الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th July,2003 العدد : 22

الأثنين 28 ,جمادى الاولى 1424

حين القسوة كلٌّ ولا جزء فيه
علي العمري

(1)
الشوق بما هو حالة تنفجر داخل شخص يأخذ الصفة من حاله فيسمَّى بالمشتاق كونه المُكابدَ سُخُونة الداخل، هذا الشوق ضَرْبٌ مذكورٌ في سُلَّم الحب كشكل لعلاقة مصْرومة بين اثنين.
(2)
تتعدد حالة الشوق بعدد المتروكين على الأرض يشتاقون، واحدٌ يشتاق واحداً هو أيضاً له مُشتاق، مشتاق لآخر لا يبادله الأشواق، مشتاق يتشوّق في موضوع شوقه إلى إضاءة الجسد وإطفاء الرغبة التي كانت الوقود، ومشتاقٌ لا يدري لماذا اشتاق ولا لمن هو مشتاق، مراتب شتى تتنوع فيها لعبة الشوق، وربما أكثفُها وأكثرها دواماً الشوق يستبد بالواحد حتى يرى في شوقه الشوق كله.
(3)
الشوق يَنْسترُ في الباطن فلا يظهر منه إلا العلامةُ، حيناً من ساخن اللفظة على اللسان، أو ما يُبْصَرُ ولا يُفَسَّرُ في العيون لأن الحدقة في مائها تَهْتاجُ من صُوَرِ معشوقٍ تسيلُ من معارج المخيلة التي تدأبُ في الرسم حتى فيما يقلُّ من سيئ المنام.
(4)
لا شفقة على مشتاق لو تحرَّقَ، مثلما أن الرأَفة حماقةٌ بمن لم يمسُّهُ الشوقُ ولا رآه.
(5)
خطلٌ لا يليق أن يعجز القاموس فلا يمدُّ اليدَ لأولئك المخطئين من يتوهمون أن الشوق حالة اللهفة لأي كان ولو شيئاً ولو آخر ليس المحبوب، إذ الشوق حَصْرٌ على علاقة تنشد بين اثنين ثم تتقطع لتتقدح الأشواق.
(6)
في حال من اشتاق أحداً لا يبادله الكهرباءَ ذاتها، تَنْفقد الرحمة، ولا يعود هو الشخص إلا ضعيفاً يتوكأ على عشقه الناقص كلما حاول الدبيَب خفيفاً، دون يُلام إن أَنْكرَ أو جازف يَرْجُمُ الناس بالظنون، فلا أحَد يدركُ ما يُهْدَرُ من نعمة الشوق ولا ما يَعْصِفُ بالأضلاع في الصدر، ثُم إن كل مواساةٍ مجردُ هُزءٍ، تصغيرٌ لضخامة الفادح الذي يكبر كلما تنَّفس لعنة الأشواق.
(7)
ليس الرأٌفَةَ ولا العطْفَ ولا ما يُمكنُ من صفةٍ من الصِّفات تليقُ بحال كينونة صمَّاء لم يأْتها الشوقُ من أي باب إذ كلُّها مغلَّقةٌ، وعليها الصخْرةُ الحياةُ، تلك ذاتٌ إلى المُبْهَمِ أقرب فهي ليست المعروفةَ مادامت بلا مفتاح يفتضُّ انحاءها فتَعْرَفُ وتُعْرِفُ، حين الشوق بابٌ إلى تَأَنْسُنِ العظْم وما فوقه من اللحم، لكن لما يَحْدُثُ أو لما يوجد مثل أولئك، أَلغُموضٍ في القِسْمَة وَعِلَّةٍ في النصيب، أم لشيء يتعلق بالذات ذاتها ويكون خُسرانَها الصَّميمَ من الحياة، أم لأنها ذات صمّاء وَحَسْب، وما لا يليق أن تُلاك مثلُ تلك الذوات ليس بالألْسن فقط بل، أيضاً بالأعين، ولا أن يسأل أولئك بأي حالٍ من الأحوال كيف للقسْوة أن تصبح كُلاّ كاملاً ولا جُزْءَ فيه.

++++
alialamri2000@yahoo.com

++++
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved