الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 29th March,2004 العدد : 52

الأثنين 8 ,صفر 1425

الناقد حينما يتهم البريء ويبرئ الخائن.. السمطي أنموذجاً

الحمد لله القائل: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْماً مُّبِينًا}، والصلاة والسلام على رسول الله القائل: (من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخَبال حتى يخرج مما قال).(1)
لقد تفاجأت كما تفاجأ كثيرون بما نُشر في الملحق الثقافي لجريدة الجزيرة، في عدده الخمسين من اتهام عجيب غريب لشيخنا الدكتور عائض بن عبدالله القرني حفظه الله بأنه قد سرق كتابه(قصائد قتلت أصحابها) من كتاب مغمور عنوانه:(شعراء قتلهم شعرهم) لسمير فراج، دون أي بينة سوى الظنون الكاذبة، وما علم هذا المتهم للشيخ أن مثل(هذه الدعاوى على هؤلاء الأجلة من أهل العلم لا تقلل من شأنهم، ولا تنقص من أقدارهم)(2)، بل ترفعهم وتنشر ذكرهم ومصنفاتهم.. (فالادعاء على أحد بالسرقة العلمية وهو منها صفي نقي شيء يزيد المدعى عليه ولا ينقصه، ويرفعه ولا يسقطه، والنقص والسقوط لازمان للمدعي، حالاّن فيه). (3)
وتأكيداً لهذا الأمر فقد تأملتُ (حجة) صاحب التهمة فإذا هي متهافتة، حيث إنه بعد بحث وتفتيش وتنقيب في كتاب الشيخ! لم يعثر إلا على (نموذج واحد) يزعم أنه شاهده في هذه التهمة العظيمة!، حيث ادعى أن الشيخ قد سرق قصة مقتل (هدبة بن خشرم) من كتاب فراج المذكور؛ نظراً للتشابه بين القصتين!.. وحيث إن الكتابين كتاب الشيخ وكتاب فراج في مكتبتي، فقد عدت إلى القصة المشار إليها عندهما فتبينتْ لي الحقيقة الناصعة التي أخفاها المتَّهِم!، وهي أن الاثنين كان مصدرهما في القصة واحداً، وهو كتاب(الأغاني) للأصفهاني الذي أورد القصة في كتابه (21 277 298).. ولكن الفارق بين الكاتبيَنْ أن الشيخ لأمانته العلمية عزا القصة لمصدرها الأصلي، بينما فراج لم يعزها لأي مصنف قبله!!.. فظن صاحب الاتهام الحصيف! أن الشيخ قد سرقها من فراج!!، وما علم أن صاحبه الذي أوحى إليه بالكتابة، هو السارق! حيث لم يعز القصة إلى مصادرها الأصلية بخلاف صنيع الشيخ الذي عزاها إلى(معجم الشعراء)، و(أسماء المغتالين)، و(الشعر والشعراء)، إضافة إلى المصدر الأساس لنقله وهو (الأغاني)، كما في (ص 173) من كتاب الشيخ، ليصدق في شيخنا ما قاله السيوطي في كتابه(الكاوي): (وقد علم الناس من عادتي في التأليف أني لا أنقل حرفاً من كتاب أحد إلا مقروناً بعزوه إلى قائله، ونسبته إلى إلى ناقله، أداءً لشكر نعمته، وبراء من دَرْكِه وعهدته).(4)
وكتاب الشيخ المذكور(قصائد قتلت أصحابها) شاهد على هذا، حيث عزا كل قصة نقلها إلى مصادرها في أول نقله، بخلاف صنيع صاحب كتاب(شعراء قتلهم شعرهم) الذي ينقل القصص الطوال دون عزو أو مصادر، وكأنه مخترعها!!، ثم يأتي بعد هذا من يتهم الشيخ بالسرقة من أمثاله، وكان الأولى بالناقد السمطي ومن وراءه أن يتحرى ويثبت قبل أن يأخذ البريء بتهمة صاحبه المتَّهم الحقيقي.
وقد جاء في أنواع السرقات العلمية أن منها(الاقتباس أو الاجتزاء غير المشروع، وهو نقل أو اقتباس جزء من المصنَّف دون الإشارة إليه).(5).. وهذا بالضبط ما فعله سمير فراج في كتابه!، فوا عجباً للسمطي كيف فاته هذا؟!.
وقد ختم صاحب المقال مقاله بعبارة لها دلالاتها عند الأذكياء! وهي(إن كتاب سمير فراج طبع مرة واحدة في سبع سنوات لقاء مكافأة زهيدة من لدن الناشر.. فيما طبع كتاب عائض القرني.. ثلاث مرات في عام واحد)!!، وليت فراجاً وصاحب المقال يتذكران هنا قول السيوطي فيمن يسرق من غيره دون عزو:(وهكذا سنة الله فيمن أغار على كتاب المصنفين، ولم يؤد الأمانة أن يُخمل ذكره وذكر كتابه، ويُعدم النفع به في الدنيا إلى يوم مآبه).(6).. أما أحباب الشيخ فأعزيهم بقول الشاعر:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالقوم أعداء لهم وخصومُ
أسأل الله أن يحفظ الشيخ الأديب الدكتور عائض القرني، وأن يبارك في جهوده المتنوعة لنشر الخير والأدب الرفيع، وأن يجعله مسدداً في أقواله وأفعاله، وأن يحميه من كيد الحاسدين.. وما كتبت هذا إلا دفاعاً عن علم من أعلام أمتنا في هذا الزمان، خشيت أن يُتَطاول عليه أو يتهم بما ليس فيه.. وصلى الله على نبيِّنا محمد وآله وصحبه وسلم.
1 أخرجه أحمد (5385) وصححه الشيخ أحمد شاكر.
2 مقدمة (الفارق بين المصنف والسارق) للسيوطي تحقيق الشيخ علي حسن عبدالحميد ص 29.
3 السابق ص 30.
4 (2 949 950) نقلاً عن السابق (ص22).
5 السرقات العلمية، لحسان عبدالمنان (ص 94).
6 الفارق..، (ص 53).
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved