..
إن لم يكُن أقل..
قد يسألُ سائلٌ..
ما حَلُ هذه الإشكالية..
أقصدُ إشكاليةً العَلاقةِ بينَ الصحافةِ الفنيةِ المحليةِ والمسرح؟
إن حلَ هذهِ الاشكاليةِ لا يكمنُ في مطالبةِ الصحفي أو الناقدِ المسرحي بالكتابةِ عن المسرحِ..
قبلَ وأثناءَ وبعدَ العرضِ..
سواءً كانَ العرضُ مُنفرداً أو وسَطَ مجموعةٍ من العروضِ بمِهرجانٍ مسرحي.. بل إن المطالبةَ تكمنُ في استمراريةِ العروضِ المسرحيةِ طِوالَ العامَ، وهو مطلبٌ يَستطيعُ المُبدعُ المسرحيُّ تحقيقَهُ..
مُتَسلحاً بأسلِحةَ الصبرِ والتضحياتِ والنفسِ الطويل..
عِندها سيِجدُ الناقدُ الصحفيّ الفنيُ نفسَهُ مُجبراً على مجاراةِ واقعِ المسرحِ المتواصلِ مع مُتلقيه..
أي أنهُ لابدَ أن يكونَ المسرحُ في البدايةَ حِصاناً يجُرُّ عَرَبةَ النقدِ الصحفي..
حتى تتحولَ العربةُ إلى حِصانٍ آخَر مُجاوراً للحصان المسرحيِّ..
وأنا على يقينٍ بأنَ المسرحَ إذا وجدَ هذا الحِصانَ المجاور لهُ سيسبقُهُ فلن يغضبَ..
لأنَ الفنانَ الواعيَ سيحترم الناقدَ الواعيَ ويتبعهُ للوصول إلى محطةِ المتلقي.. التي هيَ الهدفُ والغايةُ للاثنين معاً..
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved