مطالعات
دريد الخواجة في «رهائن الصمت» القصصية:
تذهب المجموعة نحو رسم صورة المفارقة الدائمة في الأحداث
عبدالحفيظ الشمري
|
للاديب الدكتور دريد يحيى الخواجة تجربة طويلة في مجال الكتابة الادبية والتي توزعت بين النقد والعمل الابداعي، اضافة الى انشغاله بتدريس مواد الادب واللغة.. فقد توج هذه الجهود باصدار مجموعته القصصية الجديدة التي وسمها بعنوان «رهائن الصمت» واشتملت على العديد من القصص القصيرة التي راوحت بين التوسط والقصر صور فيها الكاتب حياة المجتمع بصورة واضحة وصادقة.. بل انه عمد الى التقاط الكثير من المفارقات الاجتماعية التي غالبا ما تكون مادة مهمة لاي حكاية ففي هذه اللوحات السردية يقدم الراوي شهادات مقتضبة جدا تصف حالة الشخوص وتحدد ابعاد حياتهم وتفاعلهم مع من حولهم.
عنصر الزمن ودلالات الصور
تذهب نصوص المجموعة الى رسم صور حياتية محددة المعالم كما في قصة «الطبيب» و«أم عبد المعين» وشخصيات اخرى يبرع القاص في وصف حياتهم الدقيقة.. فقصة «شهوة ميت» يذهب الراوي الى رسم لوحة أسرية عفوية تتمثل في هيئة هذا «الخال» العجوز الذي يحتضر ولا يجد من يهئيه للنهاية الا امرأة خائفة مترددة لا تدري ما الذي تفعله حتى تتوج النهاية ذاتها بما تريد ليسقط الرجل جثة هامدة ولم تنطفىء «السيجارة» بعد.
هنا ندرك أهمية الزمن لدى الكاتب فحينما يصور لنا لحظات الموت نراه وقد اختار وقتا مناسبا يصلح للقصة.. فهاهو يفي بما يرجوه القارىء لتأتي القصة على هيئة لوحة واضحة المعالم.. كما ان اسقاطات هذه الصور التي يلتقطها الدكتور دريد الخواجة هي حالة شبيهة بالواقع تماما ان لم تكن هي في الاصل كذلك.
لكل صورة يرسمها القاص ما يقابلها في الواقع، حتى انك ترى كيف يصف رحلة «طائرة مكسيكية» «المجموعة ص 31» وكأنه يقدم مسيرة عمر كامل على هيئة اضمامة سخية تحتشد فيها رغباته وآماله وطموحاته.. بل بعضها ما يمكن ان نقول عنها اوهاما عصبة.. صعبة الحصول ومستحيلة التحقيق، لتأتي حالة الافصاح سردا مقننا يفضي الى حالة فهم واضح لما يمكن ان تؤول اليه الأحداث حتى تصبح اللوحة اكثر وضوحا في هذا المشهد الحياتي المترامي..
يعمد القاص د. الخواجة الى استقصاء حقيقة بعض الحكايات التي يستردها من ذمة التاريخ لنراه وقد اعمل قلمه في نحت هذه الجماليات التي تفيد القارىء وتؤكد احقية الحكاية في ان تمارس دورها الحقيقي في ذهن القارىء.. فهاهي قصة «الطيران» تصف قصة واقعة حلت بالقرب من «بئر السبع» ذلك المكان الرمز الذي سطرت فيه العديد من الحكايات والقصص الخالدة لتضحية «الانسان الفلسطيني» ..
ذلك الذي هو بحق المعجزة العربية الباقية لنا.. فمن هذه القصة يعيد القاص رسم تفاصيل الحياة المعاندة.. تلك التي لا تستسلم للجلاد ولا تأبه بسياطه.
وعلى هذا المنوال تسير قصص «رهائن الصمت» تاركة في هذا السياق الاستشرافي عدداً من الحقائق الهامة والمواقف المؤثرة لتجعل من النص لوحة مكتملة البناء حتى ان القارىء يجد في هذه النصوص فرصة مناسبة لان يحقق المتعة والفائدة التي يبحث عنها.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
