الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th July,2003 العدد : 22

الأثنين 28 ,جمادى الاولى 1424

دعت إليه وزارة الثقافة المصرية لبحث كل شيء
مؤتمر «نحو خطاب ثقافي جديد» انتهى بكلام قديم!!

*القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح:
اختتمت منذ ايام قليلة فاعليات مؤتمر تجديد الفكر العربي الذي دعت إليه وزارة الثقافة المصرية وعقد على مدار ثلاثة ايام في ضيافة المجلس الأعلى للثقافة واحتشد من اجله 60 مثقفا عربيا ومثلهم من مصر ، واحاطت بأنشطته تساؤلات تشكل في جدواه ومصداقيته وتوقيته، بل وقيل انه يخدم اهدافا امريكية، وبلغت الحملة المضادة للمؤتمر إلى درجة اعلان عدد من المثقفين المصريين من بينهم عبدالعظيم انيس وصنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني ومحمد البساطي ورضوى عاشور مقاطعتهم له واصدار بيان يشكك في أهداف المؤتمر.
يضاف إلى هؤلاء عدد آخر اكتفى بنظرة مرتابة عن بعد وآثر الصمت.
بالطبع، مفهوم ان يقيم المجلس الأعلى للثقافة مؤتمرا عن امل دنقل أو مئوية قاسم امين.. ومفهوم ان يكون الموضوع المطروح للنقاش والبحث واضح الملامح إلى حد ما، لكن المؤتمر الاخير الذي حشدت فيه وزارة الثقافة أكثر الاسماء بريقا مثل ادونيس وجورج طرابيشي ومحمد دكروب وفيصل دراج والطيب صالح وعدد من الوزراء السابقين والحاليين.
هذا الحضور اللافت في الاسماء اضر اكثر مما افاد وطرحت المحاور على طريقة الذي لديه شيء يضعه على المنضدة فكان هناك نقاش حول «مشروع حضاري عربي» و«آلية فاعلة للمثقفين العرب» و«مجتمع المعرفة» و«الإصلاح الثقافي» و«تجديد الخطاب الديني» و«حرية الإبداع» و«أزمة النظام الإقليمي العربي».
ولاشك ان كل محور يحتاج بمفرده إلى مؤتمرات ثمة منطق شمولي في الدعوة إلى مثل هذا المؤتمر يفقده العمق ويؤدي إلى خلط الاوراق والمعالجة من على السطح او باختزال مخل وهو ما حدث مع تلاحق المحاور وكثرة الاسماء والنقاش في قاعات صغيرة لا تسع غير المشاركين انفسهم، والمفارقة التي تثبت ان المؤتمر كان كرنفالا واحتفالا يلتقي فيه الاصدقاء القدامى ومحترفو الظهور والذين لا يملون من طرح اطروحات قديمة بعضها اكاديمي مغرق في التخصص.. المفارقة التي اعنيها ان التوصيات التي انتهى اليها المؤتمر لم تخرج من رحم الاوراق وانما كان من الواضح انها معدة سلفا لتسجيل موقف سياسي وذر الرماد في العيون فهي تتحدث عن حق المقاومة للفلسطينيين وتطالب بجلاء الاحتلال عن العراق وتدعو إلى تجديد الخطاب الديني.. الخ ولا اعتقد ان مثل هذه التوصيات كانت تحتاج إلى تكبد مشاق السفر واجتماع كبار المثقفين العرب وقد علقت بعض وكالات الانباء على ذلك بالقول ان المؤتمر اختتم اعماله دون الاتفاق على ملامح مشروع ثقافي عربي مستقبلي كما كان يدعو المشاركون في فاعلياته، او بما يعني بوضوح ان المؤتمر لم يحقق طموح المشاركين فيه!
أمركة المشروع
الاتهام الذي فرض نفسه بقوة على المؤتمر انه يخدم المشروع الامريكي في المنطقة العربية، ورغم ان الاسماء التي اعلنت معارضتها بقوة هي في حقيقتها معارضة على طول الخط لسياسة وزارة الثقافة، الا ان هذا لا يمنع من مناقشة الاتهام خاصة في توقيت المؤتمر الذي يتواكب مع ترتيبات امريكية تدخل في صميم الثقافة العربية بدءا من مناهج التعليم ومرورا بخطبة الجمعة، كما ان التركيز على الخطاب الديني الذي يمثل الشوكة القاتلة الآن لاطماع امريكا في العراق واطماع اسرائيل في فلسطين يثير حفيظة البعض على اعتبار ان ضرب الخطاب الإسلامي في اللحظة الراهنة على الاقل يخدم المخططات الاستعمارية أكثر مما يخدم الشعوب العربية.
ولهذا كان الكاتب الاماراتي عبدالخالق عبدالله محقا في دعوته الى تشخيص اللحظة الراهنة عربيا ودوليا قبل التفكير في مشروع ثقافي عربي للمستقبل وقال: لم تعد المفردات والمصطلحات القديمة تتسع لواقع يتطور كل لحظة في حين لا نزال ضحايا ثنائيات الاصالة والمعاصرة والعلمانية والإسلامية ونحن والآخر، وهي ثنائيات لا تصلح لهذا الزمان على حد تعبيره.
وربما لدفع الشبهة عن المؤتمر، أو بحكم قناعة عدد من المثقفين اصحاب المواقف المعروفة، كان هناك دعوة لرفض المشروع الامريكي لتغيير الخريطة الثقافية في الوطن العربي وطرح مشروع بديل، وهو مطلب جدير بالاهتمام والتشجيع والسؤال كيف يتحقق؟ وما مدى الشوط الذي قطعه المجتمعون للوصول إلى هذه الغاية؟
إعلان الهزيمة
من المؤكد ان المائة والعشرين مثقفا او يزيد لا يمثلون اتجاها واحدا، وهي ميزة ان يجتمعوا، لكن من حقنا ان نسأل إلى ماذا توصلوا.
بعد ثلاثة ايام من النقاش، فمثلاً اعلن الناقد احمد مرسى رئيس دار الكتب المصرية قبل المؤتمر مباشرة انه يخشى ان ينفض السامر بكلام «كبير» ليس الا، كما تخوف الروائي الطيب صالح من عادة عربية وهي تحويل أي شيء إلى قضية على حد قوله.
وشكك محمد دكروب في وهم الاتفاق على شيء لان المثقفين ليسوا كتلة واحدة متجانسة، فهناك المعارضون بدرجات وهناك الموالون للانظمة وايضا المستقلون القادرون على النقد عبر «مسار نضالي ومعرفي معا» مؤكدا ان أي مشروع ثقافي لن يتحقق الا عبر هذا المسار. ورفض كلوفيس مقصود فكرة تأسيس اتحاد للمثقفين العرب على غرار اتحادات الكتاب والصحفيين داعيا إلى ضرورة التحرر من فكرة ان الثقافة مهنة وافضل ما يلخص لنتائج المؤتمر ما طرحه جورج طرابيشي وهو ان الذي هزم خلال مائة عام هو ثقافتنا العربية، فهزيمتنا بالاساس ثقافية، لاننا كما يقول نضع ثقافتنا في كفة والثقافة الغربية في كفة فلا نجد وزنا يضعنا بموازاة الغرب، فنحن في هزيمة مستمرة في مواجهته، فالامة هزمت فعلا ويجب عليها ان تتقبل الهزيمة ثم تبدأ التفكير في كيفية الانتصار.
اذا كان الواقع مهزوما وفي حالة عجز، فهل التصور النظري عن هذا الواقع سيكون افضل حالا؟ وهل يمكن وضع روشتة لكل القضايا بهذه السهولة؟ والسؤال الاهم هل عقد هذا المؤتمر اضاف جديدا إلى عشرات الاطروحات حول اوجاع الثقافة العربية؟
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved