الشعراء الشعبيون وتسويق عاميتهم (بالفصيح)!
|
أذكر أن أحد الشعراء الشعبيين نشر قصيدته العامية في صفحة كاملة بإحدى الجرائد.. وقد عنونها بعنوان عربي فصيح.. بل هو شطر بيت للشاعر (المتنبي).. العنوان هكذا (على قدر أهل العزم تأتي العزائم).
ورغم أني خُدعتُ بعنوان القصيدة فحاولت قراءة الأبيات بالفصحى إلا أنني سرعان ما اكتشفت عاميتها.. فصرفت النظر عنها إلى التأمُّل في صورة صاحبها مرتدياً (العباءة الرجالية) وبكامل أناقته الإعرابية.. يعني (اللي ما تعجبه قصيدتي تعجبه صورتي أو العكس).. وعفواً لهذا الاقتباس الشعبي.. لكنني أنا في لهجتي العامية شعبي.. وأعيش في وسط كله شعبي.. وأتعامل مع الناس بلهجة شعبية واضحة.. فأنا ضحية مجتمعي وبيئتي ولا يَدَ لي في هذا المستنقع الذي أعيشه.. نعم! أُسميه مستنقعاً.. لأن هويتنا هي العربية.. وشعارها الفصحى ودستورنا الذي هو كلام الله تعالى اللغة العربية السامية.. بها نفتتح صلواتنا.. وبها نغفو على ترديد الآيات البليغة.. بل إن إعلامنا الرسمي، هو اللغة العربية الفصيحة.. على الأقل في نشرات الأخبار التي لا تصلح إلا بهذه اللغة التي توحِّد بين شعوب العرب وتلمُّ شمل المسلمين ولمواجهة قوى الشر ليس لنا مواجهته إلا باللغة العربية.. حين نتصدى لهم بسلاح الفصحى الرهيب.. ولو اجتمع عقلاء المشرق والمغرب لاصطفاء لغة عربية موحَّدة ما استطاع أولئك الأشرار النفاذ إلينا.. بل لم يجدوا لهم ثقب إبرة ينفذون من خلاله.. والعودة إلى الأصل واللغة العربية الفصل لا يكون إلا بأن نَتَحَصَّن بالقرآن الكريم وأساليبه الفريدة في التدليل على الإله الواحد واختياره للإسلام ديناً شمولياً كاملاً في نفسه.. تاماً في تفاصيله..
ومن الأمور المساعدة أو الضرورية في إعادة لغتنا العربية للصدارة والاحتفاء بها تلقين الصغار قبل الكبار.. عبر وسائل الإعلام خصوصاً تلك البرامج المرئية والمدبلجة الموجهة للأطفال، والأمر يحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ للعودة بنا جميعاً إلى لغة الضاد.. ليتم استعمالها على نطاق أوسع.. وفي أماكن أرحب.. ليزداد تألقها وحضورها.. وبالتالي انحسار اللحن الفظيع في معظم كلامنا.. ومن ثم اختفاء التخاطب باللهجات الشعبية التي ملّ منها الكثيرون.. ورأوا الحاجة ماسّة إلى التحدُّث بالفصحى.
فاللغة الفصحى تنطوي على كثير من الأسرار البلاغية والبيانية.. وفيها الكثير من الجمال الأدائي والدلالي يستطيع من خلالها المتحدث أن يبدع وأن يأتي بالجديد الممتع الرائع.. ألا تتفقون معي في ذلك؟
بدر عمر المطيري
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|