الغربال
أ. د. عبدالله بن محمد أبوداهش
|
قال الشاعر:
لقد دفن الأقوام أروع لم تكن
بمدفونة طول الزمان فضائله
ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البُّر ساحله
يمر على الوادي فتثني رماله
عليه وبالنادي فتبكي أرامله
سما نعشه فوق الرقاب وطالما
سرى جوده فوق السحاب ونائله
أفاض عيون الناس حتى كأنما
عيونهم مما تفيض أنامله(1)
قلت: أحسن هذا الشاعر في هذه الأبيات، فالممدوح قمين بهذا الثنا، إذ يصدر عن هذه المعاني بمكارمها المختلفة، وحسن الخلق وتمامه، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..» أو كما قال عليه السلام.
قرر الشاعر في بيته الأول تمام دفن هذا الممدوح الذي لم تدفن فضائله، ومضى في بيته الثاني فدعا بالسقيا على قبره الرمز ذي المكارم، وزاد بخيال بعيد يستوعب هذه المكانة، فقال:
ففيه سحاب يرفع المحل سيبه
وبحر نداه استغرق البر ساحله
ألا ترى وقع الألفاظ في دلالاتها، ومدى حسن توجيهها، مثل ألفاظ: يرفع، استغرق، يمر، فتثني، فنبكى، والمحصلة تمام المكارم، وألم الفوات، وعظيم الحزن، حمل نعشه على الرقاب، فسما عليها، ولكنه في حقيقته المعنوية أكبر من ذلك، إذ علا صيته من قبل فطاول السحاب، وتجاوزها، وعندئذ فاضت عيون الخلق، فهي كثيرة البكاء شأن جوده الفياض!
(1) زبادة، «نيل الوطر»1/413.
* أستاذ ورئيس تحرير مجلة جامعة الملك خالد أبها
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
