الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 29th December,2003 العدد : 41

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1424

قالها الشاعر يحيى يخلف فى وداع الراحلة:
فدوى طوقان سنديانة فلسطين وأم الشعراء

* عمان الجزيرة خاص:
برحيل الشاعرة فدوى طوقان، فقدت الأمة العربية أكبر شاعرة عربية معاصرة، وان وزارة الثقافة، وهي تنعى شاعرتنا الكبيرة بألم عميق، وإحساس بالخسارة الفادحة تدرك ان تراث سنديانة فلسطين وأم الشعراء فدوى طوقان، باق ومستمر جيلا بعد جيل. فقد بدأت مسيرتها الشعرية منذ أكثر من ستين عاما، حيث شاركت على صفحات مجلات وصحف عربية عديدة، مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب في العراق، وصلاح عبدالصبور في مصر، وغيرهم من رواد الشعر العربي الحديث، في تطوير حركة الشعر العربي، وتجديد مضامينه الاجتماعية والوطنية، وأشكاله الفنية. وكان ديوانها الأول «وحدي مع الأيام» باكورة الدخول المتوهج إلى هذه المشاركة العميقة، رغم انه كان مفعما بالأحزان على شقيقها الشاعر ابراهيم الذي توفي في سن مبكرة حتى لقبت بسبب بكائها الطويل عليه، خنساء فلسطين، امتداداً لمراثي الخنساء العربية التراثية على شقيقها صخر.كان ابراهيم طوقان الشاعر الذي طبقت شهرته الآفاق في فلسطين وبقية الدول العربية في مطلع القرن الماضي (1905 1941) قد أعطى كل جهده التثقيفي ووقته وحنانه لشقيقته الصغرى فدوى فصقل موهبتها الشعرية وشجعها على النشر، لتصبح شاعرة معروفة وقادرة على فرض احترامها على المجتمع التقليدي آنذاك، فبعد ان كانت تنشر بأسماء مستعارة تحت ضغط هذا المجتمع انطلقت للنشر باسمها الصريح، بقامة عالية، فتحت من خلالها آفاقا جديدة، ليس للقصيدة فحسب، وانما للمجتمع نفسه ايضا وبخاصة للمرأة ودورها الفعال فيه.
تتابعت الإصدارات الشعرية لفدوى طوقان، مرحلة بعد أخرى، على امتداد العواصم العربية. بعد «وحدي مع الأيام» كان إصدارها الثاني «وجدتها». ولم يكن بالصدفة هذا العنوان، فهو يشير إلى ان شاعرتنا الكبيرة كانت قد «وجدت» نفسها، وانطلقت من دائرة الأحزان التي حاصرتها في حارة «الياسمينة» كبرى حارات نابلس التي ترعرعت فيها وأحبتها، واحتضنت صباها، إلى فضاءات الشعر التي تألقت أمامها في كل مكان. ثم كان اصدارها الثالث «اعطنا حبا» وقد نضجت تجربتها الشعرية، واتسعت للحب الانساني الشمولي الذي تتربع فوق ذروته فلسطين، ونكبة العام 1948، وتواصلت مجموعاتها الشعرية، عن دار الآداب في بيروت، وغيرها من دور النشر العربية، من «أمام الباب المغلق» إلى «على قمة الدنيا وحيدا» إلى «الليل والفرسان» إلى «تموز والشيء الآخر» إلى «قصائد سياسية»، وصولا إلى سيرتها الذاتية التي أصدرتها في كتابين، الأول بعنوان «رحلة جبلية، رحلة صعبة»، والثاني «الرحلة الأصعب».
كانت فدوى طوقان قد حملت خلال هذه المسيرة الطويلة عدة ألقاب أسبغها عليها شعبنا الفلسطيني، والأمة العربية، والحركة الثقافية العربية بشكل عام، منها «سنديانة فلسطين» و«أم الشعراء» تعبيرا عن وفاة الأمة والحركة الثقافية لشاعرتنا الكبيرة.
وقد حصلت شاعرتنا الكبيرة عن جدارة وبما يليق بمكانتها الشعرية الراسخة، على عشرات الجوائز الفلسطينية والعربية والدولية، وترجمت قصائدها إلى لغات عديدة، وقدمت عن شعرها وحياتها، رسائل وأطروحات جامعية متنوعة، وعلى مدار عدة أجيال، تدرس قصائدها في معظم المراحل التعليمية في فلسطين، وفي كثير من الأقطار العربية.
إن خسارتنا برحيل فدوى طوقان فادحة ومؤلمة، إلا ان عزاءنا الكبير هو بما خلفته لنا، وللعرب أجمعين، من مجموعات شعرية تفيض بإشراقات جبال فلسطين، وبحر فلسطين، وحارات وقرى ومخيمات فلسطين، وبسيرتها الذاتية التي تشحن بنا الأمل والقدرة على مواجهة الصعاب والتغلب عليها، ان تراث فدوى طوقان باق تماما كما يبقى الجبلان جرزيم وعيبال في نابلس، تراث حضاري وانساني تحيا به الأجيال، وتحفظه، وتضيف إليه، عهداً بعد عهد. وان وزارة الثقافة، مع كل المؤسسات والهيئات الثفاقية في فلسطين، ستعمل على حماية هذا التراث ورعايته بكل الجهد والإصرار على مواصلة الطريق.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved