الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 28th August,2006 العدد : 168

الأثنين 4 ,شعبان 1427

لمحات من الماضي
المدرسة الأميرية بالأحساء«1-2»
عبد الله بن أحمد الشباط

هو محمد بن علي النحاس المولود بقرية شبين الكوم في مصر عام 1310هـ 1892م وفيها تلقى تعليمه ثم عمل بالصحافة في جريدة (كوكب الشرق) التي تصدر بالقاهرة ثم عمل في التعليم إلى أن ترقى إلى وظيفة مفتش على مدارس البنات بالقاهرة، ثم ندب إلى الحجاز فعين مدرساً في مدرسة جدة في رجب عام 1349هـ ثم رفع إلى وظيفة معاون مدير مدرسة الوجه في أواخر العام، وفي عام 1349هـ أسندت إليه إدارة مدرسة الوجه إلى عام 1354هـ حيث عين مديراً لمدرسة ينبع حتى عام 1355هـ، وفي عام 1356هـ ندب لفتح مدرسة الأحساء الأميرية واستمر مديراً لمدرسة الأحساء الأميرية ومعتمداً للمعارف بمنطقة الأحساء حتى عام 1360هـ.. ولظروف صحية نقل من التعليم إلى وظيفة مدير مالية رابغ عام 1361هـ ثم مالية ضبا ثم مديراً لمالية تبوك عام 1366هـ، حتى توفي عام 1372هـ.
وأثناء فترة عمله في الحجاز لم يقبع على كرسيه ينتظر التعليمات بل نراه يعمل بجد ونشاط يزور المدارس ويبحث في السجلات وكتب التاريخ لمعرفة تطور الحالة التعليمية خلال العصور التي سبقت الحكم السعودي مما تمخض عنه بحث في تاريخ التعليم نشرته جريدة (أم القرى) العدد 207 الصادر بتاريخ 3 رجب عام 1347هـ تحت عنوان: (التعليم في المملكة الحجازية ونجد وملحقاتها) تحدث فيه عن التعليم في العهد التركي وأنه متأخر جداً إلى درجة أنه لم يكن هناك مظهر للتعليم، وإنما كل ما هناك مدارس ابتدائية تُعنى بنشر اللغة الرسمية للحكومة وبعض العلوم أو المعلومات الإدارية لإعداد كادر من الموظفين البسطاء للعمل في مراكز الدولة ومضى العهد التركي وأعقبه عهد الحسين بقضه وقضيضه دون أن يحدث شيئا من التغيير، أو يفكر في إنشاء أي مرفق للتعليم حتى جاء العهد السعودي فأخذ الإصلاح العلمي شكلاً موسعاً ونشطت الحكومة لتعميم المعارف واختيار الرجال الأكفاء الذين لا يفترون عن التفكير في أنجح الوسائل وأكبرها فائدة لترقية معارف هذه البلاد وفي نفس السياق قال: زرت مدارس الحكومة في العهد السعودي فرأيت أساتذة مخلصين جلبتهم إدارة المعارف خصيصاً لهذا الغرض، ورأيت من ذكاء الطلبة واستعدادهم لتلقي العلم بشهية ونفوس عالية ما ملأني مرحاً ورجوت كل خير من هذه الحركة المباركة إلى آخر ذلك المقال.
وأثناء زيارة الملك عبدالعزيز للأحساء عام 1349هـ التمس بعض السكان الراغبين في تعليم أبنائهم فتح مدرسة ابتدائية في الهفوف فأوعز جلالته لمديرية المعارف بتلبية الطلب.. وقد سارعت المديرية في عام 1350هـ بإرسال اثنين من المعلمين هما: الشيخ عبد الجليل الشعلان الأزهري، والشيخ راغب القباني فافتتحا مدرسة في شارع الخباز.. غير أنهما مكثا ستة أشهر دون أن يأتيهما أحد من التلاميذ، مما اضطرهما إلى إغلاق المدرسة، ويعزى أحد أسباب هذا الإخفاق إلى أن الشيخ راغب القباني الدمشقي الأصل، وخريج الأزهر، الذي أوكلت إليه إدارة المدرسة لم يكن على دراية بأوضاع الأحساء ودور علمائها ونفوذهم واعتدادهم بمنزلتهم العلمية.. ومما يؤكد هذا ما روي عن ارتباك وقع فيه الشيخ القباني بطريق الخطأ غير المقصود، عند حديثه عن الحالة العلمية المتردية في المنطقة، وذلك في خطبة له في جامع الإمام فيصل بن تركي في الهفوف.. فتشير الرواية إلى أن الشيخ القباني بعد أن استهل خطبته ببيان فضل العلم ومنافعه، شرع يتكلم عن الجهل، وكيف أنه ضارب أطنابه في هذه المنطقة.. وقد فات على الشيخ أن مثل تلك الأقوال تؤثر في المشايخ والعلماء تأثيراً كبيراً إذ اعتبروها إهانة لهم، إضافة إلى ما كانوا قد تشبعوا به من فكرة سيئة عن المدارس الحديثة من الناحية الأخلاقية، ولذلك سعوا في عدم تعضيدها والتنفير عنها حتى أغلقت بعد بضعة أشهر.
ورغم فشل تلك المحاولة فقد أوعز جلالة الملك عبدالعزيز إلى مجلس الوكلاء بالاهتمام بموضوع نشر التعليم في مقاطعة الأحساء.. فأصدر المجلس قراراً برقم 23 بتاريخ 1841355هـ تضمنت الفقرة السادسة منه أمراً بتأسيس مدارس في الأحساء (الهفوف) والقطيف والجبيل وشقراء وبريدة وعنيزة وحائل.. على أن تقوم مديرية المعارف العامة بوضع النظام ورصد الميزانية المالية، وذلك بأخذ قرش واحد من الوارد والصادر من ميناء العقير بالأحساء، لينفق منه على المدارس المذكورة.
وللإسراع في فتح مدرسة الأحساء وتذليل الصعوبات المالية والإدارية فقد وافق النائب العام لجلالة الملك في الحجاز بخطابه رقم 6734 بتاريخ 266 1355هـ على ترشيح السيد عبد الله قاضي مدير مالية الأحساء للاضطلاع بأعباء وظيفة أول معتمد للمعارف في المنطقة وذلك علاوة على عمله الأصلي.. ثم تتابعت الإجراءات لفتح مدرسة حكومية ابتدائية في مدينة الهفوف إذ اختارت مديرية المعارف العامة الأستاذ محمد علي النحاس للقيام بفتح أول مدرسة أميرية بالأحساء.
وكان الأستاذ النحاس رحمه الله طوال إقامته في الحجاز ثم في الأحساء ذا مشاركة فعالة في النهوض بالحركة العلمية والثقافية فهو يزور مدارس الحجاز ويلم بالعلماء في الحرمين الشريفين ويلتقي بكبار رجال الفكر والثقافة، وفي الأحساء نجده لا ينقطع عن مجالس الفقهاء والأدباء وفي مقدمتهم مجالس آل الشيخ مبارك (الشيخ راشد بن عبد اللطيف وابنه الشيخ يوسف بن راشد والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم والشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وغيرهم من أعلام أسرة آل الشيخ مبارك) وكذلك أسرة الملا والقاضي والنعيم وفي المبرز كثير الإلمام بمجلس الشيخ محمد بن عبد الله آل عبد القادر وكانت له علاقات طيبة بوجهاء الأحساء كالشيخ محمد العجاجي وإبراهيم الجعيمان وعبد الله القصيي وإبراهيم الحملي وفي المبرز محمد بن أحمد الموسى وعبد الرحمن الراشد ومحمد بن خالد العبد القادر وعبد العزيز البراك.. كما كان ذا صلة وطيدة بالأستاذ زكي عمر مدير الجمارك بالأحساء وكذلك الشيخ عبد الله قاضي مدير مالية الأحساء ومعتمد المعارف بها اللذين ساعداه ووقفا بجانبه وقدما له الكثير من التسهيلات لإنجاح مهمته التي قدم إلى الأحساء من أجلها.
وهكذا افتتحت أول مدرسة حكومية منتظمة في عام 1356هـ أطلق عليها اسم (المدرسة الأميرية السعودية) واتخذت من مبنى الحميدية في وسط سوق مدينة الهفوف مقراً لها.
وبدأت المدرسة بأربعين طالباً معظمهم من طلبة مدرسة النجاح القديمة، ثم تزايد العدد بعد بضعة أسابيع حتى وصل حوالي 160 طالباً.. وكان مما ساعد النحاس في فتح المدرسة والإقبال عليها، وقوف المشايخ والأعيان معها، وكذلك جهود السيد عبد الله قاضي مدير مالية الأحساء ومعتمد التعليم في المنطقة الذي كان يحضر كل صباح إلى مبنى الحميدية لإلقاء بعض الدروس.
أما الهيئة التعليمية التي شارك أفرادها الأستاذ النحاس في حمل المسؤولية فتكونت من الأساتذة:
1 الشيخ يوسف بن راشد المبارك.
2 الشيخ عبد الله بن أحمد الهاشم.
3 الشيخ عبد الرحمن بن أبي بكر آل ملا.
4 الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن آل ملا.
5 الشيخ محمد بن عبد الرحمن النعيم.
6 الشيخ عبد الرحمن القاضي.
7 الشيخ مشعان بن ناصر المطلق.
وقد انضم لهم فيما بعد كل من الأساتذة:
1 الشيخ حمد الجاسر.
2 الأستاذ محمد نور جوهري.
3 محمد سالم الزهراني.
4 علي أحمد الغامدي.
5 عبد الحميد مرداد.
6 عبد القدير عنبر.
7 السيد محمد الخليفة.
8 السيد عبد الله الخليفة.
وفي عهد الشيخ (النحاس) أُنشئ (مجلس معارف الأحساء) من مدير وستة أعضاء، ثلاثة من العلماء وثلاثة من أعيان أهل البلد، وربطت إدارة شؤون التعليم في المنطقة بهذا المجلس من حيث تعيين الموظفين وفصلهم، وتقرير رواتبهم، وغير ذلك من جميع الأمور المتعلقة بالتعليم، على أن تعرض قراراته على مديرية المعارف العامة لتتخذ حيالها ما تراه.. وقد أسندت رئاسته إلى الشيخ محمد بن عبد الله آل عبد القادر قاضي مدينة المبرز.
ولم يجد الأستاذ (النحاس) في هذا المجلس خير عون له، فما كان أعضاؤه يدرون الكثير من أحوال التعليم، وقد كان من بينهم من كان قوي الصلة بالأمير وهو مستشاره الخاص، وكانت صلة (النحاس) به حسنة، فكان يبلغه ما يجري بالمجلس من صغيرة وكبيرة، فتبلغ الأمير مع وجهة نظر (النحاس) في الموضوع الذي يراد من المجلس دراسته فيتلقى من ذلك المستشار وجهة رأيه أول الأمر التي تكون مطابقة لوجهة نظر الأمير، وهي في الوقت نفسه ما سبق للأستاذ (النحاس) أن أقنع المستشار به، وعلى ضوء هذا يتخذ المجلس قراره مطابقاً لما يرغب الأستاذ (النحاس) اتخاذه، وبهذا أصبح المجلس أداة طيعة لتحقيق ما كان يتطلع إليه فيما يعرضه من شؤون التعليم، لكنه مع كل ذلك لم تكن له مطامح تتعارض مع المصلحة العامة، وأصبحت قرارات المجلس لا تعرض على مديرية المعارف.
وكان الشيخ عبد الله قاضي مدير المالية ومعتمد المعارف بالأحساء يزور مقر المدرسة مع بعض موظفيه لمساعدة النحاس في تعليم التلاميذ، وحثهم على العلم وإغرائهم ببذل الوعود بتوظيفهم في المالية بعد تخرجهم.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved