الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 30th May,2005 العدد : 108

الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1426

رائد من جيل الرواد النبلاء
عبداللطيف الجوهري*
لا شك أن الاحتفاء بعطاء الرواد الأعلام وتكريمهم والاشادة بنبوغهم في حياتهم سلوك حضاري وقيمة أخلاقية سامية، تنم عن أمة عظيمة واعدة بالنهضة والتقدم والازدهار؛ ذلك لأن الأمم العظيمة هي التي تُعنى بالاحتفاء بعطاء النبوغ ونبوغ العطاء، وتعمد إلى إبراز عطاء الأعلام الرواد من أبنائها عبر مختلف الوسائط (الوسائط التربوية والإعلامية)، لينهل الباحثون وطلبة العلم من معين تلكم الفئة العبقرية الذي لا ينضب، والاهتداء بمصابيح خبراتهم وأسباب نجاحهم وتميزهم وآثارهم العبقرية.
* ومن ثَمَّ تأتي هذه اللغة العبقرية من القائمين على (المجلة الثقافية) في صحيفة (الجزيرة) الغراء، بتخصيص عدد كامل من (سماء النجوم) للاحتفاء بعطاء النبوغ للأديب النجيب والإعلامي الرائد الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط، فكرةً سديدةً ووجهةً رشيدة.
هذا الرجل النبيل الذي أثرى الحياة الأدبية والنهضة الإعلامية والإصلاح الاجتماعي بنقده البنَّاء وتعاطيه الجريء لقضايا الوطن والأمة، واقتراح الحلول البناءة، فضلاً عن عطائه الفذ للفكر والأدب والثقافة والصحافة، كذلك الأدوار الوظيفية التي تقلدها في الإدارة الوطنية منذ عمل في حقل التربية بالشهادة الابتدائية وانتقاله للعمل في المجالس البلدية بداية بعمله سكرتيراً لمجلس بلدية الدمام عام (1373هـ)، مروراً بعمله مساعداً لرئيس بلدية الخبر عام (1382هـ)، وصولاً لترشيحه لرئاسة بلدية المنطقة المحايدة وتفرغه للكتابة والتأليف منذ ذلك التاريخ عام (1388هـ 1969م).
لقد كان تفرغ أديبنا عبدالله الشباط للكتابة والتأليف والعمل الإعلامي خيراً وبركةً على النهضة الأدبية والثقافية والإعلامية، برغم أنه لم ينأ قط عن الكتاب والكتابة والإعلام منذ أن استأنف الدرس النظامي وطلب العلم في المعهد العلمي بالأحساء، ومشاركته في تحرير مجلة (هجر) التي أصدرها المعهد العلمي وصولاً لاصدار مجلة (الخليج العربي) في (131376هـ 1957م) لستة أعداد، ومعاودة إصدارها صحيفةً أسبوعيةً أوائل عام (1377هـ 1958م) واستمرار صدورها حتى عام (1381هـ 1962م)، وهكذا تبوأ استاذنا عبدالله الشباط موقع الريادة في تاريخ الصحافة في المنطقة الشرقية من بلاد الحرمين بعامة والأحساء بخاصة، ليشارك مع اخوانه الحجازيين الرواد في النهضة الصحافية في المملكة العربية السعودية الفتية.
* أما رحلة الرجل مع القلم ومعالجة فنون الأدب والثقافة المختلفة فحصادها مكتبة ثقافية متكاملة في الأدب والأخلاق والتربية والإصلاح الاجتماعي.. وعطاء الشباط في تلك المجالات الأدبية والثقافية والإصلاحية يحتاج إلى باحثين متفرغين يعكفون على درس ذلك النتاج العبقري، الذي يتبوأ به الشباط مكانة سامية في مصاف الأدباء الرواد وفي زمرة أعلام النهضة الأدبية والإعلامية والاصلاحية في بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية بخاصة وفي الوطن العربي ولكل الناطقين بلغة الضاد في العالم بعامة.
* ولقد ساعد على توهج العطاء الأدبي والثقافي لأديبنا الشباط نشر كثير من نتاجه الأدبي بخاصة والثقافي بعامة في زوايا ثابتة في مجلات مثل (المجلة العربية) و (المنهل) وفي صحف مثل جريدة (اليوم) وغيرها، ثم قيامه على جمع مادة تلك المقالات في كتاب مثلما فعل في كتابه (حديث الثلاثاء) وغيره من كتبه ومؤلفاته ذات المضامين المتنوعة تنوع التكامل والثراء، وصولاً لأحدث اصداراته ومؤلفاته (نوافذ على الحضارة الإسلامية) الذي صدر في طبعته الأولى عام (1424هـ).
* ولم يتبوأ الشباط تلك المنزلة المرموقة في تاريخ النهضة الأدبية والثقافية والإعلامية من فراغ، أو بالتمني، أو بالوسائل النفعية والانتهازية الوصولية، او بالاعتماد على ميراث عظامي.. بل بالكفاح والجهاد والعصامية والسهر والأدب والدأب واسترشاداً بهدي الإسلام العظيم وحكمة العرب وانطلاقاً من قوله تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة التوبة، واستئناساً بحكمة الشعر العربي:
ألا بالجد تُكتسب المعالي
ومَنْ طلب العُلا سهر الليالي
ومأثور أبي الطيب المتنبي:
وإنّي لمن قومٍ كأنَّ نفوسنا
بها أَنَفٌ أن تسكن اللحم والعظما
وقول البارودي:
ومَنْ تكن العلياءُ همة نفسه
فكلُّ الذي يلقاه فيها مُحَبَّبُ
إنَّ الأستاذ الشباط توافر له ولرفقته من جيل الأدباء والاعلام العصاميين من الدافعية الذاتية لطلب العلم والعمل به والطموح لرقي الحياة وحياة الرقي ما لم يتوافر لجيل الرخاء والحلية ممن أخلد للراحة وحياة الدعة ودعة الحياة مع الاقبال على القيم الاستهلاكية، الأمر الذي عزَّ معه ظهور الشخصيات العصامية المبدعة مثلما هو الحال مع جيل البناة المؤسسين، برغم توافر الإمكانات وتيسُّر وسائل التعليم بأحدث الوسائل والتقنيات، وانفساح المجال أمام الطاقات الابداعية للأجيال الشابة، الأمر الذي استوقف أبناء ذلك الجيل من الأعلام النبلاء من أمثال أديبنا الكبير الشاعر السفير الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك، وأديبنا التربوي الرائد السيد محسن أحمد باروم، وقبلهما علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر، ومن أفذاذ جيل الأعلام النبلاء الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي، وصاحب اثنينية جدة الأستاذ عبدالمقصود خوجة، ومن أعلام واحات الأحساء الفقيه المحدث الشاعر الشيخ عبدالرحمن بن أبي بكر الملا الواعظ، والأديب التربوي الدكتور علي بن عبدالعزيز آل عبدالقادر، والاعلامي الأديب التربوي الأستاذ حمد البوعلي، والأديب المؤرخ الشيخ عبدالرحمن بن عثمان الملا، وشقيقه عبداللطيف الملا، والشاعر الناقد المخضرم الأستاذ عبدالله الرومي..
* كما أن وراء عطاء أستاذنا الشباط الفذ في مختلف جوانب نشاطه وانتاجه في حقل الأدب والثقافة والإعلام شخصية ثرية مستقيمة الطبع، وذهنا متقدا، وطموحا لا حدود له، وعشقا للعلم والأدب والثقافة جما، ومواقف للحق ومع الحق لا تعرف الزيف والمداهنة أو النفاق والتزلف على حساب المُثُل العليا ومصلحة الوطن والأمة، الأمر الذي انعكس على أسلوبه في تحرير مقالاته ودراساته وتصانيفه، عذوبةً في اللفظ كعذوبة عيون الأحساء، وسلاسة في الأسلوب وبناء الجمله كسلاسة الماء المنساب في جداول الأحساء الجميلة، وعمقاً في التناول كعمق مجد الأحساء وحضارتها الأصيلة، مع رقة في العرض كرقة نسائم الأحساء العليلة، وبساطة عبقرية في تناول القضايا ومعالجة الأفكار كبساطة أهل الأحساء في رزانة أحلامهم.
* ولقد جاء تكريم الشباط في المنتديات حقاً أصاب أهله، كما في احتفاء اثنينية خوجة بجدة بدعوة من راعيها رجل المال المثقف الأستاذ عبدالمقصود خوجة.
وكما جرى لأستاذنا الشباط من تكريم من قِبَل مركز الأمير سلمان الاجتماعي في (1061419هـ 1101999م) ضمن كوكبة من رواد الثقافة والأدب، وكما جرى له من احتفاء وتكريم في اثنينية النعيم الثقافية بالأحساء في موسمها الثقافي من نحو عام (1424هـ)، وكان لي شرف استقبال أديبنا الكبير مع راعي الندوة الصديق الأستاذ محمد بن صالح النعيم في الأحساء، كما شرفت مجلة (شمس الكفاح) التي أصدرتها مدارس الكفاح بالأحساء والتي شُرفت برئاسة تحريرها باختيار أديبنا عبدالله بن أحمد الشباط شخصية العدد الثاني (1424هـ) بعد أن اختارت شيخ أدباء الأحساء وعميد الأدب فيها السفير الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك شخصية العدد الأول الذي صدر عام (1423هـ) تقديراً لدور الرجلين في نهضة الأدب وازدهار الثقافة في المنطقة الشرقية بخاصة والمملكة بعامة.
وكما جاء اختيار الشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك وتكريمه في المهرجان الوطني للثقافة والتراث والفنون واختياره شخصية العام لسنة (1424هـ) نرجو من القائمين على مهرجان الجنادرية قبول ترشيح اثنينية النعيم الثقافية بالأحساء للأستاذ الشباط ليحظى بحقه في التكريم على المستوى الوطني ويحظى أبناء الوطن والأمة بنماذج مضيئة من جيل الرواد وبُناة النهضة المعاصرة، ليكونوا لهم نبراساً على طريق الكفاح والنجاح.


* كاتب أديب وتربوي مصري
عضو اتحاد الكتاب المصري

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved