الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 29th December,2003 العدد : 41

الأثنين 6 ,ذو القعدة 1424

صدى الإبداع
حرق الكتب في التراث العربي
تأليف: ناصر الحزيمي(4 4)
د.سلطان سعد القحطاني

ذكر المؤلف طرقاً كثيرة في اتلاف الكتب، منها الحرق، والغسل، والدفن، والإغراق، وغير ذلك.. وهذا الفصل أفرده للسلطة وموقفها من الكتاب، وقد رصد فيه عدداً ليس بالقليل على مدى عشرة قرون، بدأت من القرن الأول، وبالتحديد من السنة الثانية والثمانين للهجرة، وبكتاب «فضائل الأنصار وأهل المدينة» الذي كتبه ابان بن عثمان بن عفان، حيث وصل الكتاب إلى عبدالملك بن مروان عن طريق ابنه سليمان بن عبدالملك، وكان ولياً للعهد، رفضه عبدالملك، بل أتلفه،والغريب في الأمر أن سليمان لم يكن يعرف للأنصار فضلاً في الفتوحات والجهاد، بل كان يجهل كل شيء، عنهم، وكانت ثقافته عكس ذلك تماماً، وما كان ذلك إلا بتأثير إعلام السلطة الأموية التي تنسب الفضل لبني أمية دون غيرهم، وقد أورد الأستاذ الحزيمي النص كاملاً، نقلاً عن أحد المصادر التاريخية، دون أن يعلق عليه، وكان يفعل هذا مع كل من ذكرهم في مؤلفاته.
وقد عرض المؤلف في هذا الفصل لقضية مهمة في الفكر العربي الإسلامي، كان موقف الخليفة العباسي، المهدي منها شديداً للغاية، تلك قضية الزنادقة، فقد كان شديداً في حقهم وقتلهم وإتلاف كتبهم، ولا يقبل منهم التوبة، وقد ذكر المؤلف هنا حادثة «المقفع» فقد اختلف في أمر هذا الرجل، فهناك من قال: إنه زنديق، وهناك من قال: إنه ثائر خرج على الدولة العباسية، والزندقة كانت صفة ألصقت به لتبرير قتله؟؟!! أما المؤلف هنا فيذكر أنه قتل من أجل الزندقة، وليس هذا مجال مناقشة أمره لكن أوردنا ذلك للفت النظر، وليس لدينا الدليل القاطع والفصل في قضيته وقد جعله المؤلف من ضمن الزنادقة الذين أمر المهدي بقتلهم وإتلاف كتبهم، فهل انتهت الزندقة بنهاية هؤلاء؟ أو أن ذلك كان مبرراً للانتقام منهم؟ الواقع أن قضية الزندقة لم تنته بما فعل المهدي، وإن كان قد اجتهد في القضاء على الموروث المانوي في الثقافة الفارسية، فقد ذكر ابن الجوزي في كتابه «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» هذا النص الذي أورده المؤلف «وفي نصف رمضان أحرق على باب العامة صورة ماني وأربعة أعدال من كتب الزنادقة»
وابن الجوزي من علماء القرن الرابع الهجري، والمهدي في القرن الثاني، فإن هذا دليل على تمسك الفرس بمعتقداتهم الوثنية، وإن كان البعض منهم يصلي مع جماعة المسلمين فإنه ما زال يعبد إلهه في خلوته، كما يقول الشيخ محمد عبده في كتابه «الإسلام بين العلم والمدنية» ومن ذلك ما تسبب في قتل ابن المقفع، في سنة 142 للهجرة.
والمؤلف الحزيمي يسرد أحداثاً جمعها من كتب التاريخ، وأخبار إتلاف الكتب دونماً تعليق أو شرح، ويوثقها توثيقاً جيداً، فيورد أخبار ابن سينا الذي اتهم بالإلحاد، وكيف تاب وتصدق وصار يختم القرآن كل ثلاثة أيام، ويتبرأ من كثير من أفكاره، وكان يجب على الباحث أن يشير في هذا الصدد إلى توبة ابن سينا أما من يتهمونه إلى اليوم بالكفر والإلحاد، ويعتمدون على أفكاره الفلسفية القديمة، وما يرون فيها من مخالفة للدين، وهذا خلل منهجي في هذا الكتاب، الذي يعتبر مرجعاً فكرياً، لو أن شخصية المؤلف ظهرت فيه، بدلاً من مهنة الوراق الناقل فقط، في زمن يحتاج إلى مثل هذه الدراسة، لكن المؤلف أراد أن يقدم وجبة سريعة، مع أن الكثير من الكتب التي ذكر أنها أتلفت، أو أحرقت كما يقول، بقي منها نسخ حُقِّقَتْ، وهي موجودة، كان من المفترض الاشارة إلى وجودها، ومن المآخذ الكبيرة على هذا الكتاب:
1 سرعة البحث وعدم إتقانه من الناحية العلمية.
2 العنوان غير موفق، فقد اختار الجزء من الكل، فالحرق جزء من الإتلاف، وكان يجب أن يكون العنوان «إتلاف الكتب في التراث العربي» فالعنوان عنوان تجاري لا يتفق مع مضمون كتاب علمي.
3 غياب شخصية المؤلف في هذا البحث، على ما فيه من الأهمية.
4 كان من المفترض نشر هذا الكتاب عن دار علمية، وليست داراً تجارية تهتم بالشكل دون المضمون.
5 كان من المفترض مراجعته من قبل مختص قبل صدوره.
وبالرغم مما ذكرت، فالكتاب نواة علمية فيها فائدة كبيرة، ونرجو أن يراعي المؤلف بعض ما ذكرنا في طبعته الثانية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved