الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 29th November,2004 العدد : 85

الأثنين 17 ,شوال 1425

سعد البواردي
عبدالمحسن بن محمد التويجري
أكتفي باسمه المجدد كعنوان لمشاركتي هذه؛ لأنه (علم في رأسه نار) كما يقول المثل، وذلك بعد أن علمت بأن صحيفة الجزيرة اليومية رديفة الرياض وشقيقتها دأبت في الآونة الأخيرة على إصدار ملحق مجاني في أحد أيام الأسبوع بمسمى (الثقافية)، وأنها تخصص في ذلك الملحق حيزاً منه لكي تتناول أحد رموزنا الأدبية مرةً بعد أخرى، وتنوه عن آثاره وإنتاجه بأقلام محبيه ومعارفه من الأدباء والمثقفين الذين يعرفونه عن كثب. وقد علمت أيضاً أن من ضمن أولئك النفر الأخ الأديب المطبوع والشاعر الموهوب الأستاذ سعد بن عبدالرحمن البواردي الذي عملنا معه ومع أضرابه في كنف الشيخ حمد الجاسر علامة الجزيرة ردحاً من الزمن في كل من اليمامة الصحفية ثم المجلة في عصر الأفراد، ثم الرياض في عهد المؤسسات الصحفية.
وكان لي وله ولبعض الزملاء في تلك الفترة مقالات يومية، ثم صفحات أسبوعية حسب توجيه عميد الصحافة في المنطقة الوسطى رحمه الله وغفر له، ورحم أيام زمان إن صح التعبير، والله المستعان.
أعود إلى ضيف الجزيرة الغراء في ملحقها الثقافي هذا أبي عبدالرحمن، فأقول وبالله التوفيق، وعليه نتكل:
إن سعداً هذا يُعدُّ من مفاخر وطننا العزيز، وأدبائها المرموقين، رغم أنه لا يحب الظهور، ويتوارى عن الأنظار في معظم الأحيان، ولكنه رغم ذلك بارز بأدبه وثقافته ومؤلفاته العديدة والمفيدة شعراً ونثراً ورواية.
ثم إن صاحبنا يتسم بالصراحة والوضوح.. وهما صفتان محببتان لديَّ. وبسببهما نِلتُ ما نِلتُ من تعب ونصب ووصب في مسيرة حياتي المتواضعة. فنحن صنوان ومثيلان، وإن كنت لا أدانيه في النشر والتأليف. ولكن كما قال الشاعر:
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبُّه بالكرام فلاح
ثم إن صديقنا يتصف بالتواضع والبساطة، ويتحلى بالأخلاق الفاضلة والصفات النبيلة.
أضف إلى ذلك الوطنية والإخلاص، وصدق اللهجة، وحسن التعبير، وسلاسة الأسلوب، وحلاوة المنطق.
وأضرب مثلاً بركنه الأسبوعي في اليمامة أيام كانت صحيفة بعنوان (مع الناس)، يعرض مشكلاتهم ويصورها خير تصوير، ثم يحاول إيجاد حلول لها حسب رؤيته الثاقبة، وبصيرته النافذة، ورأيه الصائب في معظم الأحيان.
وله وفقه الله عدة مؤلفات أدبية وقصصية ودواوين شعرية، كما أنه أصدر مجلة الإشعاع الشهرية بالمنطقة الشرقية، فصارت رافداً قوياً لمجلات تلك الفترة. وقد أسْهَمْتُ فيها ببعض المقالات المتواضعة من باب جهد المقلِّ في سلسلة عنوانها (من واجبات المسلم) على ما أذكر.
وعلى كل حال، فسعد البواردي عَلَمٌ من أعلام الأدب، وفارس من فرسان الشعر لا يشق له غبار، وله دور كبير في عالم الصحافة بالمنطقة الوسطى، وكان ينوب عن الشيخ حمد رحمه الله في رئاسة تحرير اليمامة أحياناً عند سفره. وفي إحدى مرات نيابته
نشر شخص من كتَّاب المنطقة الجنوبية مقالاً كانت عليه بعض الملاحظات، فتصديتُ له ورددتُ عليه، فنشرها أبو عبدالرحمن شكر الله سعيه في عمودٍ افتتاحي للصحيفة، وبقيتها في داخل الجريدة. ثم كثر الحديث حول ذلك المقال، ورد عليَّ بمقال آخر. وتصدَّت صحيفة الندوة لكتَّاب المنطقة الوسطى بالانتصار للكاتب الجنوبي، وقامت معركة بين الصحيفتين لفترة من الزمن، وساهمتْ في ذلك صحيفة القصيم أيام صدورها، وبالذات في عهدها الأول لا الأخير.
ومرَّت الأيام.. وكأن شيئاً لم يكن، ولا داعي للتفاصيل؛ فذلك تاريخ مضى وانقضى، ولله في خلقه شؤون.
وأخيراً وليس آخراً يبدو أنني أثناء الحديث عن أديبنا الكبير تعرضتُ لنفسي، وتحدثت عن بعض مشاركاتي، أو بالأحرى أشرتُ إليها عامةً لكوني من جيله ومعايشاً له. وما على شيخ مثلي يدْلُفُ إلى الثمانين سنة أن يتحدث عن نفسه؛ خشية أن ينساه الناس في خضم هذه الأحداث والتراكمات التي تأكل الأخضر واليابس.. وتعصف بنا عصفاً، وتكاد أن تنسفنا نسفاً.
وفي الختام أُحيِّي سعداً في الأدباء البارزين، وأحيِّي سعداً في الشعراء الخالدين، وأحيِّي سعداً في الوطنيين المخلصين. وأشكر صحيفة الجزيرة في خطواتها الرائدة، ولمساتها التي تُسجَّل لها بمدادٍ من نور، وأحرف من ذهب.
وما هذه الملحقات المتتالية والمستمرة على مدى الأسبوع إلا دفعات قوية نحو صحافة متجددة وثابة، تساير العصر، وتمشي إلى الأمام بخطى ثابتة، وأقدام راسخة، لا تعرف الملل ولا الكلل. فحيا الله القائمين عليها، ووفقهم لقول الحق، لا يخافون فيه لومة لائم.
ولا غرو فالصحافة هي السلطة الرابعة في الأمة، فعسى أن تؤدي دورها الوطني المطلوب منها. والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
تذييل: أعود فأكرر اعتذاري للأستاذ سعد، ولمحرر ملحق (الثقافية)؛ فلقد استأثرت بجزء من هذه المشاركة للحديث عن نفسي كزميل وصديق للأخ سعد الْمُجَلِّي. وعذري فيما فعلتُ قول الشاعر:
يهوى الثناء مُبرِّزُ ومقصِّرُ
حب الثناء طبيعة الإنسان
فهو المُبرِّز وأنا المقصِّر
ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه
فماذا فعلتُ؟ ماذا عملتُ؟ لا شيء لهذا الوطن العزيز.
فمقالاتي السابقة وإسهاماتي اليسيرة ذهبت أدراج الرياح، ولم أُحَبِّر أي كتبٍ أو مؤلفات حتى الآن؛ لأن شروط التأليف غير متوفرة لديَّ. والغريب في أمري أنني في أول هذا التذييل أعتذر عن إشغال القارئ بأمور تتعلق بشخصي الضعيف، ثم أعود فأقع في نفس المشكلة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تناقص في داخلي، واضطراب في فكري، وقلقٍ يحيط بي من كل جانب.
ولا غرابة فإنني جزء من هذا المجتمع المتناقض المضطرب القلق، وانعكاس له؛ لأنني فرد من أفراده. والاعتراف بالحق فضيلة، وعسى أن نكون جميعاً من عشاق الفضيلة، عسى ولعل:
مُنًى إن تكن حقاً تكن غاية المنى
وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved